الراب الفلسطيني ..هموم اجتماعية ثقيلة

15 فبراير 2016
فرقة صوت الشعب للراب الفلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -

تعتبر موسيقى الراب جزءاً من ثقافة كبيرة تسمى بـ"الهيب هوب"، التي تحتوي على فن الغرافيتي، الرقص، البريك دانس، والدّي جي والراب. وهي من الفنون التي تسلط الضوء على مشكلة أو حالة ما في المجتمع، حيث أن مغني الراب، “الرابر"، يتحدث عن نفسه، أو عن حالة معينة، وأحياناً، عن حالة استياء وغضب أو نقد للمجتمع الذي ينتمي إليه، ما جعله ينتشر في أوساط الشباب العربي، وصار بعض الشباب العرب يشكلون فرق الراب باللغة العربية.

وقد انتشرت موسيقى الراب في المخيمات الفلسطينية في سورية قبل أن تنتقل إلى لبنان، و"مخيم اليرموك" وحده كان يضم العشرات من الفرق التي تشتت أعضاؤها بعد الاعتداءات التي تعرض لها خلال الثورة السورية.

في مخيم، برج البراجنة، للاجئين الفلسطينيين الواقع في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، تأسست أول فرقة راب من أبناء المخيمات عام 1999، والتي عرفت باسم "كتيبة-5”. وكانت تضم خمسة شبان من أبناء المخيم اختاروا أسماء فنيّة لهم: أسلوب، شاهد عيان، عبد الجبار، مولوتوف، الجزار.

وكانوا يكتبون كلمات الأغاني بأنفسهم، ويتناولون مواضيع من صميم قضيتهم ومعاناتهم، بدءاً من الحلم الفلسطيني بالعودة ويوميات المخيمات، و"السرقات" المنظّمة التي تُقدِم عليها الجمعيات باسم القضية، وصولاً إلى البطالة والتعليم والطبابة والسكن والجوع المنظَّم الذي يدفع إلى الاستسلام وتقديم التنازلات.

لكن الفرقة تشتت بفعل هجرة أعضائها وصار كل منهم في بلد، إلا أن أحد أعضائها الملقب بـ”أسلوب"، استمر في الغناء رغم أنه منذ ثمانية أشهر يعيش في فرنسا وقال لـ"العربي الجديد": "بعد أن تفككت الفرقة، وهاجر كل عضو منها إلى بلد، بدأت مشروعي الخاص في فرنسا، وصرت أغني الأغاني الفلسطينية في الحفلات. وأقوم بالتحضير لألبوم غنائي سأبدأ تسجيله في شهر آذار/مارس القادم، وتشاركني في الحفلات عازفة الفلوت السورية نيسم جلال".

وقد ظهر مغنو راب عدة في مخيم نهر البارد، شمال لبنان، كان أشهرهم "أم سي تمرّد" الذي نشط بأغانيه خلال وبعد معارك نهر البارد الذي أدّى إلى تدميره. كما أن هناك بعض المغنين في مخيم البداوي، شمال لبنان، منهم حسام ميعاري و"الجنرال" الذين يقدمون أغاني عن فلسطين، وعن حياة المخيمات ومعاناة اللاجئين. كما ظهر بعض المغنين الصغار في مخيم البدّاوي، إلا أنهم لم يشقوا طريقهم بعد.

أمّا أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فلم يشهد مغنّي راب كُثر، لكن برز الرابر "مكسيم كسّاب" الذي قدّم أغاني عدة، وكانت له محاولات لتصوير الأغاني بطريقة الفيديو الكليب. إلا أن ضعف الإمكانيات الماديّة حال دون ذلك، فكان يصورها بالهاتف النقّال أحياناً، وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومنذ ثماني سنوات، بدأ بغناء الراب في مخيم عين الحلوة، فهو يؤلف كلمات الأغنية من واقع الحياة اليومية في المخيم، من النواحي الأمنية أو الاجتماعية، كما اهتم بانتفاضة القدس وقدّم أغاني عنها، يقول لـ"العربي الجديد": "أول أغنية كتبتها كانت حول الحواجز الأمنيّة على مداخل المخيم، وطرق التفتيش التي تتعرض لها النساء، كما كتبت أغنية عن الحكام والرؤساء العرب وتعاطيهم مع القضية الفلسطينية، وكانت آخر أغنية حول انتفاضة السكاكين في فلسطين المحتلة".

وبعد نزوح سكان مخيم اليرموك من سورية وتوجه عدد كبير منهم إلى مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان، فقد ظهر مغنّي راب يدعى "أمجد الرّشيد”، الذي كان ضمن فرقة في مخيم اليرموك، ثم أسّس فرقة في مخيم عين الحلوة أطلق عليها اسم "صوت الشعب”.

والنصيب الأكبر كان لـ"مخيم اليرموك”، من حيث عدد فرق الراب، حيث كان يضم أكثر من 35 فرقة، لكن بعد تدمير المخيم هاجر معظمهم. وكانت أبرز الفرق، فرقة، "لاجئي الراب”، التي تم تأسيسها عام 2005 في المخيم، وهي تضم فلسطينيين وسورياً وجزائريا. وقدّمت أغاني عدة، اجتماعية وسياسية، لكن بفعل موقفها المؤيد للثورة السورية كانت ملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية السورية. وتم تدمير استديو التسجيل الخاص بهم، وخاصة، بعدما أصدروا أغاني مؤيدة للثورة والحريّة، فاضطروا إلى مغادرة سورية.

وفي فلسطين المحتلّة، ظهرت فرق راب عدة، أبرزها، فرقة "دام" التي تأسست عام 1999 في الأراضي المحتلة عام 1948، وتحديداً في مدينة اللد، من سهيل وتامر ومحمود الذين يعبرون بأغانيهم عن رفضهم للواقع الذي يعيشون فيه، حيث تعالج أغاني الفرقة مواضيع عدة منها القضية الفلسطينية، وأوضاع الفلسطينيين في أراضي 48، بالإضافة إلى البطالة والفقر والمخدرات والعصابات والتمييز الإسرائيلي ضد العرب.

كما برزت فرقة "إم دبليو آر" التي تقدم موسيقى لاذعة تحاكي الواقع السياسي العربي والإسرائيلي المتعلق بالتمييز واللامساواة وسرقة الحق والأرض، ويحاكي أيضاً قضايا إنسانية واجتماعية ترفض العنف وغياب القانون والقتل والمخدرات.

وفي الضفة الغربية في فلسطين برز مغنو راب عدة وخاصة في مدينة رام الله، منها فرقة "رام الله أندر غراوند”، والمغنية ولاعبة الأسطوانات "سما عبدالله”. واللافت، أن فرق ومغني الراب الفلسطينيين همهم واحد، وهو حياة الفلسطيني أينما وجد، سواء كان داخل فلسطين أو في مخيمات الشتات أو حتى في الدول الأوروبية التي هاجروا إليها هرباً من حياة البؤس والمعاناة.

إقرأ أيضاً: أميرة إمام..عازفة "كلارينيت" من معهد إدوارد سعيد

المساهمون