عاد دائنو اليونان الأربعاء إلى أثينا، لعقد اجتماعات مع المسؤولين اليونانيين للانتهاء من الأمور العالقة في برنامج الإصلاحات، مع قرب انتهاء خطة الإنقاذ الثالثة والأخيرة.
ومع اقتراب عقد اجتماع لوزراء مالية مجموعة اليورو في 21 حزيران/ يونيو المقبل لاتخاذ قرار بخصوص إنهاء البرنامج، من المقرر أن تجتمع فرق خبراء من الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي مع الحكومة اليونانية لمناقشة نهج الخصخصة، وإصلاح جهاز الخدمة المدنية وقطاع الطاقة الذي تهيمن عليه الحكومة.
وستقرّر مجموعة اليورو في 21 يونيو/ حزيران بشأن جميع العناصر التي قد تساعد في خروج اليونان من البرنامج بحلول أغسطس/ آب.
ويستمر البرنامج الحالي الذي تبلغ قيمته الإجمالية 86 مليار يورو وتم الاتفاق عليه في 2015، حتى أغسطس/ آب هذا العام، وهو تاريخ تأمل الدولة الأوروبية في العودة بعده إلى تمويل السوق بشكل كامل والعودة إلى وضعها الطبيعي.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية ديميتريس تزاناكوبولوس "نودّ أن نتوصل لاتفاق في حزيران/ يونيو لخروج نظيف من البرنامج، خروج لا تصاحبه تسهيلات ائتمانية احترازية".
وسينصب تركيز الدائنين على الإشراف على الالتزام المالي لليونان، الذي وصفه وزير المالية اليوناني اوكليدس تساكالوتوس بـ "المراقبة المعززة".
وفيما تجرى زيارات التقييم كل ستة أشهر في الدول الأخرى الخاضعة لخطط إنقاذ، من المرجح أن تكون زيارات المراقبة أكثر تواتراً في حالة اليونان، بحسب ما قال تساكالوتوس الشهر الفائت.
وفي خطة للنمو المتوقع قدمتها أثينا لوزراء مالية مجموعة اليورو الشهر الفائت، تعهدت اليونان بالمحافظة على فائض ميزانيتها الأساسي، الفارق بعد استبعاد أقساط الدين، عند 3.5 من الناتج حتى عام 2022.
وفي المقابل، تريد اليونان خفض الضرائب، وزيادة الإنفاق الاجتماعي، وزيادة الحد الأدنى للأجور بشكل تدريجي.
وقال تساكالوتوس "فيما نتجاوز (هدف) الفائض الأساسي، في وقت ما تجب مناقشة تخفيف إجراءات التقشف". وقال إن "تجاوز الأهداف كل عام بنسب 1 و1.5 و2% سيعمل في غير مصلحة النمو".
وتأمل اليونان، التي تم إنقاذها ثلاث مرات، في الحصول على مزيد من تخفيف الديون من دائنيها، من خلال خيارات تشمل مواعيد استحقاق أطول وتجميد سعر الفائدة واستعادة عوائد الأرباح من السندات الحكومية اليونانية التي تحتفظ بها البنوك المركزية الأوروبية.
وأكد الاتحاد الاوروبي أن اليونان ستبقى خاضعة للإشراف الأوروبي حتى يتم سداد 75% من ديونها لدائنيها من المؤسسات. وأنقذت قروض الإنقاذ اليونان من شبح الإفلاس الذي خيم عليها قبل سنوات.
ويعتبر تخفيف الديون مسألة شديدة الحساسية، لا سيما أن ديون اليونان للدول الأوروبية تقارب 180% من إجمالي ناتجها السنوي.
وتدعو فرنسا إلى تمديد قروض اليونان لمدة 12 سنة وتحديد نسب الفائدة عند 2%، ما يعني تقليل المبالغ التي عليها دفعها بنحو 18 مليار يورو.
وشهدت اليونان نمواً خجولاً في 2017 (1.4%)، بعد تسع سنوات من الركود بسبب أزمة الديون.
بدأت الأزمة اليونانية في أواخر عام 2009 مع انتشار المخاوف بين المستثمرين حول من عدم قدرة اليونان على الوفاء بديونها نتيجة الزيادة الحادة لحجم الدين العام. وأدى ذلك إلى أزمة ثقة في الأسواق المالية اتضحّت بارتفاع الفائدة على السندات اليونانية وارتفاع التأمين على السندات اليونانية ضد التخلف عن السداد.
ومع تزايد حجم الديون العمومية واجه الاقتصاد اليوناني ضعفاً في النمو، وهو ما عقّد من وضع اليونان وصعب من قدرتها في الحصول على قروض جديدة لتسديد ديونها السابقة.
في عام 2010، طلبت الحكومة اليونانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، تفعيل خطة إنقاذ تتضمن قروضاً لمساعدة اليونان على تجنب خطر الإفلاس والتخلف عن السداد.
وكانت معدلات الفائدة على السندات اليونانية، قد ارتفعت إلى معدلات عالية نتيجة مخاوف بين المستثمرين من عدم قدرة اليونان على الوفاء بديونها، لا سيما مع ارتفاع معدل عجز الموازنة وتصاعد حجم الدين العام.
وفي 21 فبراير/ شباط 2012، أقرت دول منطقة اليورو الحزمة الثانية لإنقاذ اليونان، وتتضمن الحزمة جملة إجراءات خصصت لها 130 مليار يورو، فضلاً عن اتفاق لتبادل سندات ديون أثينا مع دائنيها من القطاع الخاص ينص على شطب 107 مليارات يورو.
وتوصلت الحكومة اليونانية في 14 أغسطس/ آب 2015 إلى اتفاق مع مجموعة الدائنين يقضي بحصول اليونان على حزمة جديدة من المساعدات، تصل قيمتها إلى 86 مليار يورو، بعد موافقة البرلمان اليوناني على شروط قاسية حاول تجنّب إقرارها لوقت طويل.
أنقذت أموال هذه الحزم التي دفعها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اليونان من الإفلاس، غير أن سياسات التقشف والإصلاح التي اشترطها المقرضون، ساعدت في تحويل الركود إلى كساد.
(فرانس برس، العربي الجديد)