كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن مؤشر جديد يظهر موافقة ضمنية أميركية على بقاء نظام بشار الأسد، عبر أشارتها إلى أن روسيا وإيران، اتخذتا قراراً استراتيجياً للقتال من أجل الأسد لإنقاذه، بموافقة أميركية صامتة.
محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة أليكس فيشمان، وفي مقال بعنوان "الروس في سماء سورية"، كشف أن طيارين من سلاح الجو الروسي سيبدؤون تنفيذ طلعات في سماء سورية في الأيام القريبة المقبلة، مستخدمين مروحيات قتالية ومقاتلات تابعة لسلاح الجو الروسي ضد أهداف "داعش"، وضد "المليشيات الإسلامية المتطرفة" العاملة لإسقاط نظام الأسد.
ونقل فيشمان عن مصادر دبلوماسية غربية، أن طلائع القوة للجسر الجوي الروسي قد وصلت إلى سورية وتمركزت في مطار تسيطر عليه قوات الأسد، وهو على ما يبدو مطار قائم في محيط دمشق، وسيتحوّل لمطار روسي بكل معنى الكلمة. وسيصل إلى سورية لهذا الغرض في الأسابيع المقبلة، آلاف العناصر من العسكريين الروس من مختلف الاختصاصات: مستشارون، مدربون، رجال التنظيم اللوجيستي والتقني، ومقاتلون في سلاح المدفعية، وطيارون يشغلون المقاتلات الجوية التي ستصل من روسيا، إضافة إلى بطاريات صواريخ مضادة للطائرات.
وفيما أشارت الصحيفة إلى أن روسيا كانت تعتزم في الماضي، بحسب تقارير صحافية قديمة، تزويد سورية بمقاتلات "ميغ 29" وطائرات للتدريب من طراز "ياك 130"، القادرة على القصف أيضاً، فإنه ليس واضحاً اليوم أي طراز من المقاتلات الجوية الروسية ستحط في سورية وتشارك في عملية إنقاذ الأسد ونظامه، إلا أن وجود طيارين روس في سماء سورية، يشاركون في العمليات القتالية الجوية، سيؤثر من دون أدنى شك في موازين القوى وفي قواعد "اللعبة" في منطقة الشرق الأوسط.
اقرأ أيضاً: غطاء روسي ــ إيراني لمجازر الأسد: لم نغيّر موقفنا
ومع أن فيشمان أكد أن الوجود الروسي هو بالأساس من أجل حماية نظام الأسد ولا يحمل أية نوايا عدائية ضد إسرائيل أو أي جهة سيادية أخرى في المنطقة، إلا أن هذا الوجود سيؤثر بطبيعة الحال على اعتبارات وحسابات تفعيل سلاح الجو الإسرائيلي.
وبحسب فيشمان، فإن مصادر دبلوماسية غربية تتحدث منذ فترة عن وجود اتصالات بين روسيا وإيران حول خطر "داعش" على النظام السوري، وفي هذا السياق استقبلت موسكو قبل نحو شهر قائد لواء القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني. وجزم فيشمان أن الروس والإيرانيين اتخذوا قراراً استراتيجياً ببذل كل جهد ممكن للإبقاء على الأسد حتى تتمكّن سورية من البقاء حاجزاً وسداً أمام وصول "داعش" و"الجهات المتطرفة الأخرى" إلى الجمهوريات الإسلامية التي كانت في الماضي جزءاً من الاتحاد السوفييتي قبل تفككه.
ولعل أهم ما ذكره فيشمان في سياق التنسيق الإيراني-الروسي، هو الدور الأميركي في هذا المضمار، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تدير أخيراً اتصالات ومباحثات مكثفة وحثيثة مع النظام الإيراني حول سبل التعاون لمواجهة "داعش". ورأى فيشمان أن الإدارة الأميركية بدأت اليوم تنظر إلى إيران باعتبارها محوراً مركزياً وضرورياً، على الأقل في الجبهة العراقية، لمواجهة "داعش".
وأكدت "يديعوت أحرنوت"، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، أن الولايات المتحدة على علم بالقرار الروسي بالتدخّل العسكري المباشر في سورية، إلا أنها لم ترد على ذلك لغاية الآن. بل إن الإدارة الأميركية لم تُبدِ أي احتجاج على هذه التطورات عدا توقّفها عن إصدار تصريحات بشأن وجوب إسقاط النظام القاتل في سورية.
إلى ذلك، كشف فيشمان أن الإيرانيين والروس، وبمعرفة الولايات المتحدة، بدأوا جهوداً لإعادة تأهيل الجيش السوري الذي أنهكه القتال المتواصل وأصابه بالتحلل والانهيار. ويتعدى هذا الجهد تدريب بقايا الجيش السوري، إذ يعتزم الروس تسليح الجيش السوري وعناصره وتكثيف تزويده بالسلاح. وبحسب المحلل الإسرائيلي، كان الروس اعتادوا على مدار الثورة السورية، إفراغ شحنات الأسلحة في ميناء طرطوس مرة أسبوعياً أو مرة كل أسبوعين. وحملت السفن الروسية الصواريخ وقطع الغيار والذخيرة المتنوعة للجيش السوري.
وأشار فيشمان أيضاً إلى أن تركيا التي امتنعت لغاية الآن عن أي نشاط من شأنه أن يقوي الأسد، سلّمت على ما يبدو بالقرار الروسي الإيراني ومع تآكل الموقف الأميركي، فانضمت هذا الأسبوع إلى عمليات قصف مواقع "داعش".
وخلص فيشمان إلى القول إن هذه التطورات تفضي عملياً إلى بناء تحالف إيراني روسي إلى جانب التحالف الأميركي وحلفائه ضد "داعش"، بحيث باتت طهران محوراً رئيسياً، في نظر الدول العظمى، لحل أمراض الشرق الأوسط.
اقرأ أيضاً: لافروف يرفض طرح تنحي الأسد كـ"شرط مسبق"