الرسالة الأخيرة... الكتابة عنكِ والكتابة لكِ

06 يوليو 2017
+ الخط -
فكرت أن أكتب لك رسالة طويلة في عيد ميلادك، أن أسخر مثلاً من تزامن مجيئك إلى الحياة مع عيد استقلال أميركا، وأن أستعير ربما واحدة من مفارقات أيام زمان، وأقول إنني – حتى في الحب - أحمل إرث العبيد والسكان الأصليين (كانت ستبدو مفارقة بائسة وستضحكين عليها. صح؟). 

كنت أريد أن أكتب لك، وها أنا أكتب عنك. تعرفين، أنت بالذات، أن ثمة فرقاً غير قليل بين الكتابة لك والكتابة عنك. كنت تقولين إنني أحب دائمًا تحويل الأشخاص إلى مواضيع، وقد فهمت بطريقة أو بأخرى أن معك حق، وأن احتجاجك النسوي على رغبتي الدائمة بالتحليل، كان احتجاجاً مشروعاً.

 قبل فترة، سألني جندي إسرائيلي على الحاجز ماذا أعمل، قلت له إنني باحث. لا أعرف لماذا. ربما لأنني أعرف معنى المفردة بالعبرية ولا أعرف معنى محرر صحافي مثلاً، أو لأن عندي رغبة بالاستعراض. المهم أنه سألني عن ماذا؟ يقصد عن ماذا أبحث. وجدت نفسي أجيبه "عنكم"، وشعرت أنه مستعد لقتلي مع أي كلمة إضافية.

الناس يكرهون أن يكونوا مواضيع للبحث أو للكتابة والتحليل، خاصة عندما يشعرون أنهم متفوقون علينا. هل تتذكرين الصحافي الإيطالي الذي التقيناه بالصدفة معاً؟ عندما عدت إلى البيت ووجدت أنه طلب صداقتي على الفيسبوك، قبلتها، لكنني بعد أن دخلت إلى صفحته ووجدت مقالاته الكثيرة عنا، عن رام الله والفلسطينيين، حذفته فوراً. 

لم أحتمل فكرة أن أكون أنا موضوعاً أيضاً. قلت له قبل ذلك، إنه يتعامل معنا كأنه خبير "أبيض"، وكان هو يشير إلى بشرته البنية ويضحك. أنا أيضاً لم أحتمل فكرة أن أكون موضوعاً. وطبعا كنت سأتعامل معه بنفس القسوة لو أنه كان أفريقياً مثلاً. 

أما أنا وأنت، فكنت أشعر طوال الوقت، أن على أحدنا أن يكون موضوعاً حتى نستطيع البقاء معا، أن يقبل أنه مادة للتحليل بالنسبة للآخر. قال لي صديق إن المرأة عندما تحب تستسلم لفكرة أن يكون شريكها أذكى، أو ربما تفضل ذلك. لحظة. قبل أن تحتجي على ذكورية العبارة، التي أتفق معك أنها ذكورية (ها أنا أقرر عنك مجدداً ما هو رأيك)، سأقول إن معه حقاً، لكن هذا لا يتعلق بالمرأة وحدها، بل بالطرفين. كان على أحدنا أن يستسلم لتفوق الآخر، لكننا لم نستطع. ربما لأن أحدنا لم يكن متفوقاً أصلاً. 

قرأت مرة مدونة، يقول صاحبها إن لا مناظرات في الحب، وسخرت وقتها من العبارة. قلت ما معنى الحب بدون مناظرات؟ وكنت تجيئين في بالي فورًا، لكنني فهمت متأخرًا أن معه حقاً. 

يحتاج المرء إلى أن يكون ضعيفا حتى يحب، وغبيا أحيانا. وقد كنا كلانا، أقوياء. الآن، يمكن أن نكون مواضيع لبعضنا بدون معارك كبيرة، لكن في رسائل لن نرسلها على أغلب الظن.

دلالات