الخطاب الاقتصادي المصري يتجدد

25 يناير 2016
الاقتصاديون يحاكون الشارع (جوناثان رشاد / Getty)
+ الخط -
هل تعيش مصر في مُعسكر ليبرالي يعتمد سياسات السوق الحرة أم ما زال إرث النظام الاشتراكي يحكُم قبضته على مفاصل الاقتصاد منذ خمسينيات القرن الماضي؟ معضلة رئيسية سيطرت على فكر شباب المُحللين والصحافيين الاقتصاديين المصريين الذين برزت أسماؤهم على الساحة التحليلية في مُنتصف التسعينيات حتى اليوم. تنوعت الخلفيات الاقتصادية التي أثرت في فكر الباحثين والصحافيين الشباب ما بين الاحتفاظ بدور الدولة في قيادة الاقتصاد أو الميل إزاء تعظيم دور القطاع الخاص.
ومع ذلك تقاسموا هدفا مُشتركا يصبو إلى دمج أفكارهم مع التطور الذي تشهده قضايا المجتمع للخروج بطرح اقتصادي يساعد البلاد على تجاوز نموذج التشوه الاقتصادي الذي يجمع بين سياسات الرأسمالية التي يحترف لوبي رجال الأعمال ممارساتها، والإرث البيروقراطي للاشتراكية في مؤسسات الدولة.
وشكلت مجموعة من القضايا محور اهتمام المحللين الاقتصاديين الجدد، أبرزها آليات تحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة، وذلك عبر تفكيك القضايا الرئيسية التي اندرجت ضمن سياسات الإصلاح الاقتصادي. ولعل أبرز هذه القضايا الاحتكار، الخصخصة، حقوق العاملين، تحجيم النقابات العمالية، تطوير الجهاز الإداري، مخصصات الدعم، تفاقم الديّن، عجز الموازنة، العدالة الضريبية والاقتصاد الموازي وغيرها من القضايا الحيوية ذات العلاقة الوثيقة بالأنظمة السياسية المتعاقبة على حكم البلاد.
ومن أبرز شباب الصحافيين الاقتصاديين الذين برز اسمهم في منتصف التسعينيات الكاتب وائل جمال، الذي نشط في تناول كيفية هيكلة مفهوم العدالة الاجتماعية وتحليل الجذور الاقتصادية للثورة ورهن القرار الاقتصادي بمؤسسات المال الدولية مثل صندوق النقد.
ومن بين الأطروحات الرئيسية التي يدافع عنها جمال في مقالاته وأبحاثه، التوازن في السياسات التي تحكم اتفاقيات الاستثمار الأجنبي. حيث دعم فكر الاستثمار غير المتعارض مع التنمية الذي شرعت دول ناشئة في تطبيقه مثل الأرجنتين والهند وجنوب أفريقيا. الإدارة الذاتية مفهوم آخر طرحه جمال لمواجهة شبح تصفية وتشريد العُمال، حيث اعتمد على فكرة إدارة العاملين للشركات في مواجهة سياسات التصفية الجائرة، مُستنداً إلى نجاح تجارب عدة طُبقت في بعض الشركات. بل باتت ظاهرة في الأرجنتين التي لجأت للإدارة الذاتية لإنقاذ 100 ألف مصنع بعد إفلاس اقتصادها عام 2000.
فيما ظهر على الساحة اسم الاقتصادي مالك سلطان الذي حاول الغوص في الجهاز الإداري للدولة الذي يضم قرابة 7 ملايين موظف يعمل في أكثر من 100 ألف وحدة حكومية. أطروحات سلطان ركزت على ضرورة تكوين قاعدة بيانات شاملة للجهاز الإداري توضح رواتب الموظفين بدقة لتحديد جدوى تطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور.
أما الباحثة الشابة هبة خليل بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فظهر اسمها بشدة عقب ثورة 2011، ومن أهم الملفات التي طرحتها هي العدالة الضريبية. وركز الطرح على أن الظلم الاجتماعي والاقتصادي ومنها غياب العدالة الاجتماعية كان أبرز أسباب اندلاع الثورة، حيث أدى الخلل الضريبي إلى لجوء الدولة للاستدانة محليا وخارجيا ومع ذلك فشلت في تغطية الاحتياجات الأساسية للمواطن.
المساهمون