الروس يدفعون لاتفاق في الوعر... وترقّب في منبج

05 مارس 2017
مسار منبج بات معقّداً (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تسعى روسيا للحد من النفوذ الإيراني المتنامي في مدينة حمص السورية، عبر الاتجاه نحو إبرام اتفاق في حي الوعر، آخر الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة، ينصّ على خروج مقاتلين ترى موسكو أنهم "ينتمون إلى جبهة فتح الشام، مع تعهّد روسي بعدم تهجير سكان الحي إلى الشمال السوري"، وذلك في وقتٍ تتجه فيه الأوضاع في مدينة منبج نحو مزيد من التأزيم، في ظل مؤشرات إلى نوايا تركية باستئصال مليشيا "الوحدات الكردية" من المدينة حتى لو تناقض ذلك مع الإرادة الأميركية.

في هذا الصدد، سقط العديد من القتلى والجرحى، صباح أمس السبت، بقصف من قبل طائرة حربية تابعة للنظام، وفق ما أفاد مدير مركز حمص الإعلامي، أسامة أبو زيد، لـ"العربي الجديد". وأشار إلى أن "الطائرة قصفت الحي بستة صواريخ دفعة واحدة، وحالة بعض المصابين حرجة نتيجة الاستهداف المباشر لتجمعات المدنيين".

وقد صعّدت قوات النظام من وتيرة استهداف حي الوعر منذ السابع من شهر شباط/ فبراير الماضي، لدفع المعارضة إلى توقيع اتفاق تخرج بموجبه من الحي، مع عدد كبير من سكانه إلى محافظة إدلب في شمال سورية، في سيناريو تكرر كثيراً في محيط العاصمة دمشق وحلب، وذلك في سياق استراتيجية النظام وحلفائه الهادفة إلى إفراغ المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من أهلها، ما يُعد، وفق منظمات دولية، "جرائم حرب".

وأفاد مركز حمص الإعلامي بأن "أكثر من 40 مدنياً قُتلوا في حي الوعر منذ 7 فبراير، بينهم نساء وأطفال، كما أُصيب 253 شخصاً، وشنّ الطيران التابع للنظام 122 غارة على الحيّ". مع العلم أنه من المقرّر عقد لقاء، غداً الاثنين، بين ممثلي لجنة التفاوض في الحي، وضباط روس من القاعدة الروسية في منطقة حميميم بالساحل السوري، لتحديد مصير أكثر من نحو 50 ألف نسمة داخل حي الوعر.

وكشفت مصادر في المعارضة أن "الروس طرحوا مشروع اتفاق يتضمن خروج مقاتلي جبهة فتح الشام من الحي، باتجاه الشمال السوري، وتسوية أوضاع مقاتلي المعارضة، وإبقائهم في الحي بتعهد روسي، وفك الحصار المفروض منذ نحو ثلاث سنوات". وأضافت أنه "من الواضح أن الجانب الروسي يحاول قطع الطريق أمام مليشيات إيرانية ساعية لفرض سيطرتها على الحي، وهو ما يؤكد وجود تنافس روسي إيراني للسيطرة على مفاصل جغرافية هامة في سورية".



من جهتها، ذكرت مصادر محلية في حي الوعر لـ"العربي الجديد"، أن "المليشيات الطائفية تحاول تهجير سكان حي الوعر، وأن ارتكاب المجازر بحق المدنيين يأتي في سياق هذا المسعى"، مشيرة إلى أن "اتفاقاً مع الجانب الروسي ربما يسهم في إجهاض المساعي الإيرانية، خصوصاً إذا ضمن الاتفاق بقاء أهالي الحي والنازحين إليه من بقية أحياء المدينة داخله". وشدّدت المصادر على أن "الحي خال من وجود مقاتلين من جبهة فتح الشام". وسبق أن عُقدت العديد من الهِدَن في الحي، ولم يلتزم النظام والإيرانيون بها، تحديداً لجهة مطلب أهالي حي الوعر بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام.

في منبج، شمال شرقي حلب، بات الوضع أكثر تأزماً، في ظلّ المخاوف من صدام دام بين قوات المعارضة السورية المدعومة من الجيش التركي وقوات "سورية الديمقراطية" التي تشكل الوحدات الكردية عمادها، وسبق أن سلّمت مناطق في ريف المدينة الغربي لقوات النظام وحزب الله للحيلولة دون دخول الجيش السوري الحر إلى المدينة.

في هذا الإطار، أكدت مصادر إعلامية أن "القوات الأميركية نشرت المزيد من المدرعات والآليات العسكرية شمال المدينة، لتفصل بين سورية الديمقراطية وقوات المعارضة السورية، لتفادي صدام ربما يغيّر من معادلات خطة أميركية لم تتضح بعد، لانتزاع السيطرة على مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية".

وأكد قياديون في الجيش السوري الحر أن "التفاهمات والضغوط الإقليمية والدولية لن تحول دون انتزاع السيطرة على مدينة منبج من الوحدات الكردية، لأن المدينة تشكّل البوابة للاتجاه شرقاً نحو محافظة الرقة. كما أن السيطرة على منبج تُجهض مسعى النظام لفتح طريق بري يربط بين محافظة الحسكة، أقصى شمال شرقي البلاد، وحلب".

في غضون ذلك، ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جيف ديفيس، أن "النظام وروسيا أرسلا مصفّحات عسكرية إلى مليشيات قوات سورية الديمقراطية في منبج تحت غطاء إنساني". وكان رئيس المديرية العامة للعمليات في هيئة الأركان الروسية سيرغي رودسكوي، قد أعلن، يوم الجمعة، أن "القاعدة الروسية في حميميم أرسلت القافلة الأولى من المساعدات الإنسانية التي تحتوي على مواد غذائية وطبية إلى منبج".

بدوره، شنّ وزير الدفاع التركي فكري إشيق، أمس السبت، هجوماً على مليشيا "الوحدات الكردية"، معتبراً أن "المنظمة هي الأكثر إجراماً بحق الأكراد في سورية". وأشار إلى أن بلاده "تدرك جيداً أن المليشيا تسعى لتشكيل منطقة خاصة بها في شمال سورية، لكن القوات المسلحة التركية ستنزل الضربة القاضية بهم حين يجرؤون على مثل هذه الأمور".

وأكدت وسائل إعلام تركية أن "تركيا تعتزم إطلاق عملية عسكرية جديدة لطرد قوات سورية الديمقراطية من منبج، وأن العملية ستنطلق بمشاركة نحو ألفين من الجيش السوري الحر، على أن تبدأ عقب زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الروسية موسكو، في 10 مارس/ آذار الحالي". وأضافت أن "أنقرة ماضية في العملية العسكرية حتى لو قررت واشنطن الوقوف إلى جانب هذه القوات التي تتولى الوحدات مهام التوجيه والسيطرة فيها".