الخطاب العنصري لترامب ومستشاريه: ابحث عن أدبيات نتنياهو وجافني

07 فبراير 2017
فرانك جافني صاحب فكرة منع دخول المسلمين لأميركا(وين مكنامي/Getty)
+ الخط -
يتبين أن أدبيات الأوساط اليهودية الأميركية المتطرفة، وكتابات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هي المعين الذي يغرف منه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وكبار مستشاريه لتسويغ خطابهم العنصري ضد الإسلام والمسلمين. ويتضح أن ترامب ومستشاريه وقعوا تحت تأثير التحريض العنصري الذي زخر به هذا الإرث وتلك الكتابات. ويبدو جلياً أن تبني ترامب فكرة منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة تعكس تأثره بأفكار الكاتب اليهودي، فرانك جافني، الذي يعد من قادة اليمين الأميركي، والذي يعتبر منظر "الإسلاموفوبيا" الأول في الولايات المتحدة.

وذكر موقع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أمس الإثنين، أن ما يعكس عمق تأثر ترامب وفريقه بأفكار جافني هو المديح الذي يكيله له باستمرار المستشار الاستراتيجي للرئيس الأميركي، ستيف بانون، الذي يعد الأكثر تأثيراً على ترامب. ونقلت الصحيفة عن بانون: "ما قام به جافني هو جهد مقدس يقترب من الخيال ضد الإسلام المتطرف"، وفق تعبيره. ولم يكن من سبيل المصادفة أن السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون درمر، منح العام الماضي جافني جائزة بسبب دوره في "مواجهة التطرف"، وفق ما ذكر وقتها.

ورفض درمر الانتقادات التي وجهت له من منظمات حقوق الإنسان الأميركية التي حذرت من دور جافني في دفع فكرة "الإسلاموفوبيا"، ووصف جافني بـ"الشجاع". ويشار إلى أن أسرة جافني من العائلات التي تقود التيار الديني "الحريدي الليتائي" في إسرائيل. وأبرز وجوه هذه العائلة هو الحاخام، موشيه جافني، الذي يرأس لجنة المالية في الكنيست الإسرائيلي.

وذكرت "هآرتس" أن ترامب ومستشاريه، لا سيما بانون، تأثروا بما ورد في كتابات نتنياهو قبل أن يتولى مناصب سياسية عليا، لا سيما كتاب "الحرب على الإرهاب" وكتاب "مكان تحت الشمس". ونوّهت الصحيفة إلى أن نتنياهو دعا في كتابه "الحرب على الإرهاب"، الذي ألفه قبل 23 عاماً، إلى "وقف هجرة المسلمين إلى الغرب". ومما كتبه آنذاك: "المسلمون من الدول العربية ودول أخرى حولوا الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا والغرب إلى دول لجوء"، بحسب وصفه. وفي مكان آخر، ذكر أنه "بخلاف رأي كثير من المؤرخين فإن صعود الإسلام في عصرنا هو تواصل مباشر لكراهية الإسلام التاريخية للغرب منذ أيام محمد". وأضاف: "العرب في نضالهم ضد إسرائيل إنما يحاولون تدشين مملكة فاشية موحدة ضد الغرب"، وفق قوله.


وأوضحت "هآرتس" أن كلاً من بانون ومستشار الأمن القومي الأميركي الجديد، الجنرال مايكل فلين، والمستشار الخاص لترامب، ستيف ميلر، تأثروا بما ورد في كتاب نتنياهو "مكان تحت الشمس" الذي ألفه قبل 25 عاماً. وجاء في الكتاب: "الإسلام المتطرف ورم سرطاني يهدد الحضارة الغربية". وأشارت "هآرتس" إلى أن أحد أقرب المقربين من ترامب، المستشار السياسي الأميركي، روجرز ستون، تبنى أفكار نتنياهو وجافني. وفي مقابلة أجراها معه بانون عندما كان يدير موقع "بيرت برات" اليميني، قال روجرز: "هؤلاء الأوباش من المجانين المسلمين سيغزون شوارعنا وسيقضون حوائجهم في شوارعنا وسيغتصبون نساءنا وسيسلبون أمتعتنا وسيتسببون بالمتاعب لنا"، وفق تعبيره.

وأورد معلق الشؤون الأميركية في صحيفة "هآرتس"، حامي شليف، أمثلة عدة تعكس عمق تأثر بانون بخطاب نتنياهو وجافني. وأشار شليف إلى أن بانون وصف الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، بـ"الرئيس الأكثر غباء في تاريخ الولايات المتحدة" لأنه وصف الإسلام بـ"دين السلام". وأضاف بانون: "الإسلام ليس دين سلام، بل هو دين خنوع، والغرب الآن في أوج مواجهة معه، لا سلام مع الإسلام الجهادي والفاشي". وهاجم الليبرالية الغربية، واتهم العلمانيين والليبراليين، أنهم "يضعفون صمود الغرب ويقلصون من قدرته على المواجهة بما يدفع لخسارته المواجهة ضد الإسلام".

ولفت شليف إلى أن المقالات التي كتبها بانون في موقع "بريتبارت" تظهر أنه يؤمن بحتمية اندلاع "حرب يأجوج ومأجوج" (حرب مدمرة وطاحنة)، وأنه متأثر بالأدبيات الدينية التي سادت أوروبا عشية وأثناء الحروب الصليبية. وقد عبر بانون عن إيمانه بـالدوافع "الأخلاقية" للحروب الصليبية التي تمثلت في "إعلان المسيحية الحرب المقدسة على الإسلام"، وفق اعتقاده. وحذر من أن الإسلام "هو الذي يتجه في طريقه لاحتلال وتدمير الغرب، الذي تآكلت قواه على يد العلمانيين والليبراليين، وذلك بخلاف ما حدث في الحروب الصليبية"، وفق بانون. وأشار شليف إلى أن المستشار الاستراتيجي لترامب أوضح خلال محاضرة ألقاها في الفاتيكان عام 2014، أن الحرب بين الإسلام والغرب "أبدية"، مشدداً على وجوب المحافظة على "الثقافة الغربية والكنيسة". وخلص شليف إلى أن بانون يؤمن بأهمية التحالف بين اليهود والمسيحيين في مواجهة الإسلام، ويحرص على استخدام مصطلح العالم "اليهومسيحي"(Judeo-Christian).