الدفاع المدني الفلسطيني مهدد في عين الحلوة

18 يناير 2020
في خلال إحدى عمليات إطفاء الحرائق (فوج الدفاع المدني)
+ الخط -
في مخيّم عين الحلوة، الدفاع المدني الفلسطيني مهدّد في وجوده، تماماً كما هي حال أجهزة فلسطينية مختلفة، في ظلّ الأزمات المختلفة في المخيّم نفسه وعلى الصعيد اللبناني عموماً

في نهاية عام 2017، أبصر فوج الدفاع المدني الفلسطيني النور في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في مدينة صيدا جنوبي لبنان، ليتسلّم دوره في داخل المجتمع الفلسطيني ويؤدّي مهامه ما بين إطفاء الحرائق والتدخّل عند اللزوم في خلال الأحداث الأمنية وغيرها. اليوم، بعد نحو عامَين فقط، صار مهدّداً بالتوقّف عن العمل بعد مروره بأزمة تمويل. هذا الأمر دفع المشرفين عليه إلى رفع الصوت عالياً وتوجيه نداء إلى كلّ من يستطيع تقديم المساعدة ليتخطّى هذا الجهاز أزمته ويستمرّ في خدمة المجتمع.




يقول قائد فوج مخيّم عين الحلوة في الدفاع المدني الفلسطيني تامر الخطيب لـ"العربي الجديد" إنّ "فكرة إنشاء الدفاع المدني أتت في عام 2014 وقد شُكّل بالفعل فوج، إلا أنّه لم يستمرّ لأسباب عدّة. وفي أواخر عام 2017، تشكّل فوج الإطفاء الحالي واستطعنا الفوز بمشروع مموّل من شركة آرك التي تُعنى بتمويل المشاريع، وبالتالي تأسيس فريق من المتطوّعين تلقّوا التدريب والتجهيز بمعدات الإطفاء اللازمة".

يضيف الخطيب أنّ "مدة تمويل المشروع انتهت في يونيو/ حزيران 2019، علماً أنّه كان يغطّي مصاريف الفوج من إيجار المركز ومساعدات المتطوّعين والمصاريف النثريّة في مراكز الدفاع المدني الستّة الموزّعة في مخيّم عين الحلوة، وكذلك مخيّم البرج الشمالي في مدينة صور (جنوب)، ومخيّمَي برج البراجنة وشاتيلا في بيروت، ومخيّمَي نهر البارد والبداوي في الشمال اللبناني". لكنّه يلفت إلى أنّ "الحصة الأكبر كانت لمخيّم عين الحلوة، فالفوج يمتلك معدّات بحث وإنقاذ أكثر من أيّ فوج آخر نتيجة خصوصية الوضع هنا. ونحن كنّا قد رأينا أنّ ثمّة حاجة في المخيّم إلى سيارة إطفاء وتمكّنا من شرائها من خلال تبرّعات من أبناء المخيّم وفاعلي خير بقيمة 20 ألف دولار أميركي ومن تبرعات المتطوّعين أنفسهم التي بلغت أربعة آلاف دولار أميركي".

ويوضح الخطيب: "استطعنا تأمين المصاريف من صندوق المركز لفترة قصيرة، وبعدها حصلنا على مشروع استثمار محطة وقود في المخيّم مع المغسل وخدمات صيانة السيارات، تمكّنا من خلاله من تأمين بعض المصاريف وتشغيل المتطوّعين الذين لا يتقاضون أيّ بدل مالي من الدفاع المدني. لكن بسبب أزمة المحروقات والأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان أخيراً، لم تعمل المحطة ولا الخدمات ذات الصلة بالشكل المطلوب، ووصلنا إلى أزمة تمويل الدفاع المدني وبات مهدداً بالتوقّف عن تقديم الخدمات". ويذكر أنّ "تكاليف المركز الشهرية تقارب 1700 دولار أميركي، بالإضافة إلى تكاليف العيادة الطبية الخاصة بالحروق والجروح".



يضمّ فوج الدفاع المدني في مخيّم عين الحلوة 38 متطوعاً، وقد أُقفل باب التطوّع لعدم القدرة على استيعاب عدد أكبر، علماً أنّ شبّاناً كثرا تشجّعوا للتطوّع لما لذلك من فائدة على المخيّم، وعلى الصعيد الإنساني بشكل عام. كذلك ثمّة اندفاع للعطاء من قبل شباب المخيّم. ويملك الفوج سيارة إطفاء واحدة غير قادرة على التجوّل في خارج المخيّم لأنّ الدفاع المدني الفلسطيني لا يُعَدّ مؤسسة رسمية في سجلات الدولة اللبنانية، كذلك يملك سبع درّاجات نارية صغيرة للتنقل بسرعة بين الأحياء وفي أزقة المخيّم، بالإضافة إلى دراجة نارية تحمل خزّاناً صغيراً للمياه.

وشارك الدفاع المدني الفلسطيني بفاعلية في إطفاء الحرائق التي اندلعت في أكثر من مكان في لبنان في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكان لفوج عين الحلوة بصمة في ذلك إذ تمكّن من السيطرة على النيران في المناطق التي عمل بها. يُذكر أنّ متطوّعي الفوج يتوجّهون إلى مناطق الحرائق في خارج المخيّم بواسطة سيارات أجرة وعلى حسابهم الخاص وهم يحملون معداتهم لعدم تمكّنهم من امتلاك وسائل نقل خاصة بهم ولعدم تمكّن سيارة الإطفاء من مغادرة المخيّم.

ويتحدّث الخطيب عن "إجماع من قبل فاعليات المخيّم وأهاليه على استمرار الدفاع المدني بعمله. وقد اجتمعت الفاعليات في سفارة دولة فلسطين في بيروت، لإطلاق حملة تبرّعات مالية تُخصَّص لتأمين مصاريف الفوج، فيما تلقّى الفوج وعوداً باعتماده مؤسسة رسمية فلسطينية. لكن إلى حين قيام ذلك، يبقى فوج الدفاع المدني عرضة لأزمات متتالية في ظل الظروف الحالية".




نعيم زيدان متطوّع في الدفاع المدني، كانت لديه تجربة سابقة من خلال عمله في أحد فرق الإسعاف، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه "عندما تبلورت فكرة إنشاء فوج للدفاع المدني، كنت من أوّل المتطوّعين لأنّني مع أيّ مبادرة تخدم شعبنا الفلسطيني في المخيّم، وكذلك لأنّني أحبّ العمل على إنقاذ الناس. وبعد مهمات عدّة لنا في المخيّم، تبيّن أنّه بأمسّ الحاجة إلى هذا الفوج، لا سيّما أنّ الدفاع المدني اللبناني لا يدخل إلى المخيّم عند وقوع أيّ حريق، والمنازل متلاصقة في أزقة ضيقة، وأيّ حريق قد يؤدّي إلى كارثة". ويطالب زيدان بأن "يكون الدفاع المدني مثل أيّ مؤسسة رسمية فلسطينية"، لافتاً إلى أنّ "عناصر الدفاع المدني في معظم دول العالم هم موظفون ويتقاضون رواتب شهرية تؤمّن لهم حياة كريمة، خصوصاً أنّهم يقوموم بمهام لإنقاذ الأشخاص والممتلكات". وحول الأزمة الحالية، يقول زيدان إنّ "المطلوب هو تغطية التكاليف التشغيلية للقيام بالمهام المطلوبة"، متسائلاً: "ماذا لو لم يكن الدفاع المدني موجوداً في مخيّم عين الحلوة؟".
المساهمون