الرئيس الجزائري يتعهد بتلبية مطالب الحراك ويعلن عن انتخابات برلمانية مبكرة

23 يناير 2020
وعد تبون كذلك بإصلاحات اقتصادية (Getty)
+ الخط -
تعهد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بتلبية كافة مطالب الحراك الشعبي "بشكل تدريجي"، ووصف الحراك الشعبي بـ"المبارك"، وأعلن عن تنظيم انتخابات نيابية وبلدية قبل نهاية السنة، وكشف أن مسودة الدستور الجديد ستكون جاهزة لتطرح على الاستفتاء الشعبي بعد أربعة أشهر.


وقال تبون في مقابلة تلفزيونية مع مسؤولي ثماني مؤسسات إعلامية محلية بثها التلفزيون الرسمي مساء الأربعاء: "وعدت باستكمال مطالب الحراك المبارك وسألبي كلّ مطالبه"، مضيفا أن "هناك ما تحقق من مطالب الحراك وهناك ما يتحقق آنيا وهناك آفاق سياسية لمواصلة الجميع مطالبه".

دستور جديد خلال أشهر

واعتبر الرئيس الجزائري أن جملة من مطالب الحراك الشعبي ستتضمنها النسخة النهائية للدستور الجديد، والتي أكد أنها ستكون جاهزة في غضون أربعة أشهر، مشددا على أن "الدستور الجديد ليس دستورا على المقاس، ولن يكون دستور سلطة ولا دستور رئيس ولا دستور فئة، وسيكون من أحسن الدساتير"، وقال "الدستور الحالي أثبت عجزه عن مسايرة التغيير".

وأضاف: "تعديل الدستور جزء من مهمة تلبية مطالب الحراك، والدستور الجديد يؤسس لجمهورية جديدة ولأخلقة العمل السياسي وبناء ديمقراطية حقيقية، وسيضمن التلاحم والانسجام الوطنيين والدفاع عن الوحدة الوطنية"، مشيرا إلى أن "الدستور المقبل لن يعيد النظر في مقومات الهوية الجزائرية، هويتنا واضحة لا نقاش فيها ولا تتطلب أيّ تطرف".

واتهم تبون الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، دون أن يذكره بالاسم، بإجراء تعديلات مستمرة على الدستور لأسباب ذاتية، وقال "هناك من غيّر الدستور في وقت سابق لحاجة في نفس يعقوب، لكننا نعمل الآن على تغيير الدستور لإبعاد البلاد عن أيّ أزمات"، ولمّح الرئيس إلى ملامح الدستور المقبل، وأكد أنه "سيلزم كلّ مسؤول بما فيهم رئيس الجمهورية بحدود لا ينبغي تجاوزها، وسيكرّس مبدأ الابتعاد عن الحكم الفردي".

وكان تبون قد كلف لجنة دستورية تضم 17 خبيرا في القانون الدستوري، بداية الشهر الجاري بإجراء مراجعة شاملة للدستور وصياغة مسودة دستور جديد، وكشف أنه سيتم بعد انتهاء اللجنة الدستورية من صياغة مسودة الدستور توزيعها على كل الفئات والهيئات السياسية والمدنية لإبداء رأيها فيها وطرح مقترحاتها، وتعهد في السياق بأن يتم أخذها بعين الاعتبار، موضحا "من صلاحيات لجنة الخبراء إعداد مسودة للدستور مبنية على المشاورات والمقترحات، قبل إحالة المسودة النهائية على البرلمان للمصادقة عليه ثم طرحه مباشرة على الاستفتاء الشعبي الذي سيجري تحت إشراف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات".

انتخابات برلمانية مبكرة

وأعلن الرئيس الجزائري عن إجراء انتخابات برلمانية ومحلية جديدة قبل نهاية السنة الجارية، تعقب الاستفتاء على مسودة الدستور.

وشدّد تبون على ضرورة إنهاء مشكلة التزوير التي رافقت الانتخابات في الجزائر لمدة طويلة، وقال "الانتخابات أصبحت محلّ شك من الجميع وهناك حديث دائم عن التزوير والتلاعب بإرادة الناخب وشراء المقاعد، وعهد شراء المقاعد في البرلمان والمجالس المحلية قد انتهى".

مشيرا إلى أنه سيتم تغيير قانون الانتخابات بعد تعديل الدستور، بهدف "تجريم مزاوجة المال بالسياسة والانتخابات، وخلق طبقة سياسية جديدة وسنشجع الشباب على دخول الاستحقاقات القادمة، على أن تتكفل الدولة بمصاريف الحملة الانتخابية للمترشحين".


وتعهد تبون بمواصلة سلسلة لقاءات ومشاورات كان قد بدأها مع شخصيات سياسية وقادة أحزاب سياسية، وقال "المشاورات السياسية ستستمر حيث سأستقبل شخصيات أخرى لاحقا، وتشمل شخصيات ذات تجربة أو مارست وظائف أكسبتها خبرة أو أقصيت في وقت سابق، وسنأخذ برأي الشخصيات الوطنية ونظرتهم بشأن القضايا المطروحة التي تهم الرأي العام، بينها تحضير مسودة أولية للدستور الجديد".

تعهد بحماية حرية الصحافة

جدد الرئيس الجزائري التعهد بضمان سقف عالٍ لحرية الصحافة وحماية الصحافيين مهنيا واجتماعيا، ورفع كل أشكال الوصاية عن حرية التعبير قائلاً "سأكون سندا لأسرة الإعلام والصحافة"، لكنه شدد على "ضرورة محاربة الأكاذيب ونشر الدعاية".

إصلاحات اقتصادية
ووعد تبون بالعمل على استرجاع الأموال العمومية المهربة للخارج، مباشرة بعد أن تصدر العدالة أحكامها في حق رجال الأعمال الموقوفين بتهمة الفساد وبتهريب الأموال، وإصلاح التعليم ومنع التوظيف الأيديولوجي في المناهج التعليمية، ومحاربة الفقر وإعفاء أصحاب الأجور الدنيا ما دون  150 يورو من الضرائب، وإدراج المضاربة في أسعار المواد الاستهلاكية كخيانة.

وطالب تبون بفتح نقاش وطني جاد وشفاف حول استغلال الغاز الصخري، واتخاذ قرارات استعجالية تخص إنعاش الاقتصاد ودعم الانتاج الوطني، والحد من الاستيراد والتخلص من ارتباط الاقتصاد الجزائري بسعر النفط.



وساطة بين طرفي الأزمة في ليبيا

إلى ذلك، كشف الرئيس الجزائري عن وجود نية لبلاده لإطلاق مبادرة وساطة سياسية بين طرفي الأزمة في ليبيا، وجدد مواقف الجزائر الرافضة لأي تدخلات أجنبية في البلد الجار.

وقال إن "الجزائر حصلت على إجماع في برلين بشأن إعلان استعدادها لاحتضان الوساطة بين الفرقاء الليبيين"، مضيفاً أن "كل الأطراف تدرك أن الجزائر مؤهلة لذلك، ونحن لدينا ثقة هؤلاء وهؤلاء، وكذا قبائل الجنوب والتبو، وصدرت تصريحات مشجعة من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ومن مسؤولين مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر لكي تلعب الجزائر دوراً في الوساطة لحل الأزمة، لكونها أكثر الدول التي لا تسعى الى تحقيق أية مصالح في ليبيا، وليست لها أية نوايا توسعية، ولكون الجزائر تعمل في صمت ولا تسعى للبروز".

وذكر الرئيس الجزائري الذي شارك الأحد الماضي في مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، أن المشاورات السياسية التي أجراها على هامش المؤتمر أكدت وجود تقبل لمجموع الدول المشاركة، ولكل الأطراف الليبية، لأهمية الدور الجزائري وامكانية قيام الجزائر بدور وساطة سياسية.

وأكد تبون أن الجزائر ستستغل تجربتها، على غرار الوساطة التي قادت لإحلال السلام في مالي، مشيراً إلى أن "الجزائر يهمها استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا لأنه كلما عرفنا أن هناك سلاحاً دخل إلى ليبيا، يتعين علينا أن نشتري السلاح المضاد له، نحن ننفق أموالاً على شراء الأسلحة لمواجهة المخاطر على حدودنا مع ليبيا، فيما كان يمكن توجيه هذه الأموال إلى مجالات التنمية، لذلك يهمنا السلم هناك، السلم في ليبيا يعني السلم في الجزائر".

ولفت تبون إلى أن أطرافا عديدة طلبت حضور اجتماع دول الجوار المقرّر اليوم الخميس، لكن الجزائر رفضت ذلك لكونه اجتماعا داخليا، مشيراً إلى أنه سيحضر فقط وزير الخارجية الألماني من خارج مجموعة دول الجوار، ليبلغ المشاركين بنتائج اجتماع برلين.

ويبدأ اليوم الخميس في الجزائر مؤتمر لوزراء خارجية دول الجوار الليبي بمشاركة كل من تونس ومالي والنيجر وتشاد والسودان ومصر، إضافة إلى ألمانيا ووفد من حكومة طبرق، فيما رفضت حكومة الوفاق المشاركة بسبب دعوة الجزائر لوزير خارجية الحكومة الموالية لحفتر.


العلاقات مع فرنسا

وعرّج الرئيس تبون على العلاقات مع فرنسا، وأكد أن الجزائر لن تقبل من الآن وصاعداً أي تدخل في شؤونها من قبل باريس، قائلاً إن "العلاقات عرفت حالة فتور بسبب تصريحات المسؤولين الفرنسيين، ولأنه كانت هناك محاولات للتدخل في شؤوننا، هناك لوبي فرنسي لا يحب الجزائر ولوبي آخر يغذي الكراهية ضدها افتعل مشاكل في المرحلة السابقة، وحاول التدخل في الحراك، أعتقد أن الحكومة الفرنسية أدركت ذلك فيما المسؤولون الفرنسيون أصبحوا يعرفون أن الجزائر دولة حرة تملك مستقبلها وليست محمية"، مضيفاً أن "الجزائريين شديدو الحساسية عندما يتعلق الأمر بالسيادة الوطنية، خصوصاً عندما يكون التدخل من مستعمر الأمس، وكل الملفات والقضايا المشتركة مع الفرنسيين ستعالج وفق مبدأ الند للند".


العلاقات الجزائرية - المغربية

وبسبب مشكلات في تركيب الحوار التلفزيوني، لم يكن واضحاً انتقال الرئيس الجزائري للإجابة عن سؤال لم يبث طرحه، لكن ردّ الرئيس أظهر أنه كان يخص العلاقات بين الجزائر والمغرب في علاقة بقضية الصحراء، وقال الرئيس تبون إن موضوع "الصحراء هو قضية أممية تعتبرها الأمم المتحدة قضية تصفية استعمار"، مشدداً على أن "الجزائر لن تخضع للأمر الواقع في قضية الصحراء مهما كان الأمر".