يكتسب اعتماد الدولار في الاقتصاد السوري قبولاً متنامياً مع ازدياد القناعة بفشل المحاولات الرامية إلى وضع حد لانهيار الليرة السورية المتواصل.
فقدت الليرة السورية، منذ شهر آذار/مارس من العام 2011، قرابة 90% من قيمتها متراجعة من 47 ليرة للدولار الواحد إلى حوالي 440 ليرة في السوق السوداء بدمشق. وفي السنة الماضية وحدها تضاعفت قيمة الدولار، فقد ارتفع من 210 ليرات في بداية 2015 إلى 380 ليرة في نهايتها. ونتيجة لذلك راح السوريون يعتمدون الدولار كأساس للكثير من صفقاتهم وذلك على الرغم من تسجيل وتنفيذ الصفقات بالليرة ظاهرياً.
والآن، يزداد استخدام الدولار وبشكل علني. فعلى سبيل المثال، ومنذ نهاية السنة الماضية، شجعت السلطات في المناطق الشمالية الخاضعة لسيطرة المعارضة على استخدام الدولار والليرة التركية بدلاً من الليرة السورية مبررة ذلك، ليس بانخفاض قيمة الليرة السورية فحسب، وإنما أيضاً بسبب اعتماد تلك المناطق على نوع عملة الواردات والمساعدات الخارجية. ويظهر التوجه نفسه في مناطق سيطرة داعش، حيث تناقلت تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه يطلب الآن من أصحاب المعامل تسديد قيمة فواتير الكهرباء بالدولار بدلاً عن الليرة.
علاوة على ذلك، يبدو أن هذا التوجه بدأ يلقى القبول حالياً حتى في مناطق النظام. ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني دعا عدد من أعضاء مجلس الشعب الحكومة لدفع جزء من أجور الموظفين بالدولار بهدف ترميم قدرة المواطنين الشرائية.
تلاشي العائدات
وفي هذه الأثناء، قال رئيس فرع نقابة مقاولي الإنشاءات في ريف دمشق، عكرمة عساف، لصحيفة الوطن السورية إن المقاولين يريدون تثبيت قيمة عقود المقاولات مع الدولة بما يعادلها من الذهب، بمبرر أن المقاولين يعانون من التأخير الكبير في استرداد مستحقاتهم لدى مؤسسات الدولة، الأمر الذي أدى إلى تلاشي عائداتهم وأرباحهم نتيجة لتراجع قيمة العملة المحلية.
بالتأكيد سترفض الحكومة السورية التعامل مع أي عملة أخرى غير الليرة السورية. أولاً، لأن ذلك سيؤثر على قدرتها في الاستمرار بتغطية النفقات نتيجة لانخفاض قيمة الليرة، مما يعني أنها ستتكبد خسائر إن قامت بدفع النفقات بالدولار. إضافة إلى ذلك، فإن خطوة كهذه ستكون ضارة من الناحية السياسية وستكون اعترافاً من الحكومة بالفشل النقدي.
عملياً، وطالما بقيت الحرب مستمرة في الأشهر والسنوات المقبلة، ستزداد العوامل التي تضعف قيمة العملة السورية. وكنتيجة لهذا الواقع، على المديين القصير والمتوسط، لا يبدو أن هناك أي طريقة للخروج من دولرة الاقتصاد، بل على العكس من ذلك، الدولرة ستزيد.
(باحث اقتصادي سوري)
أقرأ أيضاً:عنق النظام السوري تلتف على الاقتصاد
فقدت الليرة السورية، منذ شهر آذار/مارس من العام 2011، قرابة 90% من قيمتها متراجعة من 47 ليرة للدولار الواحد إلى حوالي 440 ليرة في السوق السوداء بدمشق. وفي السنة الماضية وحدها تضاعفت قيمة الدولار، فقد ارتفع من 210 ليرات في بداية 2015 إلى 380 ليرة في نهايتها. ونتيجة لذلك راح السوريون يعتمدون الدولار كأساس للكثير من صفقاتهم وذلك على الرغم من تسجيل وتنفيذ الصفقات بالليرة ظاهرياً.
والآن، يزداد استخدام الدولار وبشكل علني. فعلى سبيل المثال، ومنذ نهاية السنة الماضية، شجعت السلطات في المناطق الشمالية الخاضعة لسيطرة المعارضة على استخدام الدولار والليرة التركية بدلاً من الليرة السورية مبررة ذلك، ليس بانخفاض قيمة الليرة السورية فحسب، وإنما أيضاً بسبب اعتماد تلك المناطق على نوع عملة الواردات والمساعدات الخارجية. ويظهر التوجه نفسه في مناطق سيطرة داعش، حيث تناقلت تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه يطلب الآن من أصحاب المعامل تسديد قيمة فواتير الكهرباء بالدولار بدلاً عن الليرة.
علاوة على ذلك، يبدو أن هذا التوجه بدأ يلقى القبول حالياً حتى في مناطق النظام. ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني دعا عدد من أعضاء مجلس الشعب الحكومة لدفع جزء من أجور الموظفين بالدولار بهدف ترميم قدرة المواطنين الشرائية.
تلاشي العائدات
وفي هذه الأثناء، قال رئيس فرع نقابة مقاولي الإنشاءات في ريف دمشق، عكرمة عساف، لصحيفة الوطن السورية إن المقاولين يريدون تثبيت قيمة عقود المقاولات مع الدولة بما يعادلها من الذهب، بمبرر أن المقاولين يعانون من التأخير الكبير في استرداد مستحقاتهم لدى مؤسسات الدولة، الأمر الذي أدى إلى تلاشي عائداتهم وأرباحهم نتيجة لتراجع قيمة العملة المحلية.
بالتأكيد سترفض الحكومة السورية التعامل مع أي عملة أخرى غير الليرة السورية. أولاً، لأن ذلك سيؤثر على قدرتها في الاستمرار بتغطية النفقات نتيجة لانخفاض قيمة الليرة، مما يعني أنها ستتكبد خسائر إن قامت بدفع النفقات بالدولار. إضافة إلى ذلك، فإن خطوة كهذه ستكون ضارة من الناحية السياسية وستكون اعترافاً من الحكومة بالفشل النقدي.
عملياً، وطالما بقيت الحرب مستمرة في الأشهر والسنوات المقبلة، ستزداد العوامل التي تضعف قيمة العملة السورية. وكنتيجة لهذا الواقع، على المديين القصير والمتوسط، لا يبدو أن هناك أي طريقة للخروج من دولرة الاقتصاد، بل على العكس من ذلك، الدولرة ستزيد.
(باحث اقتصادي سوري)
أقرأ أيضاً:عنق النظام السوري تلتف على الاقتصاد