الخضيري... قاضي الاستقلال يواجه التلفيق في السجون

22 مارس 2014
+ الخط -

"استقالتي صرخة احتجاج في وجه الأوضاع الحالية للقضاء، وأتمنى أن تُحدث نوعا من الجدية في إصلاحه"، بهذه الكلمات أنهى المستشار محمود الخضيري، المحتجز حالياً في سجون العسكر بعد انقلاب 3 يوليو/تموز الماضي، عمله كنائب رئيس لمحكمة النقض المصرية، في سبتمبر/أيلول 2009، أي قبل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، بعد 46 عاما من الخدمة.

"يبدو أن كلمات المستشار الجليل لم تجد صداها بدليل الزج به في غياهب السجون، رغم تاريخه النضالي المشرف وشيخوخته؛ حيث تجاوز السبعين عاما، بتهم ملفقة"، هذا ما قالته ابنته مروة، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد".

كانت قوات الأمن المصرية قد اعتقلت المستشار الخضيري، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب السابق، في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ووجهت له تهمة الاشتراك مع عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في التحريض على تعذيب محام، يُدعى أسامة كمال، في ميدان التحرير أثناء أحداث ثورة 25 يناير.

ومضت ابنته مروة، الحاصلة على ماجستير في الترجمة، قائلة "هذا ما نتوقعه من سلطات الانقلاب التي لا تُفرّق بين معارضيها؛ اعتقلت الصبي الصغير لرفعه شارة رابعة العدوية احتجاجا على المذبحة التي شهدها الميدان 14 أغسطس الماضي".

وروت واقعة اعتقال والدها، "اعتقلته قوات الأمن من مكتبه للمحاماة، في منطقة سموحه بالإسكندرية، ورفضوا طلبه بالاطلاع على مذكرة الاعتقال، وفوجئنا بنشر بعض وسائل الإعلام المضللة أخبارا عن اعتقاله بشقة كما لو كان مجرما هاربا تم القبض عليه في أحد الأوكار".

وأردفت "في البداية أودعوه سجن ليمان طره، ثم علمنا أنهم نقلوه لمستشفى السجن بعد أن تدهورت حالته الصحية، الحقيقة أنهم نقلوه إلى سجن العقرب، الشديد الحراسة، دون أن نعلم واضطروا لنقله لمستشفى سجن طره بعد أن ساءت حالته الصحية نهاية يناير الماضي".

"يُعاني والدي، البالغ من العمر 73 عاما، من عدم انتظام في ضربات القلب والضغط وآلام في القدمين وهي أمراض مزمنة تستلزم حصوله على أدوية يومية بشكل منتظم، فضلا عن معاناته من مشكلة في الإبصار"، أضافت مروة.

وتابعت، بنبرة يملؤها الحزن، "منعوا عنه الأدوية واستولوا على كافة متعلقاته حتى المقعد الصغير الذي كان يجلس عليه في الصلاة، حرموه من التريض، باستئناء ساعة واحدة يوميا، فبقي محتجزا في زنزانته الانفرادية المظلمة في "العقرب" طوال اليوم تقريبا، تدهورت صحته فنقلوه لمستشفى سجن ليمان طره وبعدها نقلوه إلى سجن المزرعة".

وواصلت "قد تكون الأوضاع في سجن المزرعة أفضل قليلا من العقرب؛ حيث سمحوا له بالحصول على بطانية؛ لكنه في النهاية رجل طاعن في السن يشعر بمرارة الإحساس بالظلم والسجن لأسباب غير منطقية وتهم جائرة".

وأوضحت "نادى والدي باستقلال القضاء، وأن يكون القاضي منزها عن أي هوى وغير خاضع لشيء إلا لضميره والقانون وأن يتحرر من أي ضغوط مادية أو معنوية وأن تكون إرادته حرة غير متأثرة بأي اتجاهات سياسية".

وأضافت "يؤسفني أن أقول إن بعض القضاة، ليس عددهم بالقليل، فقدوا حيادهم واستخدمتهم السلطة لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين بدليل الأحكام الجائرة بحبس طلاب الجامعات لمدة تصل إلى 17 عاما".

"لا نطالب بالكثير، عليهم احترام سنه وتاريخه، يمكنهم إخلاء سبيله على ذمة القضية، التي ستنعقد جلستها القادمة في إبريل، يستطيعون وضعه تحت الإقامة الجبرية لكنه سيكون أفضل حالا في منزله حتى يلقى الرعاية الطبية اللازمة"، أكملت بنبرة يملؤها الأمل.

كان المستشار الخضيري، الذي ولد في 13 يناير/كانون الثاني من العام 1940 بمركز طهطا بسوهاج، جنوب البلاد، أحد زعماء حركة "استقلال القضاء" عامي 2005 و2006 التي طالبت باستقلال السلطة القضائية في مصر عن السلطة التنفيذية وتخرج من كلية الحقوق جامعة عين شمس ثم تدرج في المناصب حتى انتخب رئيسا لنادي قضاة الإسكندرية عام 2004.

وأسس الخضيري حركة "مصريون من أجل انتخابات حرة ونزيهة" لمراقبة الانتخابات البرلمانية التي جرت في العام 2010 والتي كان ما شهدته من "تزوير ممنهج" لصالح مرشحي الحزب الوطني المنحل أحد أسباب اندلاع ثورة 25 يناير.