تزور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الجمعة البيت الأبيض، لإجراء محادثات مع دونالد ترامب في محاولة لمنع اندلاع حرب تجارية بين ضفتي الأطلسي وتحسين علاقتها مع الرئيس الأميركي، وإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني.
وفي زيارتها الأخيرة للبيت الأبيض كان لميركل الحذرة لقاءات عدة محرجة مع مضيفها الأكثر تهورا، فتصادما علنا بشأن الإنفاق الدفاعي والتجارة والهجرة.
وأكدت ميركل هذا الأسبوع أنه، رغم الاختلافات تريد المحافظة على الشراكة الاستراتيجية الراسخة.
وسوف تحاول إقناع ترامب بالتخلي عن تهديداته المزدوجة بفرض رسوم جمركية على المعادن قد تؤدي إلى إثارة حرب تجارية على ضفتي الأطلسي، وسعيه إلى إلغاء الاتفاق النووي الإيراني.
وأعلن ترامب الشهر الماضي عن فرض رسوم نسبتها 25% على الواردات من الفولاذ و10% على الألمنيوم، مشيرا إلى أن الواردات الأجنبية تضر بالأمن القومي الأميركي عبر تقويضها الإنتاج المحلي اللازم من أجل الجهوزية العسكرية. ودفعت ردود فعل حلفاء واشنطن الغاضبة ترامب إلى منح شركاء رئيسيين كالاتحاد الأوروبي استثناء مؤقتا تنتهي مدته في الأول من مايو/أيار.
وعشية زيارة ميركل إلى واشنطن، تضاءلت آمال برلين بأن يتم إعفاء الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية التي تعهد ترامب باتخاذ إجراءات انتقامية لمواجهتها. وقال مصدر في الحكومة الألمانية "علينا أن نتوقع فرض الرسوم في الأول من أيار/مايو. ومن ثم سنرى كيف سنتعامل معها".
كما توقع الاتحاد النقابي الألماني صعوبة تجنب النزاع التجاري في دوائر القرار قبل الموعد المحدد في الأول من مايو، لافتاً إلى أنه ستكون هناك تعريفات جديدة على السلع الألمانية في ظل توجه ترامب لتنفيذ وعوده التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، بأنه يريد إعادة تشكيل منطقة التجارة الحرة لأميركا.
وفي هذا الإطار يرى خبراء في الشؤون الاقتصادية أن المطلوب من ميركل هو التوضيح أن المخاطر التي تشكلها الإجراءات الأميركية لا تقتصر على الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية فحسب، بل ستمتد لتطاول الاقتصاد الأميركي، لافتين إلى أن الهجمات على التجارة الحرة تعرض الازدهار والوظائف على جانبي المحيط للخطر.
ويعتبر هؤلاء أن من الطبيعي أن يسود القلق قطاع الصناعة الألمانية إذا ما تطور النزاع التجاري مع أميركا لكون نصف الوظائف في هذا القطاع يعتمد على الصادرات.
ويعتبر خبراء في العلاقات الأوروبية أن الأمور آخذة في التصعيد، على رغم إعلان المتحدثة باسم المفوضية في بروكسل، أن المفوضية تعلق آمالها على استمرار الإعفاءات وهناك اتصالات مع الإدارة الأميركية للحض على استثناء دائم وغير مشروط.
وتوقفوا عند محاولة مفوضة التجارة الأوروبية سيسيسليا مالمستروم لأسابيع خلت، إقناع ويلبر روس وزير التجارة الأميركي بالتخلي عن التعرفة على الصلب والألمنيوم.
ويتخوف هؤلاء من الفشل المحتمل للمحادثات بين ميركل وترامب لكونه سيضع أوروبا في حالة من الفوضى، وستكون هناك أضرار جسيمة على الاقتصاد الأوروبي وخصوصاً الألماني، بالتالي فالمطلوب الاستمرار في التحدث مع أميركا بشأن الحواجز التجارية بشرط التخلص من التعرفات على الصلب، وربما التفاوض فيما يتعلق بمعايير الصناعة.
وإذا تم فرض التعرفات فعليا، فإن النزاع العالمي سيدخل في المرحلة الثانية من التصعيد، ويبدو أن الأوروبيين أعدوا خريطة طريق مفصلة وتدابير مضادة بمجرد سريان التعرفة الجمركية الأميركية على أوروبا.
ومن المرجح أن تفرض المفوضية تعرفات جمركية على الواردات من الولايات المتحدة، بينها المواد الغذائية والمشروبات الروحية والدراجات النارية والألبسة، انطلاقا من أن المفوضية تعتبر أن التعرفات الأميركية تنتهك قواعد "منظمة التجارة العالمية"، ما قد يسمح باتخاذ التدابير المضادة.
ومن المتوقع أن تصل قيمة تعرفات الاتحاد الأوروبي إلى 2.8 مليار دولار، وهو ما يتوافق مع حجم التعرفات الأميركية على المنتجات الأوروبية، في وقت تتجه المفوضية إلى اختيار السلع بشكل استراتيجي، إذ ستطاول الولايات التي يحتفظ فيها الجمهوريون بالأغلبية.