الرئيس الجزائري يتعهد بنشر مسودة الدستور الجديد الأسبوع المقبل

02 مايو 2020
أجّل تبون مناقشة مسودة الدستور بسبب كورونا (Getty)
+ الخط -

تعهد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بالكشف عن مضمون مسودة الدستور الجديد خلال الأسبوع المقبل وبتوزيع المسودة على القوى السياسية والمدنية، بما يسمح بتعديل قانون الانتخابات تمهيدا لإجراء انتخابات برلمانية.

وقال الرئيس تبون في مقابلة مع أربعة صحافيين محليين بثها التلفزيون الرسمي الليلة، إنه كلف الفريق العامل معه في الرئاسة ببدء طبع وتوزيع مسودة الدستور على الأحزاب والمنظمات والصحافة، بدءاً من الأسبوع المقبل، للسماح لكل الأطراف باستغلال الظرف الحالي لمناقشة مسودة الدستور ولإبداء ملاحظاتها وتحضير مقترحاتها بشأن الدستور، بعدما كان مقرراً نشر مسودة الدستور نهاية شهر مارس الماضي.

وقال تبون: "بدأنا في الإصلاحات للاستجابة لمطالب الشعب، لكن جاءت جائحة كورونا لتدفعنا إلى تأجيل ذلك لأن الظرف كان ظرف الحفاظ على الأرواح، وليس ظرف تعديل الدستور".

وأكد الرئيس تبون أن "قانون الانتخابات الجديد يقترب من صياغته، وسيكون جاهزا في وقت قريب"، بما يسمح بإجراء انتخابات نيابية جديدة وانتخاب مجالس محلية جديدة، لتعويض البرلمان الحالي الذي يوصف بأنه "برلمان مزور"، مضيفا: "دخلنا من الباب الواسع في مرحلة تغيير أسس النظام، وقبل نهاية السنة ستكون لنا مؤسسات جديدة وقوية وشرعية".

وكان الرئيس الجزائري قد بادر في الثامن من يناير الماضي، وبعد أقل من أسبوعين على تسلمه الحكم، إلى تكليف فريق لجنة دستورية يضم 17 خبيرا في القانون الدستوري، برئاسة الخبير الأممي السابق أحمد لعرابة، بإجراء مراجعة شاملة للدستور الجديد وإعادة صياغته لبناء ما يصفها بـ"الجزائر الجديدة"، وتسلم الرئيس الجزائري في 24 مارس الماضي مسودة الدستور الجديد.

ودفع انتشار فيروس كورونا الرئيس تبون إلى إرجاء توزيع مسودة الدستور الجديد على القوى السياسية والمدنية والشخصيات الفاعلة ونشرها للرأي العام، لمناقشتها وإبداء الملاحظات، قبل إجراء مراجعة ثانية وأخيرة لها من قبل اللجنة الدستورية لتضمينها المقترحات الممكنة التي تم جمعها خلال فترة النقاش التي حددها الرئيس تبون بشهر، قبل أن يتم عرضها على استفتاء شعبي مرتقب.


رفض التوجه إلى الاستدانة من الخارج

وجدد الرئيس تبون رفضه التوجه إلى الاستدانة من الخارج ومن المؤسسات المالية الدولية، وكشف عن خفض واردات البلاد إلى حدود تسعة مليارات دولار، وسط سعي لبعث شبكة قوية للمؤسسات الصغيرة، مشيراً إلى أن الكارتل المالي ما زال يحاول خلق قلاقل في البلاد.

وقال تبون "يمكن أن نحتاج الى قروض، لكنني لا أميل وأرفض أن نتوجه إلى المديونية، لا لصندوق النقد الدولي ولا البنك الدولي"، مشيرا إلى أن "المديونية ترهن السيادة، بحيث لن يكون في إمكانك لا أن تتحدث عن فلسطين ولا عن الصحراء، عشنا التجربة السيئة في التسعينيات وشعبنا حر يرفض أن تمس سيادته"، وكشف أن "هناك بعض الدول اقترحت علينا منح قروض، لكننا رفضنا في الوقت الحالي".

وأوضح تبون أنه يفضل الاستدانة الداخلية من القطاع الخاص الذي يحوز على ما معدله 30 مليار يورو يتم تدويرها في السوق السوداء أو خارج القطاع البنكي، بعضها مرتبط برفض التعامل مع البنوك الربوية، وقال "أنا مستعد لمنح ضمانات للقطاع الخاص"، مضيفا "بما فيها فتح الباب لمن أراد فتح بنك إسلامي بدون فوائد، والبنك المركزي سيمنحه الرخصة، نحن نشجع كثيرا البنوك الإسلامية"، مشيرا إلى أن الأزمة لن "توقف مشاريع السكن، لأننا لن نسمح ببقاء إقامة وعيش الجزائريين في أكواخ".

واعتبر الرئيس تبون أن الجزائر لا تعيش أزمة على خلفية تدني أسعار النفط وأزمة كورونا، وقال "أزمة النفط هي أزمة ظرفية وليست أزمة هيكلية، وقعت مشاحنة بين دولتين في الإنتاج، لكنهما الآن استدركتا الوضع"، مضيفا أن "احتياطي الصرف ما زال في مستوى مقبول، كما أننا خفضنا 30 في المائة من فاتورة الواردات بعد ضبط الواردات، بحيث في العهد السابق كان هناك استسهال في التوريد، بينما إجمالي حاجياتنا التي نستوردها لا تتجاوز التسعة مليارات دولار".

وذكر تبون أن "الزراعة تنتج في الجزائر ما يعادل قيمة 25 مليار دولار أميركي، وهذا أمر إيجابي جداً لأننا نأكل مما ننتج، وقد منعنا منعا باتا توريد أية منتجات تنتج في الجزائر، كما أنه لدينا 27 مليون رأس ماشية ولذلك لن نستورد اللحوم"، لافتا إلى أنه "بامكان الجزائر أن تنتح محليا حاجياتنا من الزيت والسكر عبر تطوير الزراعة"، مضيفا أنه واثق جدا من إمكانيات الجزائر "نحن البلد الثالث أو الرابع في العالم الذي يملك ثروات نادرة كاليورانيوم والجلد والذهب والماس، وقد أمرت وزارة الصناعة بالبدء في عملية إحصاء دقيقة لثروات البلد" .

وأعلن الرئيس تبون عن خطة لتشجيع المؤسسات الصغيرة والمشاريع الزراعية والابتكار، وإلزام البنوك بتمويل هذه المشاريع. وثمّن تبون مخرجات أزمة فيروس كورونا، والتي سمحت باكتشاف قدرات 150 مؤسسة ابتكار، وبإنتاج الكثير من الأجهزة "خلال عشرة أيام تصبح الجزائر تنتج أجهزة الفحص لكورونا ذاتيا، كما أننا شاهدنا تضامنا أعاد الجزائريين إلى بعضهم البعض بعد سنتين من الشد السياسي، وتعهد بأن الحكومة ستتكفل بصغار الحرفيين والتجار الذين تكبدوا خسائر في مرحلة الأزمة عبر تخفيض الضرائب مثلا.

وكشف الرئيس تبون أن المافيا والكارتل المالي الذي كان يسيطر على الاقتصاد ومقدرات البلاد "ما زال يحاول صناعة قلاقل" ويمول الاحتجاجات، ولمح إلى أن "هناك مصالح دول تم مسها وهي من تقوم بتحريك بعض القلاقل، لكن هذا لن يوقف المسيرة"، وأضاف "لن نعود إلى ما كنا فيه، ولا أحد يمكنه أن يمس المال العام، ولن نسمح لأي كان من المسؤولين بالتواطؤ مع الفاسدين"، مشيرا إلى أن تصوراته الإصلاحية "تحوز على دعم شعبي، هناك وسائل كثيرة تمكننا من معرفة أن 80 في المئة من الجزائريين يدعمون هذا المسار".