الخارجية التونسية تدعو لحشد المساعي بقضية الموظفة المختطفة باليمن

15 اغسطس 2016
مصير المختطفة مجهول بعد انتهاء مهلة الخاطفين اليوم (فيسبوك)
+ الخط -

لا تزال قضية الموظفة التونسية في الصليب الأحمر، المختطفة في اليمن، منذ عام 2015،  نوران حواس، تلقي بظلالها على الساحة التونسية، خاصة بعد بث فيديو تظهر فيه نوران، ووراءها أحد خاطفيها الذي طالب بفدية للإفراج عنها مهدّداً بإعدامها، الأمر الذي دفع وزارة الخارجية، اليوم الإثنين، إلى التفاعل مع القضية، خاصة بعدما حمّلها سياسيون تونسيون المسؤولية، في الوقت الذي رأى فيه سياسيون آخرون أن الملف معقد، وأن الإجراءات في مثل هذه القضايا لن تكون سهلة.

وأكّدت وزارة الشؤون الخارجية التونسية اليوم، أنّها، "على إثر تداول مقطع الفيديو الذي تظهر فيه حواس؛ قامت بالاتصال بالبعثات التونسية في عدد من العواصم، خاصّة جنيف وباريس، لتأكيد ضرورة حشد المساعي من أجل الإفراج عن نوران في أقرب وقت"، مبينة أنّها اتصلت كذلك بالمنظمة الدولية للصليب الأحمر في اليمن للتثبّت من محتوى المقطع، وضمان عدم تعرّض المواطنة المعنية إلى أيّ مكروه.

وأوضحت الوزارة، في بيانها، أنّ "التعاطي مع مثل هذه الحالات يتطلّب عدم الخوض في التفاصيل عبر وسائل الإعلام، وهو ما تؤكّد عليه المنظّمة الدولية للصليب الأحمر، وذلك بالنظر إلى حساسية هذا الملف، وحرصاً على الحفاظ على حياة نوران حواس".

كما اعتبرت موضوع إطلاق سراح التونسية المختطفة باليمن ضمن أولويّات عمل الدبلوماسية التونسية ومهامّها، وأنّها توليه كلّ الاهتمام والمتابعة، مشيرةً، في هذا الصدد، إلى أنها على اتّصال مباشر بعائلتها منذ اختطافها يوم 1 ديسمبر/كانون الأول 2015.

وقال المحلّل السياسي والدبلوماسي السابق، عبدالله العبيدي، لـ"العربي الجديد": "إن وزارة الخارجية لا تتعامل مباشرةً مع الملفّ في مثل هذه الحالات، مبيّناً أن نوران، وبحكم عملها في منظمة أممية؛ فإن الأمم المتحدة هي التي تتولى التدخل مباشرة في قضية الاختطاف، وذلك لكي لا يحصل تداخل في المفاوضات.

وبيّن العبيدي أن تونس يمكنها المساعدة من خلال جمع المعطيات والتنسيق مع العائلة وطمأنة الرأي العام في تونس، وذلك عند حصول أي تطورات أو مستجدات، معتبراً أن مصالح التونسيين في البلدان الأجنبية تدخل في إطار العمل الدبلوماسي، وضمن نطاق مهام وزارة الخارجية.

وكشف العبيدي أنه اتّصل شخصياً بوزير الخارجية، خميس الجهيناوي، والذي أكدّ له أن الملف قيد المتابعة، وأن هناك تنسيقاً بين تونس وعدة دول ذات صلة.

وأشار المتحدث ذاته إلى أنّ الوضع في اليمن معقد جداً، وأنه لا يعرف طبيعة الجهات الخاطفة، إن كانت مجموعات إرهابية أو إجرامية، معتبراً أنه لا يمكن توجيه الانتقاد إلى وزارة الخارجية، ولومها على بطء التحرك، لأن عدة دول أجنبية، ذات إمكانيات كبيرة، قد تم إعدام مواطنيها، ولم تكن قادرة على فعل أي شيء، حسب قوله، مؤكداً أن المسألة ليست مسألة علاقات، بقدر ما تتعلق بنوايا الجهات الخاطفة، وما تريد فعله بالمختطفين.

ورأى أنه في مسألة دفع الفدية تدخُل، أحياناً، جهات أخرى على الخط، ولا تكون لها أي صلة بالمختطفين، وبالتالي فإن هناك حججاً وأدلة يجب أن تتوفر.

واعتبر الأمين العام للتيار الديمقراطي، غازي الشواشي، أن ما يعاب على وزارة الخارجية التونسية؛ هو أنّ الملف ظلّ معلّقاً لديها ما يقارب السنة، ومع ذلك لم يتم إبلاغ الرأي العام بأي تحركات أو خطوات ملموسة قامت بها السلطات التونسية، معتبراً أن الرأي العام والأحزاب التونسية يجب أن يكونوا مطمئنّين أن الدولة التونسية فعلت ما يجب فعله.

وقال الشواشي، لـ"العربي الجديد"، إن "بيان الخارجية، اليوم، جاء نتيجة ضغط السياسيين، ونتيجة تحرك الرأي العام في تونس، وبالتالي فإن هذا البيان يأتي لامتصاص الغضب لا أكثر"، محمّلاً الدولة التونسية ووزارة الخارجية مسؤولية ما سيحصل لنوران.

وأضاف أن السياسيين يتفهمون سرّية الإجراءات، و"لكن لا بد من رسائل طمأنة، ومفاوضات جدية مع السلطات اليمنية، ومع منظمة الصليب الأحمر، ومع كل الأطراف ذات الصلة بالموضوع"، مؤكداً أن التونسيين ليسوا في حاجة إلى تفاصيل؛ بقدر ما هم بحاجة إلى تعاملات جدية مع مثل هذه القضايا.

وأفاد الشواشي، أن حوّاس تعمل في منظمة إنسانية، وتمتعت بجرأة وشجاعة للقيام بما قامت به من عمل إنساني، معتبراً أنه كان من الأجدر تكريمها في عيد المرأة بدل تكريم بعض الشخصيات التي لا تستحق التكريم، ولم تقم بأي عمل، على حدّ تعبيره.

يذكر أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكّدت في بلاغها، أمس الأوّل، أن "نوران حواس، الفرنسية التونسية، هي من تظهر في مقطع الفيديو المتداول حالياً في وسائل الإعلام"، وطالبت الإعلام والجمهور بعدم نشر أو مشاركة الفيديو، احتراماً لنوران وعائلتها، معربة عن امتناعها عن التكهن بهوية الخاطفين أو إصدار أي تعليق آخر حول الفيديو.

وأهابت اللجنة الدولية بخاطفي نوران لإطلاق سراحها سالمة، مشيرة إلى أنها على اتصال منتظم مع عائلة نوران ومع السلطات المعنية داخل اليمن وخارجه، ومؤكدة أنها تبذل أقصى الجهود لضمان عودة نوران آمنة.

يذكر أن مصير المختطفة التونسية لا يزال مجهولاً، لا سيّما وأن مهلة الـ72 ساعةً التي أعلن عنها الخاطفون في مقطع الفيديو قد انتهت.

المساهمون