الرابحون والخاسرون في موازنة ترامب... زيادات الإنفاق العسكري وتخفيض مخصصات التعليم والصحة

13 مارس 2019
4.75% ارتفاع في مخصصات الإنفاق العسكري الأميركي (فرانس برس)
+ الخط -
بلغت قيمة ميزانية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب 4.75 تريليونات دولار، شملت زيادات كبيرة في الإنفاق العسكري، مع تخفيض المبالغ المخصصة للبرامج المحلية، من تعليم وصحة وحماية بيئة ومواصلات، وغيرها من البرامج التي لا تحظى باهتمامه، للسنة المالية 2020، والتي تبدأ في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وتضمنت الميزانية المقترحة من الرئيس الأميركي والتي قدمها للكونغرس منتصف الأسبوع الجاري، نقاطاً كثيرة أثارت الخلاف مع الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، من تقليص للمبالغ الموجهة لشبكات الحماية الاجتماعية، ومنها برامج التأمين الصحي للفقراء وكبار السن، ميديكيد "Medicaid" وميديكير"Medicare"، لتوفير ما يقرب من 1.9 تريليون دولار من النفقات الحكومية على مدار السنوات العشر القادمة.

وعلى حسابها في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، عبرت إلهان عمر، العضو الديمقراطي المنضمة حديثاً، من أصل صومالي، وأول محجبة، في تاريخ مجلس النواب، عن غضبها من الميزانية المقترحة، واستنكرت تخفيض ترامب المبالغ المخصصة لبرامج التأمين الصحي للفقراء وكبار السن، رغم تأكيده عدة مرات عدم تخفيضها.

ورغم أن التوقعات تشير إلى عدم قبول الكونغرس، الذي يتحكم في المبالغ التي تنفقها الحكومة الفيدرالية، الميزانية المقدمة، تماماً كما حدث مع العديد من طلبات تخصيص الأموال المقدمة خلال العامين الماضيين، توضح تفاصيل الأرقام التي يركز عليها ترامب في حملته لإعادة انتخابه في 2020، أنه طلب في الميزانية التي قدمها توجيه مبلغ 8.6 مليارات دولار لإنشاء جدار على الحدود مع المكسيك، لمنع الهجرة من هناك، وهو الأمر الذي تسبب في إغلاق الحكومة الأميركية قبيل نهاية العام لمدة 35 يوماً، وتسبب في تعطيل العديد من الجهات الحيوية الأميركية، وفي غضب مئات الآلاف من موظفي الحكومة وعائلاتهم، بسبب عدم حصولهم على رواتب كل تلك الفترة، نتيجة لرفض الديمقراطيين اعتماد المبلغ، وتصميم ترامب على عدم الموافقة على ميزانية لا تتضمن ما يطلبه من أموال. 

واقترحت الميزانية أيضاً توفير زيادات ملحوظة في المبالغ المخصصة للمحامين والقضاة المختصين بقضايا الهجرة، ومنع وعلاج إدمان الأفيون، والأمن السيبراني، ومكافحة جرائم العنف.
كما تضمنت الميزانية المقترحة زيادة الإنفاق العسكري بنسبة 4.75 في المائة، ليصبح 750 مليار دولار، وهي أعلى مما طلبته وزارة الدفاع عند الإعداد المبدئي للميزانية، حيث اكتفت بـ 733 مليار دولار فقط، وبزيادة لا تتجاوز 2.4 في المائة عن المبلغ المخصص العام الماضي.

ويوم الاثنين الماضي قال مكتب الميزانية والإدارة، أكبر مكتب تنفيذي تابع للرئيس الأميركي والمسؤول عن إعداد الميزانية التي طلبها ترامب، إن 718 مليار دولار من هذا المبلغ ستخصص لوزارة الدفاع "البنتاغون"، منها 9 مليارات دولار تخص أموال الطوارئ التي يمكن توجيهها لمساعدة الأهالي عند حدوث أعاصير، أو لتأمين الحدود مع المكسيك، وهو بالتأكيد ما قصد به ترامب بناء الجدار الذي وعد به ناخبيه قبل الانتخابات. ويغطي الجزء المتبقي من المبلغ العمليات خارج الولايات المتحدة، والخدمات العسكرية الخاصة بالجيش والقوات البحرية والجوية وحرس الحدود.

ويطلب الجيش زيادة المبالغ المتاحة له بثمانية مليارات دولار عن السنة الماضية، لتصل إلى 190 مليار دولار في الإجمالي، وفقاً لمجلة ديفنس نيوز المختصة بشؤون الدفاع، بينما تطلب القوات الجوية شراء ثماني طائرات مقاتلة من طراز إف 15 معدلة من شركة بوينغ.
ومن ناحية أخرى، ستقدم القوات البحرية اقتراحاً بإلغاء التموين المقرر لحاملة الطائرات الشهيرة هاري ترومان، وهو ما يعني إحالتها للتقاعد قبل موعدها بعقدين كاملين، مقابل شراء حاملتين جديدتين من طراز جيرالد فورد، لتدخلا الخدمة في أواخر 2020.

ورغم القفزة في نفقات الدفاع التي يطلبها ترامب، إلا أنها تظل محدودة، مقارنةً بما طلبه في أول ميزانية يطلبها من الكونغرس، والتي رفعت نفقات الدفاع من 634 مليار دولار في السنة المالية 2017، إلى 700 مليار دولار في السنة المالية 2018، وبنسبة ارتفاع تتجاوز 10 في المائة.
وبصفة عامة، استحوذت الأعمال الصغيرة والتجارة والأمن القومي وشؤون المحاربين القدماء على أعلى الزيادات المقترحة من ترامب مقارنةً بميزانية العام الماضي، بينما كانت التخفيضات الأكبر من نصيب حماية البيئة والمعونة الأميركية والمواصلات. وقال روسل فوت، القائم بأعمال مدير مكتب الميزانية والإدارة، يوم الإثنين الماضي: "هذه خريطة طريق واضحة لمستقبل به قدر أكبر من المسؤولية المالية، إن أراد الكونغرس اعتمادها".

ورغم تخفيضات الإنفاق في العديد من البنود في أول عامين لرئاسة ترامب، إلا أن عجز الموازنة ما زال في ازدياد. وعند إعداد ميزانية 2017، توقع البيت الأبيض أن ينخفض العجز في عام 2020 إلى 488 مليار دولار، وأن يختفي تماماً بحلول عام 2028. لكن مع الأرقام الواردة في ميزانية ترامب، التي قدمها للكونغرس، يصل عجز الموازنة إلى 1.1 تريليون دولار، أو 4.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ولن يختفي قبل عام 2034، وبالتأكيد سيكون ترامب قد غادر البيت الأبيض وقتها، إلا لو تمكن من تعديل الدستور الأميركي، حسب مراقبين.

وفيما بدا أنه محاولة لنيل تعاطف فئات معينة من الناخبين، اقترحت إيفانكا ترامب، ابنة ومستشار الرئيس الأميركي، زيادة لمرة واحدة في نفقات رعاية الأطفال للفئات الأكثر فقراً، أو لدعم مقدمي خدمات رعاية الطفل لأبناء من يعملون في غير ساعات العمل التقليدية، بمبلغ مليار دولار. وقالت إيفانكا: "نريد أن نشجع القطاع الخاص على الإسراع في التقدم".


المساهمون