الدفء للأغنياء في أفغانستان

23 نوفمبر 2016
الطقس بارد جداً (فارشاد أوسيان/ فرانس برس)
+ الخط -
مع بدء فصل الشتاء في أفغانستان، ارتفعت أسعار الوقود في كلّ أنحاء البلاد، لا سيما في العاصمة كابول، وإن كانت السلطات تقول إنها تراقب الأسعار عن كثب، وإنها تعتمد آلية خاصة للمراقبة. إلّا أن الأفغان، الذين يعيش معظمهم تحت خط الفقر، يشيرون إلى أنّ الحكومة الأفغانية لا تتحرّك ضدّ التجار الذين يرفعون الأسعار من دون أي مبرر.

ورغم شكاوى المواطنين، تصر الحكومة الأفغانية على أنّها تعمل باستمرار للحفاظ على أسعار الوقود، وتلبية كل ما يحتاج إليه المواطن. في هذا السياق، يقول المسؤول في إدارة مراقبة الأسعار، فداعلى سيغاني: "على مدى الأعوام الماضية، عملنا على وضع آلية للحفاظ على الأسعار، ومعاقبة أولئك الذين يخالفون اللوائح"، مشدّداً على أن الحكومة لن تتردّد في معاقبة كل من يتحدى القانون.

ولدى سؤاله عن عدد المخالفين الذين تدّعي الحكومة أنها لاحقتهم بسبب مخالفتهم اللوائح وبيعهم الوقود بأسعار مرتفعة خلافاً لتلك التي حدّدتها الإدارة، لم يكن يملك جواباً. في هذا الإطار، يشير عدد من المواطنين إلى تواطؤ المسؤولين مع التجار الذين يرفعون الأسعار. في الوقت الحالي، وصل سعر كلغ غاز الطهي إلى نحو 70 أفغانية (نحو دولار)، بعدما لم يكن يتجاوز 40 أفغانية (نحو نصف دولار) قبل أسابيع، أي قبل بدء البرد.

في هذا السياق، يقول محمد أمان، وهو سائق في مدينة كابول، إن المشكلة الرئيسيّة تكمن في غياب الرقابة، لافتاً إلى أن الفقراء يدفعون الثمن. يضيف أنّه يحتاج إلى شراء غاز الطهي يوميّاً، لافتاً إلى أنّ عائلته تضطر إلى استخدام الخشب للتدفئة، وقد ارتفع سعره أيضاً. يشير إلى أنه في السابق، كان يشتري الخشب قبل بدء موسم البرد. لكن هذا العام، لم يستطع شراء حاجته لأنه لم يكن يملك المال. ويسأل عن وعود الرئيس الأفغاني، أشرف غني، المتكررة أثناء حملته الانتخابية قبل عام 2013، والذي قال إنه سيعمل من أجل فقراء البلاد، من دون أن يفعل شيئاً.



في هذا السياق، يقول عبد الستار، الذي فقد رجله وعينه اليمنى في انفجار في إقليم وردك، إن أطفاله يعانون من شدة البرد. وهو بالكاد قادر على تأمين قوت يومهم، إلا أنه يعجز عن تأمين ما يلزم لتدفئة غرفته. تجدر الإشارة إلى أنه يعيش في منزل أحد أقاربه في منطقة قلعه رحمن، في ضواحي العاصمة الأفغانيّة كابول.

يقول عبد الستار إن الحياة باتت صعبة للغاية، لافتاً إلى أنّ أولاده يعانون بسبب البرد الشديد، خصوصاً بعد منتصف الليل وقبيل الفجر. إلا أنه في الوقت الحالي، يجد نفسه عاجزاً عن فعل أي شيء. يضيف أنه يبكي من حين إلى آخر عله يرتاح قليلاً. ولا يتوقّع أن تقدّم الحكومة أي شيء لأمثاله، رغم أنّه أصيب خلال دفاعه عن بلاده، هو الذي كان يعمل في صفوف رجال الأمن. مع ذلك، يناشد المسؤولين في الحكومة بأن يفعلوا شيئاً ويراقبوا الأسعار ويساهموا في القضاء على المافيا المسؤولة عن رفع الأسعار، الأمر الذي أثّر على فقراء البلاد بشكل كبير.

التجار أيضاً يعربون عن معاناتهم، في ظل تراجع تجارتهم بسبب الضرائب التي تفرضها عليهم الحكومة. رغم ذلك، يعترفون بارتفاع أسعار الوقود من دون مبرر. أحد هؤلاء التجار هو حاجي صفير خان، يقول لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار الوقود أمر روتيني، لافتاً إلى أن للمسؤولين في الحكومة يد في الأمر. يضيف أن التجار والمواطنين يدفعون الثمن، مشيراً إلى أن لارتفاع الأسعار نتائج عكسية على التجار والمواطنين على حد سواء. أمّا الأشخاص الذين يقررون رفع الأسعار، فيشير إلى أنهم قد يكونون بعض التجار الكبار، موضحاً في الوقت نفسه أن ذلك لا يمكن أن يحصل إلّا بالتواطؤ مع الحكومة ومسؤولين في الإدارات المعنيّة.

كذلك، يلفت خان إلى أنه في حال قرّرت الحكومة مراقبة الإدارات وإبعاد هؤلاء المسؤولين عن زيادة الأسعار، سيرتاح المواطنون. لكن لا يبدو أن الحكومة راغبة حقاَ في إيجاد حلّ لهذه الأزمة. وإلى أن تقرّر حل المشكلة بصورة نهائية، ستستمر معاناة المواطنين، خصوصاً الفقراء، وقد لا يجدون سبيلاً إلى التدفئة.