كعادة كل عام، ومنذ أكثر من سبعة آلاف سنة، ينشغل المصريون، اليوم الإثنين، بتجهيزات وطقوس خاصة، احتفالا بعيد الربيع أو عيد "شم النسيم" كما يطلق عليه المصريون. غير أن الركود الذي طال كل الأسواق في مصر، أبى إلا أن يضم الآكلات التي اعتادها المواطنون بهذه المناسبة، ضمن قوائمه.
عائلات بأكملها تشغل أغلب حدائق ومزارع مصر، يفترشون موائد من المستحيل أن تخلو من أسماك "الفسيخ" التي يخصصها المصريون لهذا اليوم تحديدا من كل عام، فضلا عن البيض الملون وأنواع أخرى من الأسماك المملحة التي يجتمع عليها الصغار والكبار.
ورغم ارتفاع أسعار مختلف أنواع الأسماك المملحة في الأسواق بنسبة تجاوزت الـ30% عن العام الماضي، وتحذيرات خبراء التغذية والأطباء من تناول "الفسيخ بإفراط"، يحرص المصريون على تناولها في المناسبة، الذي تتزامن مع اليوم الثاني لاحتفال أقباط مصر بـ"عيد القيامة"، ويعتبر إجازة رسمية في البلاد.
وبينما تتجه أنظار المواطنين إلى محلات الفسيخ والرنجة لشراء الوجبة الشعبية، يتهم مواطنون التجار بالتسبب في ارتفاع الأسعار، استغلالا للموسم وعدم الرقابة الحكومية على الأسواق.
بينما يشتكي التجار من استمرار حالة الركود، التي جاءت نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار كل السلع، ومن بينها الأسماك، ما أدى إلى عزوف المواطنين عن شراء كميات كبيرة كما المعتاد.
اقرأ أيضاً:
33% ارتفاعا بأسعار الأسماك المصرية لزيادة تكلفة الوقود
وقال علي السعدني، صاحب محل لبيع الأسماك في شرق الإسكندرية (شمال مصر): "الإقبال هذا العام ليس كبيرا مقارنة بالأعوام الماضية، لارتفاع اﻷسعار، والتي زادت بنحو 30%، بسبب نقص المعروض من الفسيخ في السوق".
وأشار إلى أن حركة البيع جاءت مخيبة لأمال الكثير من التجار الذين يعتبرون أن شم النسيم من المناسبات التي قد تساعدهم للهروب من حالة الركود التي تشهدها الأسواق منذ فترة طويلة.
وأشار عمر الشامي، أحد تجار الفسيخ، إلى أن زيادة الأسعار وضيق ذات اليد لدى غالبية الأسر، أثرا على كميات الفسيخ التي يطلبها المشتري، إذ تقلصت من 2 أو 3 كيلو لكل أسرة إلى كيلو واحد أو نصف كيلو في بعض الأحيان.
ويتراوح سعر كيلو الفسيخ ما بين 80 إلى 200 جنيه (10.5 إلى 26 دولارا) والرنجة ما بين 20 إلى 160 جنيها، في حين وصل سعر كيلو السردين إلى 50 جنيها.
وأوضح أن ارتفاع أسعار الأسماك، هو السبب الرئيس في ارتفاع أسعار المملحات هذا العام، بالإضافة إلى اضطرار البائع إلى توفير هامش ربح أكبر لنفسه، بسبب الارتفاع في أسعار كل السلع والخدمات، والذي جاء بعد رفع الدعم الحكومي عن الطاقة والمحروقات والكهرباء والمياه والغاز وغيرها.
وترى الحاجة بركة السيد، ربة منزل، أن وجبة الفسيخ من العادات الأساسية للاحتفال بيوم شم النسيم، يجتمع عليها الأهل والأصدقاء، إلا أن الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات تسبب في إحجام الكثير من العائلات عن شراء الفسيخ، والاتجاه إلى صناعته وغيره من الأكلات التي تباع جاهزة في المنازل لتوفير أي مبلغ يساهم في التصدي لغلاء المعيشة.
وأكدت حرصها، في هذه المناسبة، على إعداد وجبه لعائلتها تحمل أصنافًا من الأسماك المملحة بين فسيخ ورنجة وملوحة وسردين تأتي إليها خصيصا من محافظة كفر الشيخ التي تشتهر بصناعته.
وعن الأضرار التي قد يسببها الفسيخ لصحة المستهلكين، قالت السيدة الخمسينية: "ربنا هو الحامي"، غير متجاهلة ضرورة مراعاة الطرق الصحيحة للتصنيع، والتأكد من جودة المنتج وسمعة المكان الذي يشترى منه كل عام، مؤكدة أن التلوث الذي قد يصيب الأسماك المملحة هو ما قد يصيب أي بضائع أو أغذية أخرى إذا كانت طريقة التحضير غير آمنة، بحسب تعبيرها.
وقال الدكتور مجدي حجازي، وكيل أول وزارة الصحة في الإسكندرية، إن الأسماك الطازجة أفضل من "الفسيخ" في عيد شم النسيم، مشيرًا إلى أن الوزارة تحذر من تناول هذه الوجبة، لما تمثله من خطر داهم على الصحة قد يصل إلى إصابة الأشخاص بالشلل التام أو الوفاة.
وأضاف حجازي، أن إدارة مراقبة الأغذية تكثف من حملات التفتيش في هذه المناسبة على محلات بيع الأغذية، خاصة محلات بيع الأسماك الطازجة والمملحة، وأخذ عينات لفحصها وإعدام ما يظهر عدم صلاحيته، والتحذير من شرائها من البائعة الجائلين.
وأشار إلى تشكيل غرفة طوارئ تعمل على مدار 24 ساعة لتلقى البلاغات ورصد أي حالات أو حوادث طارئة، والتعامل معها على وجه السرعة، مع توفير كميات مضاعفة من الأمصال وترياق السموم وتوفير كافة الأدوية وأكياس الدم في المستشفيات، مع نشر عدد من سيارات الإسعاف في مختلف المناطق.
اقرأ أيضاً:
قفزات كبيرة لأسعار الخضروات في أعياد الربيع بمصر