وفي الوقت الذي لم تكشف السلطات المغربية معطيات عن الأشخاص الثمانية، إن كانوا نساء أو أطفالا أو رجالا، شددت على أن "هذه العملية، التي تكتسي طابعا إنسانيا، مكّنت المغاربة المرحلين من العودة إلى بلدهم الأصلي في كل أمان"، قبل أن تورد أن هؤلاء المرحلين "سيخضعون لأبحاث قضائية من أجل تورطهم المحتمل في قضايا مرتبطة بالإرهاب".
ووفق إحصائيات رسمية سابقة، فإن عدد المغاربة الذين انضموا إلى القتال في صفوف تنظيم "داعش" في العراق وسورية يتجاوز 1600 شخص، منهم 350 طفلا وامرأة تقريبا معتقلين لدى مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، وفق بيان لمرصد الشمال لحقوق الإنسان.
وتفيد أرقام صادرة عن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المكلف بمتابعة قضايا الإرهاب وتفكيك الخلايا الإجرامية، بأنه عاد من بؤر النزاع في سورية والعراق أزيد من مائتي مقاتل مغربي، تم تسليمهم إلى السلطات القضائية للبت في ملفاتهم.
وعبرت واشنطن عن "تهانيها" للسلطات المغربية إثر ترحيل المواطنين المغاربة.
وشدد نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، روبرت بالادينو، في بيان، على أن المغرب "شريك كفء بشكل خاص في التحالف العالمي لمحاربة "داعش"، ونحن نقدر التزامه في مجال مكافحة الإرهاب".
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد دعت، في فبراير/ شباط الماضي، الدول التي لديها مقاتلون في تنظيم "داعش"، والمحتجزون لدى "قوات سورية الديمقراطية"، إلى استعادتهم عبر ترحيلهم ومحاكمتهم في بلدانهم الأصلية.
ووصف الباحث السياسي إدريس الكنبوري عملية ترحيل مواطنين من مناطق النزاع إلى البلاد بكونها "مبادرة إيجابية من طرف السلطات المغربية"، مبرزا أن "التجربة المغربية في ما يتعلق بالتعامل مع العائدين من سورية تحظى باهتمام في عدد من بلدان أوروبا".
واستطرد الكنبوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن "هناك باحثين فرنسيين يطالبون حكومة إيمانويل ماكرون بنهج سياسة المغرب بخصوص استقبال الأطفال والقاصرين الموجودين في مراكز اعتقال تابعة للأكراد في سورية".
واعتبر المتحدث أن "لفتح المغرب أبوابه أمام الراغبين في العودة إلى البلاد إيجابيات، منها تلافي التحاق هؤلاء بتنظيمات إرهابية في مناطق أخرى"، مضيفا أن الترحيل كـ"بادرة إنسانية"، على أن تتبعه تحقيقات قضائية مع المرحلين "من أجل تورطهم المحتمل في قضايا مرتبطة بالإرهاب" هو "رسالة إلى المعتقلين في السجون، على ذمة قضايا الإرهاب، بأن الدولة غير راغبة في المصالحة معهم".
وخلص الباحث ذاته إلى أن "ترحيل مجموعة من المغاربة من بؤر النزاع في سورية والعراق قد يدفع الكثيرين إلى تغيير قناعاتهم، خصوصا إذا تم التعامل معهم بشكل إيجابي وحوكموا محاكمة عادلة"، على حد تعبير الكنبوري.