الخطر القادم من الحدود الإيرانية

25 يونيو 2018
لطالما أقلق حزب "بيجاك" الكردي طهران (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -


بدأت إيران، بعد انشغالها، خلال السنوات الأخيرة، بالأوضاع المعقدة في مناطق جغرافية بعيدة عن حدودها، تستشعر باقتراب الخطر من مناطق أقرب بكثير. فقد زادت في الفترة الأخيرة الأنباء التي تتحدث عن وقوع اشتباكات وتفكيك خلايا إرهابية كما يصفها المسؤولون الإيرانيون في مناطق حدودية، إما تقع شمالي غرب أو غربي إيران بالقرب من الحدود مع كردستان العراق، أو في الجنوب الشرقي بمحاذاة باكستان. وتمتد الحدود الغربية الإيرانية من شريطها الشمالي حتى الجنوب إلى جانب تركيا والعراق. وقد ذكر حرس الحدود، التابع للشرطة الإيرانية، في منطقة الحدود مع كردستان العراق، الأحد الماضي، أن اشتباكات وقعت في منطقة بيرانشهر خلال جولة تفقدية لحرس مركز تمرتشين الحدودي، الذين اشتبكوا مع جماعة مسلحة مناهضة للنظام، ما أدى على مقتل ضابط إيراني وجرح آخر، فضلاً عن مقتل أحد أفراد تلك المجموعة.

وقبل ذلك، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن السلطات في البلاد فككت خليتين إرهابيتين في منطقتي آشنويه وسرو أباد، الواقعتين شمال غربي البلاد، عقب مواجهات مسلحة أدت لمقتل ستة أفراد وإصابة ثلاثة من هاتين المجموعتين، خلال محاولة أفرادها التسلل عبر الحدود المحاذية لكردستان العراق. وتكرر الحديث عن اشتباكات مماثلة في منطقة سردشت، التي يقطنها أكراد إيرانيون، والواقعة في محافظة أذربيجان الغربية، وسقوط قتلى من الطرفين.

وسببت منطقتا مهاباد وسرو أباد صداعاً في الأعوام الأخيرة للقوات الإيرانية، إذ زادت حركة من تصفهم البلاد بالمسلحين والإرهابيين. ولطالما شغل "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، المعروف باسم "حدكا"، الحرس الثوري وحرس الحدود في تلك المناطق. كما أن حزب "بيجاك" الكردي أقلق طهران، وهو حزب "الحياة الحرة الكردستاني" في إيران ويمثل جناح حزب العمال الكردستاني. ومن جهة الشرق تحد إيران كل من أفغانستان وباكستان، وهي منطقة ذات تضاريس صعبة تنشط فيها حركة مهربي المخدرات. لكن الخطر القادم من الشريط الواقع جنوب شرقي البلاد قد يكون أكبر، فهناك تحاذي سيستان وبلوشستان في بعض مناطقها الحدود الباكستانية، وتتحرك جماعات تضم أفراداً من البلوش السنة المعارضين لإيران. وأخيراً، قتل ضابط برتبة رقيب أول من حرس الحدود الإيراني، بانفجار لغم زرعه إرهابيون في المنطقة القريبة من الحدود مع باكستان كما قالت السلطات الإيرانية. وتتردد أنباء حول اشتباكات تقع بين جماعات وحرس الحدود بين الحين والآخر، فيما تفاوض السلطات الإيرانية حالياً المعنيين في باكستان لاسترجاع جندي اختطفه مسلحون عقب وقوع اشتباكات. كما وقعت طهران مع إسلام أباد اتفاقيات أمنية في محاولة لتأمين الشريط الحدودي وفرض رقابة مشددة عليه، منعاً لتحرك أفراد من جماعات سنية في تلك المنطقة، إذ إنهم يفرون إلى داخل الأراضي الباكستانية أحياناً.

وتحيط المياه بمعظم المناطق الواقعة شمالاً وجنوباً، لكن هذا الأمر لا يعني أنه لا خطر قادماً من هناك، خصوصاً من الحدود الجنوبية الممتدة على المياه الخليجية حيث تتواجد القواعد الأميركية. وفي محاولة لتشكيل قوة ردع، حاولت طهران طيلة السنوات الماضية، صك قواعد لضبط حركة القطع البحرية الأجنبية ومنع تجاوز حدودها. ويحاول الحرس الثوري الإيراني مراقبة الحدود الإيرانية من كل الجهات، ومنح قواته سلطة ضبطها براً وبحراً، في محاولة لمنع انتقال التوتر إلى العمق، فصحيح أن المناطق الحدودية تشهد توتراً نسبياً بين الحين والآخر، لكن الوضع ما زال منضبطاً في الغالب، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية الخطر القادم من جهتها.