أقر وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي، اليوم الخميس، بمسؤولية قواته عن مقتل محتجين عراقيين وإصابة آخرين خلال هذا الأسبوع، وذلك في أول إعلان رسمي من نوعه يتعلق بملف قمع التظاهرات العراقية التي انطلقت في مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية والفساد المستشري في البلاد.
وتعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالتحقيق في أعمال قمع مارستها قوات الأمن بحق محتجين، يومي الأحد والاثنين، وخلفت أربعة قتلى ونحو 40 جريحاً في بغداد، و20 آخرين في النجف، جنوبي البلاد.
وقال وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد مساء الخميس، إنّ التحقيقات وتقرير الطب العدلي أثبتت أن المتظاهرين قتلوا ببنادق صيد استخدمت من قبل 3 منتسبين لقوات الأمن العراقية، مؤكداً أنه "تقرر إيقاف المنتسبين المتسببين بإطلاق النار على المتظاهرين، وتشكيل مجلس تحقيقي حيال أعمال العنف التي حدثت في التظاهرات"، داعياً في الوقت نفسه المتظاهرين للحفاظ على سلمية التظاهرات.
تقرر إيقاف المنتسبين المتسببين بإطلاق النار على المتظاهرين، وتشكيل مجلس تحقيقي حيال أعمال العنف التي حدثت في التظاهرات
ويعد هذا أول اعتراف صريح للسلطات العراقية بمسؤوليتها عن قتل متظاهرين منذ تفجر الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، غير أن التحقيق ذاته حصر المسؤولية بثلاثة أفراد أمن دون ذكر أي تفاصيل حول ما إذا كان هناك ضباط قد أصدروا توجيهات مركزية بشأن القمع من عدمه.
لكن مسؤولاً بوزارة الداخلية العراقية كشف، لـ"العربي الجديد"، عن أنّ "التحقيقات الشاملة بملف التظاهرات ما زالت قيد الإنجاز، وما أعلن اليوم يتعلق فقط بحادثة مقتل المتظاهرين خلال الأسبوع الحالي"، مؤكداً أنّ "التحقيق مع العناصر الأمنية الثلاثة أوصل إلى وجود قبول أو تأييد من قياداتهم المباشرة في جلب بنادق صيد واستخدامها ضد المتظاهرين، وهذا الفعل معتمد منذ أشهر عدة وليس الآن فقط وتسببوا بقتل متظاهرين سابقا بالطريقة نفسها، وهناك آخرون معهم".
ولاقى الإعلان ردود فعل متباينة في بغداد حيال نتائج التحقيق. وقال أحد أعضاء تنسيقية ساحة التحرير ببغداد، ويدعى علي عمران، لـ"العربي الجديد"، إنه "كما كان متوقعا تم حصر الجريمة بأفراد صغار ليفلت المتسببون الكبار بالجريمة".
وأضاف أن "التحقيق لا يمكن أن يغطي على ملف القمع بشكل إجمالي، وهناك مئات الشهداء ننتظر أن تكشف الحكومة عمن كان وراء قتلهم، كما ننتظر الإفصاح عن مكان أو مصير المختطفين".
في المقابل، قال الناشط محمد السالم إن نتائج التحقيق بقتل المتظاهرين التي أعلنها وزير الداخلية عثمان الغانمي كانت "مخيبة جداً"، متسائلاً: "إذا كان منتسبون بوزارة الداخلية استخدموا بنادق صيد بشكل شخصي فعلى الغانمي أن يستقيل، لأن أهم بقعة بالعراق لم يتمكن من تأمينها، أو أن الداخلية مستعدة لأن تتهم نفسها ولا تتهم المليشيات".