لا تاريخ "رسمي" دقيق لبدايات الدويتو الغنائي في العالم العربي، لكن لذاكرة العرب الموسيقية حكايات كثيرة مع هذه الأغاني التي لعبت بطولة الأفلام العربية في عقدي الأربعينيات والخمسينيات والتي جمعت كبار الفنانين.
الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب والفنانة ليلى مراد تشاركا في "طال انتظاري لوحدي"، دويتو أنتج في ثلاثينيات القرن الماضي وكان على مقام النهوند الصعب كتبه أحمد رامي، وحصد نتائج مُبهرة على صعيد تفاعل صوتين في الأداء الموسيقي الغنائي وقوّى بالتالي حضورهما في التمثيل.. وجمع فيلم "معبودة الجماهير" لشادية وعبد الحليم حافظ واحدة من أجمل الدويتات وهي "حاجة غريبة".
أمثلة صغيرة عن لغة مشتركة في الإحساس والمشاعر والموسيقى وتكافؤ الأصوات والطبقات الغنائية بين "نجمين"، شكلت القاعدة الرئيسية لما سُمي "دويتات" حفلت بها الذاكرة العربية.
لكن منذ تسعينيات القرن الماضي بدأ عدد من المغنين السباق على "كعكة" الديو مجدداً بعد سلسلة ثنائيات ميّزت مرحلة الأعمال المسرحية للرحابنة، قبل فترة الحرب اللبنانية وبعدها، ونذكر هنا دويتات قدمتها السيدة فيروز والفنانة الراحلة صباح جمعتهما مع نصري شمس الدين ووديع الصافي، لكنها لم تخرج كثيراً إلى الفرادة التي تميز "دويتات" اليوم بل كانت أصبحت مجرد أعمال تاريخية قائمة على السرد المسرحي والحوارات التي قدمت.
السؤال، هل استطاعت الدويتات العربية المُستجدة أن تثبت تفاعلها الموسيقي والغنائي بين الفنانين أنفسهم؟ وهل تقبلها الجمهور "استماعاً" فقط ، نظراً لعدم تمكن الفنانيّن من الاجتماع في مكان واحد في المهرجانات والمناسبات إلا نادرا، سؤال بديهي يطرح "إشكالية" الهدف من وراء فكرة أو صناعة "الدويتو"؟
ما يُرجح هنا أسئلة حول مناسبة "الديو" وهل يعني إنتاجه اليوم مجرد إضافة فقط..! لا تسهم في تقدّم أو دفع أي من المغنين إلى نجاح أكثر، بل تبقيه مجرد شراكة آنية يُهلل لها الجمهور لوقت، ثم ينساها الأهم ما هي مناسبة هذه الدويتات إن لم تكن خرجت إلى الناس عن طريق فيلم سينمائي كما كان يحصل في السابق.
في العام 2009 أشيع عن مبالغ خيالية تُدفع من أجل شراكة أو "دويتو" يجمع صوتين، وصلت حدود هذه المعلومات إلى القول إن المغنية اللبنانية "ميليسا" دفعت ما يقارب النصف مليون دولار لمشاركة "النجم" السينغالي "آكون" في عمل واحد؟ لا تأكيد، ولا نفي، لكن هل هذا الجمع أسهم في نجاح الفكرة التي ابتكرت لرفع شأن ميليسا غناءً؟ بالطبع "لا" قد يكون "أكون" نسى لقاءه بميليسا اللبنانية بعد سبع سنوات من التعاون.
في سنوات "استديو الفن" "التسعينيات" استطاع المخرج سيمون أسمر أن يقوّي او يُوظف "ديو" الغناء لصالحه، ثمة مصلحة غلبت على الهدف في اختيار الفنانة نوال الزغبي لتقف إلى جانب النجم اليافع آنذاك وائل كفوري، وتغني معه "مين حبيبي أنا" الديو الذي لا يزال واحداً من أقوى "دويتات" نهايات القرن الماضي، ولا زالت أصداؤه حتى اليوم جيدة، خصوصاً وأن الزغبي وكفوري متقاربان فنيًا، وقاما بجولات غنائية معاً.. يومها فتح سيمون أسمر الباب أمام "الديو فتسلق كثيرون البوابة نفسها لمجرد اللحاق بفكرة نُفذت أو استهلكت من قبل أسمر - كفوري - الزغبي، لكن الواقع لم يحمل لكل تلك التجارب النجاح.
على الخط البياني الآخر، دخلت نجوى كرم في تحدٍ مع نفسها عندما وقفت إلى جانب الفنان الراحل وديع الصافي لتؤدي "ديو" "وكبرنا يا بيّي" محاولة من قبل كرم نفسها والشاعر الراحل عصام زغيب لحجز مكان متقدم "يباركه" الأب الروحي والفني وديع الصافي، "توليفة" أمدت نجوى كرم بنجاح نظراً للفكرة التي ربطت في القصيدة العامية، والتي تعبر عن حوار سهل دون تكلف بين الابنة ووالدها، نموذج واضح في الفكرة أو الهدف معًا فكانت أقرب إلى الحقيقة منه إلى قصص الحب والمغالاة التي ظهرت في دويتات أخرى.
وحاولت الفنانة التونسية الراحلة ذكرى التوفيق بين صوتها "الجبّار" وبين صوت الفنان إيهاب توفيق، فكرة جيدة في "ولا عارف" كلمات بهاء الدين محمد وألحان حمدي صديق وتوزيع متقن لأشرف عبده، قوّت ذكرى وتوفيق بنجاح متوقع نظراً لحال التوافق الواضحة في الغناء.
أما ديانا حداد، فأطلت في فكرة جديدة قامت على مزج صوتها بصوت المغني الجزائري الشاب خالد في "ماس ولولي"، اللهجة الخليجية وظفتّها حداد لصالح جمهور كبير يعرفها بين الجزائر ودول المغرب العربي، بساطة في التعابير للشاعر أحمد مرزوق وربط لحنّي بطريقة إيقاعية بسيطة.
إقرأ أيضاً: محمد إسكندر ومعين شريف.. لا سلطان ولا أمير
واعتبر الفنان المعتزل فضل شاكر من أكثر الفنانين الذين أسهموا في شهرة عدد من الفنانات، نظراً لجمهوره الكبير في العالم العربي - بداية دويتو جمع بين شاكر والفنانة الكويتية نوال في "أحاول"، أبيات باللهجة الخليجية لعب فيها شاكر ونوال على المفردات الجديدة بلحن رومانسي خفيف عززت وجود شاكر في دول الخليج العربي أكثر، وعرّفت نوال على جمهور جديد من خلال فضل شاكر، ثم تابع شاكر مشوراه مع يارا في ديو "اخدني معك" اتفاق ضمني لتعزيز حضور يارا التي ظهرت منتصف العقد الأول من الالفية الجديدة، "ديو" زاد شهرتها وجعلها تتقدم على الصعيد الخليجي رغم هوية "الديو" اللبنانية .. ولم توفر المطربة شيرين عبد الوهاب فضل شاكر من إقناعه بديو آخر " العام الجديد" كلمات مصرية كانت مناسبة لإطلالة شيرين من نافذة مطرب لبناني ملأت شهرته العالم العربي، بعد بدايات شيرين التي انحصرت بإنتاج مكتشفها نصر محروس ومشاركتها لمواطنها الفنان تامر حسني في "ان كنت نسيت" بداية انطلاقتها في "ديو" أيضاً جعل الناس تتعرف على شيرين وتامر معًا. واختتم شاكر أيضاً "دويتاته" مع اليسا في "جوا الروح" اتفاق بين شاكر وروتانا لتعزيز مسيرة ونجاح إليسا، لكن مزاجية فضل وإليسا حالت دون نجاح أو تصوير العمل، كما حصل في "دويتات" فضل الثلاثة.
تتكاثر "الدويتات" اليوم آخرها ما جمع بين ديانا حداد وعاصي الحلاني "روميو وجولييت"، تفكك واضح من خلال الفكرة القائمة على المال والإنتاج الضخم لأحد الأمراء السعوديين، ليبقى سؤال وجيه ما هو الهدف من وراء "الدويتو" اليوم؟
إقرأ أيضاً:نداء شرارة تبدأ مشوارها الفني بـ"أنا أردنية"
الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب والفنانة ليلى مراد تشاركا في "طال انتظاري لوحدي"، دويتو أنتج في ثلاثينيات القرن الماضي وكان على مقام النهوند الصعب كتبه أحمد رامي، وحصد نتائج مُبهرة على صعيد تفاعل صوتين في الأداء الموسيقي الغنائي وقوّى بالتالي حضورهما في التمثيل.. وجمع فيلم "معبودة الجماهير" لشادية وعبد الحليم حافظ واحدة من أجمل الدويتات وهي "حاجة غريبة".
أمثلة صغيرة عن لغة مشتركة في الإحساس والمشاعر والموسيقى وتكافؤ الأصوات والطبقات الغنائية بين "نجمين"، شكلت القاعدة الرئيسية لما سُمي "دويتات" حفلت بها الذاكرة العربية.
لكن منذ تسعينيات القرن الماضي بدأ عدد من المغنين السباق على "كعكة" الديو مجدداً بعد سلسلة ثنائيات ميّزت مرحلة الأعمال المسرحية للرحابنة، قبل فترة الحرب اللبنانية وبعدها، ونذكر هنا دويتات قدمتها السيدة فيروز والفنانة الراحلة صباح جمعتهما مع نصري شمس الدين ووديع الصافي، لكنها لم تخرج كثيراً إلى الفرادة التي تميز "دويتات" اليوم بل كانت أصبحت مجرد أعمال تاريخية قائمة على السرد المسرحي والحوارات التي قدمت.
السؤال، هل استطاعت الدويتات العربية المُستجدة أن تثبت تفاعلها الموسيقي والغنائي بين الفنانين أنفسهم؟ وهل تقبلها الجمهور "استماعاً" فقط ، نظراً لعدم تمكن الفنانيّن من الاجتماع في مكان واحد في المهرجانات والمناسبات إلا نادرا، سؤال بديهي يطرح "إشكالية" الهدف من وراء فكرة أو صناعة "الدويتو"؟
ما يُرجح هنا أسئلة حول مناسبة "الديو" وهل يعني إنتاجه اليوم مجرد إضافة فقط..! لا تسهم في تقدّم أو دفع أي من المغنين إلى نجاح أكثر، بل تبقيه مجرد شراكة آنية يُهلل لها الجمهور لوقت، ثم ينساها الأهم ما هي مناسبة هذه الدويتات إن لم تكن خرجت إلى الناس عن طريق فيلم سينمائي كما كان يحصل في السابق.
في العام 2009 أشيع عن مبالغ خيالية تُدفع من أجل شراكة أو "دويتو" يجمع صوتين، وصلت حدود هذه المعلومات إلى القول إن المغنية اللبنانية "ميليسا" دفعت ما يقارب النصف مليون دولار لمشاركة "النجم" السينغالي "آكون" في عمل واحد؟ لا تأكيد، ولا نفي، لكن هل هذا الجمع أسهم في نجاح الفكرة التي ابتكرت لرفع شأن ميليسا غناءً؟ بالطبع "لا" قد يكون "أكون" نسى لقاءه بميليسا اللبنانية بعد سبع سنوات من التعاون.
في سنوات "استديو الفن" "التسعينيات" استطاع المخرج سيمون أسمر أن يقوّي او يُوظف "ديو" الغناء لصالحه، ثمة مصلحة غلبت على الهدف في اختيار الفنانة نوال الزغبي لتقف إلى جانب النجم اليافع آنذاك وائل كفوري، وتغني معه "مين حبيبي أنا" الديو الذي لا يزال واحداً من أقوى "دويتات" نهايات القرن الماضي، ولا زالت أصداؤه حتى اليوم جيدة، خصوصاً وأن الزغبي وكفوري متقاربان فنيًا، وقاما بجولات غنائية معاً.. يومها فتح سيمون أسمر الباب أمام "الديو فتسلق كثيرون البوابة نفسها لمجرد اللحاق بفكرة نُفذت أو استهلكت من قبل أسمر - كفوري - الزغبي، لكن الواقع لم يحمل لكل تلك التجارب النجاح.
على الخط البياني الآخر، دخلت نجوى كرم في تحدٍ مع نفسها عندما وقفت إلى جانب الفنان الراحل وديع الصافي لتؤدي "ديو" "وكبرنا يا بيّي" محاولة من قبل كرم نفسها والشاعر الراحل عصام زغيب لحجز مكان متقدم "يباركه" الأب الروحي والفني وديع الصافي، "توليفة" أمدت نجوى كرم بنجاح نظراً للفكرة التي ربطت في القصيدة العامية، والتي تعبر عن حوار سهل دون تكلف بين الابنة ووالدها، نموذج واضح في الفكرة أو الهدف معًا فكانت أقرب إلى الحقيقة منه إلى قصص الحب والمغالاة التي ظهرت في دويتات أخرى.
وحاولت الفنانة التونسية الراحلة ذكرى التوفيق بين صوتها "الجبّار" وبين صوت الفنان إيهاب توفيق، فكرة جيدة في "ولا عارف" كلمات بهاء الدين محمد وألحان حمدي صديق وتوزيع متقن لأشرف عبده، قوّت ذكرى وتوفيق بنجاح متوقع نظراً لحال التوافق الواضحة في الغناء.
أما ديانا حداد، فأطلت في فكرة جديدة قامت على مزج صوتها بصوت المغني الجزائري الشاب خالد في "ماس ولولي"، اللهجة الخليجية وظفتّها حداد لصالح جمهور كبير يعرفها بين الجزائر ودول المغرب العربي، بساطة في التعابير للشاعر أحمد مرزوق وربط لحنّي بطريقة إيقاعية بسيطة.
إقرأ أيضاً: محمد إسكندر ومعين شريف.. لا سلطان ولا أمير
واعتبر الفنان المعتزل فضل شاكر من أكثر الفنانين الذين أسهموا في شهرة عدد من الفنانات، نظراً لجمهوره الكبير في العالم العربي - بداية دويتو جمع بين شاكر والفنانة الكويتية نوال في "أحاول"، أبيات باللهجة الخليجية لعب فيها شاكر ونوال على المفردات الجديدة بلحن رومانسي خفيف عززت وجود شاكر في دول الخليج العربي أكثر، وعرّفت نوال على جمهور جديد من خلال فضل شاكر، ثم تابع شاكر مشوراه مع يارا في ديو "اخدني معك" اتفاق ضمني لتعزيز حضور يارا التي ظهرت منتصف العقد الأول من الالفية الجديدة، "ديو" زاد شهرتها وجعلها تتقدم على الصعيد الخليجي رغم هوية "الديو" اللبنانية .. ولم توفر المطربة شيرين عبد الوهاب فضل شاكر من إقناعه بديو آخر " العام الجديد" كلمات مصرية كانت مناسبة لإطلالة شيرين من نافذة مطرب لبناني ملأت شهرته العالم العربي، بعد بدايات شيرين التي انحصرت بإنتاج مكتشفها نصر محروس ومشاركتها لمواطنها الفنان تامر حسني في "ان كنت نسيت" بداية انطلاقتها في "ديو" أيضاً جعل الناس تتعرف على شيرين وتامر معًا. واختتم شاكر أيضاً "دويتاته" مع اليسا في "جوا الروح" اتفاق بين شاكر وروتانا لتعزيز مسيرة ونجاح إليسا، لكن مزاجية فضل وإليسا حالت دون نجاح أو تصوير العمل، كما حصل في "دويتات" فضل الثلاثة.
تتكاثر "الدويتات" اليوم آخرها ما جمع بين ديانا حداد وعاصي الحلاني "روميو وجولييت"، تفكك واضح من خلال الفكرة القائمة على المال والإنتاج الضخم لأحد الأمراء السعوديين، ليبقى سؤال وجيه ما هو الهدف من وراء "الدويتو" اليوم؟
إقرأ أيضاً:نداء شرارة تبدأ مشوارها الفني بـ"أنا أردنية"