7 سنوات مرّت على انتخاب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، رئيساً توافقياً، عبر عملية كانت أقرب إلى استفتاء منه إلى انتخاب، دفعت الظروف القاهرة والأحداث في البلاد إلى تمديد ولايته الرئاسية عاماً تلو الآخر، وسط تباين في وجهات نظر اليمنيين في تقييم ما آلت إليه الأوضاع في عهد هادي ووضعه الذي بات فيه أضعف من أي وقتٍ مضى، في ظل العقبات التي يضعها التحالف السعودي الإماراتي أمام عودته إلى البلاد وممارسة مهامه الدستورية والخطوات المحددة في المرحلة الانتقالية.
وعلى مدى اليومين الماضيين، حازت ذكرى انتخاب هادي رئيساً توافقياً، في 21 فبراير/ شباط 2012، تنفيذاً لمقتضيات المبادرة التي أفضت إلى تنحي سلفه علي عبدالله صالح، على مساحة واسعة من نقاشات اليمنيين وتعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، لتتحوّل إلى مناسبة تسلط الضوء مجدداً على وضع الرئيس الذي يستمر في منصبه رئيساً رمزياً للسلطة اليمنية المعترف بها دولياً، غير أن سلطته في الواقع تلاشت في السنوات الأربع الأخيرة، عقب انقلاب جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وعلى نحوٍ ملحوظ ولافتٍ، جاءت المناسبة بأقل مظاهر احتفاء رسمي واضح وخلت من خطاب أو اجتماع لهادي يوجه فيه رسائل إلى شعبه بشأن مستجدات الوضع والعقبات التي واجهت سنوات حكمه، وما يمكن أن يقدمه في المرحلة المقبلة.
وترافقت ذكرى انتخاب هادي (73 عاماً)، مع تزايد الحديث بشأن صحته، فقد أمضى الرئيس اليمني الشهرين الأخيرين من العام الماضي في الولايات المتحدة، لإجراء فحوصات طبية ومتابعة حالته الصحية مع معاناته من مرض في صمّامات القلب. وبعدما كانت زياراته الطبية الاعتيادية لأميركا تستغرق أياماً في العادة، فقد أصبحت أطول من السابق، إلى درجة سريان بعض الشائعات عن وجوده الأخير في أميركا، وصلت إلى حدّ الادعاء بوفاته، وهو ما اضطره للرد عليها بفيديو مصور، مؤكداً أنه لا يزال بخير.
ولا يمثل 21 فبراير بالنسبة لهادي، ذكرى انتخابه وحسب، بل دشّن في هذا الموعد، ولكن في عام 2015، مرحلة جديدة من رئاسته، مع تمكنه من مغادرة مناطق سيطرة الحوثيين بملابسات لا تزال لغزاً حتى اليوم، فوصل إلى عدن، ومنها أعلن التراجع عن الاستقالة التي تقدم بها في 22 يناير/ كانون الثاني 2015، تحت ضغط الانقلابيين الذين كانوا يحاصرون منزله حينذاك.
وبالعودة إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي أعدتها الأمم المتحدة، وعلى ضوئها اختير هادي رئيساً، فقد كان من المقرر أن يستمر في السلطة لعامين كمرحلة انتقالية، إلا أن التحديات التي واجهها بعد تسلمه السلطة مددت الفترة الانتقالية وصولاً إلى مقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، كأبرز حدث في أول عامين من حكم هادي. واختتم المؤتمر في يناير 2014، بمقررات لإعداد دستور دولة اتحادية وتمديد المرحلة الانتقالية إلى حين الانتهاء من التحضيرات. وجاء الانقلاب في أواخر العام نفسه، لتتوقف عجلة العملية السياسية وتنتقل البلاد إلى الحرب الشاملة المستمرة حتى اليوم.
من أبرز مظاهر الضعف الذي آلت إليه سلطة هادي، بعد سنوات من الحرب، فشله في العودة إلى مدينة عدن التي أعلنتها الحكومة عاصمة مؤقتة، وهي الخاضعة إلى حد كبيرٍ للقوات المدعومة من الإمارات ولنفوذ الأخيرة بصدارتها واجهة التحالف مع السعودية. وعليه يواصل هادي الإقامة في الرياض، من دون أن يكون هناك مبرر منطقي لوجوده مع رموز الشرعية ومعظم المسؤولين اليمنيين خارج البلاد، باستثناء العراقيل التي يضعها التحالف السعودي الإماراتي بالوصاية على الشرعية وجعلها في مرحلة ضعيفة، على نحوٍ لطالما أثار جدلاً في أوساط اليمنيين. ففي حين يستخدم التحالف الحكومة "الشرعية" غطاءً لتدخله، يدعم أطرافاً محلية انفصالية ونزعات محلية في جنوب اليمن وشرقه.
وبنظر الكثير من اليمنيين، الذين يرفضون انقلاب الحوثيين على الأقل، فإن هادي لا يزال رمزاً للشرعية بصرف النظر عن حجم الإخفاقات التي رافقت عهده، من سقوط العاصمة صنعاء بأيدي جماعة مسلحة إلى الحرب التي لم تتمكن من إعادة الشرعية وغيرها من مظاهر الوضع الكارثي في البلاد، والذي لا يتم تحميله إلى الرئيس في الغالب ولكن مع عدم إعفائه من جزء من المسؤولية.