ومن الشروط إلغاء بعض الاستثناءات التي تمنح لغير القادرين على تعلم اللغة الدنماركية، ومنها السماح بالحصول على تقرير طبي متخصص، يصدر عادة عن أطباء أعصاب ونفسيين لإثبات أن "المستثنى" لم يستطع الانخراط في صفوف اللغة. وبما أن إجادة اللغة شرط أساس لاجتياز اختبار، تبحث الأحزاب تمرير التعديل القاضي بتخصيص لجنة فحص طبية متخصصة ضمن لجان التجنيس المكونة من برلمانيين وموظفين، لتقرر إن كان "المستثنى" لم يستطع بالفعل تعلم اللغة لأسباب صحية.
وسبق للجنة التجنيس أن جمدت في 2014 عدداً من طلبات التجنيس، بعد كشف وزارة العدل عن "تلاعب" في تقارير طبية متخصصة، وأثبتت أنها "متماثلة تماماً في الصياغة والتشخيص".
وفي هذا السياق، قال عضو البرلمان ولجنة التجنيس عن حزب المحافظين، ناصر خضر: "من المهم النظر بعين نقدية للتقارير الطبية، على الرغم من أن أغلبية الأطباء يقومون بعملهم بمهنية عالية".
ووسط انتقادات وجهها سياسيون وحقوقيون إلى مقترح تعديل هذا الاستثناء تحديداً، باعتباره يزيد زمن الانتظار ريثما يجري فحص الحالات، فإن خضر يرى في التعديل "فرصة لتقديم مساعدة محترفة لمعرفة أسباب عدم تعلم طالبي الجنسية لغة البلد".
اليسار الدنماركي في حزب اللائحة الموحدة، انتقد ما سماه "التشكيك بمهنية الأطباء". ورأت عضو البرلمان عن الحزب، ستينا بريكس، أن "هذا التعديل يعني انتهاج نموذج بيروقراطي غير ضروري". وبحسب التعليل الذي يقدمه حزب المحافظين، في إطار سياسة دمج صارمة تتطلب تعلم اللغة، فإن منح الجنسية، وفقاً للدستور، هو قضية سياسية، ويأمل هؤلاء تمكين "متخصصين مهنيين من فحص أسباب عدم تعلم اللغة بعد الحصول على تقرير طبي".
ومن بين أهم التعديلات المقترحة، بتوافق بين أحزاب الأغلبية البرلمانية، يبرز التعديل الذي يستثني "أعضاء العصابات" ممن ولدوا في الدنمارك أو خارجها من أصول مهاجرة. ويأتي مقترح التعديل هذا بعد أن شهدت الدنمارك "ترحيل شبان محكومين ويحملون جنسية الدنمارك".
ويلقى هذا المقترح تأييد معظم أحزاب البرلمان، استناداً إلى فقرة في قانون العقوبات المتعلق بالانتماء إلى عصابات. وتعاني الدنمارك مشكلة مع 432 شاباً على الأقل أعضاء في هذه العصابات يحملون جنسية الآباء، وكثيرون منهم ولدوا في الدنمارك. وبالرغم من الأصوات المنتقدة لحرمان هؤلاء من المواطنة ترد أحزاب اليمين، كما تفعل ستويبرغ، باعتبارها وزيرة دمج وهجرة، بأنه "طالما أن هؤلاء لا يرغبون بنا وبقوانيننا فلماذا بالأصل يحتجون على رفضنا منحهم المواطنة؟". وتكرر ستويبرغ باستمرار مقولة: "من لا يطيق العيش عندنا فليرحل إلى البلد الذي يراه الأنسب له".
ويعتبر التشديد الثالث المتعلق بـ"ضرورة إثبات استقلالية مالية عن المساعدات"، أي العمل طيلة 5 سنوات كشرط للجنسية، وهو أحد أهم التعديلات التي يمكن أن تطاول آلاف العاطلين من العمل. فوفقاً لاشتراطات الليبراليين في القانون الجديد "لا يمكن الحصول على المواطنة إذا كنت تعتاش على فوائد تعويضات البطالة لأكثر من 4 أشهر خلال السنوات الخمس الماضية". ويعني هذا عملياً أنه لن يكون هناك تسامح مع من يعيش على المساعدات المالية من البلديات، حتى لو عمل الإنسان سنوات واضطر لتلقي مياومات خلال 4 أشهر طيلة خمسة أعوام. ويجرى رفض طلب التجنيس في هذه الحالة، وعلى صاحبه الانتظار مرة أخرى لإثبات استقلاليته الاقتصادية.
ويعلل الليبراليون حماستهم لهذا التعديل، على لسان عضو لجنة التجنيس في البرلمان، لاورا ليندال، بالقول إن "من يريد المواطنة عليه أن يرسل إشارة واضحة بأنه مستقل اقتصادياً بالكامل ولا يتلقى مساعدات".
كيف تمنح الجنسية الدنماركية؟
يشترط قانون الجنسية في الدنمارك أن يقيم المهاجر 9 سنوات متواصلة، وثماني سنوات للاجئ، أما المتزوجون من مواطنين دنماركيين ولديهم أطفال، فالمدة تصبح أقصر، بحسب الحالات.
وبالإضافة إلى مدة الإقامة يشترط بصاحب الطلب أن يتقدم بشهادة ولاء والتزام بقوانين ومبادئ البلد، وأن يكون سجله الجنائي نظيفاً، ويعرض كل المخالفات القانونية التي ارتكبها قبل تقديمه الطلب، وأن يكون منخرطاً في سوق العمل ويجيد اللغة الدنماركية ويجتاز اختباراً من نحو 40 سؤالاً عن تاريخ وثقافة البلد، ويسمى "اختبار الجنسية".
ويؤجل وفق القانون الحالي منح المواطنة للأشخاص الذين خالفوا القانون. لكن يرفض منح المواطنة لكل شخص حكم بـ"زعزعة أمن الدنمارك القومي"، أو بالسجن الفعلي لأكثر من 18 شهراً، أو الذين صدر بحقهم حكم بالترحيل، بغض النظر عن سنوات الإقامة.
ويذكر أنه يجري عرض آلاف طلبات الجنسية سنوياً على اللجنة البرلمانية التي تدرس كل حالة على حدة. وتراوح أعداد طالبي الجنسية الدنماركية بين 1500 و4500 سنوياً، باستثناء عام 2016 الذي قُدم خلاله 15 ألف طلب، بعد السماح بازدواجية الجنسية، وجلهم من الأتراك الذين رفضوا التخلي عن جنسيتهم طيلة 4 عقود قضوها في البلد. ومن المرجح أن يكون اللاجئون منذ 2011 الأكثر تضرراً بتشديد القوانين، في ظل انتشار البطالة في صفوفهم.