في سابقة هي الأولى من نوعها، استهدف الحوثيون، أمس الإثنين، مصفاة ومخازن النفط في عدن، والتي تمد السكان بمشتقات الوقود، وذلك للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام، في إشارة إلى إجراءات جديدة تحاصر من خلالها جماعة "أنصار الله"، اليمنيين.
وقال مسؤولون محليون وعمّال إغاثة، إن استهداف الحوثيين لمصفاة عدن وتفجير خزاني نفط في ميناء الزيت بمدينة عدن، سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية وإغلاق المنفذ الوحيد الذي يُستغل في توصيل المساعدات الإغاثية إلى المدينة.
وقال وكيل محافظة عدن نائف البكري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن القصف استهدف سفينة قطرية كانت قادمة من جيبوتي، وتحمل إمدادات غذائية للمواطنين المحاصرين في عدن منذ مارس/آذار الماضي.
وأشار البكري إلى أن الحوثيين يحاصرون عدن من المنفذين الشمالي والشرقي، ويريدون إكمال حصارهم للمدينة بتدمير ميناء الزيت النفطي، ومنع إمدادات الغذاء من الوصول إلى السكان.
وأوضح أن مصفاة عدن أوقفت عملياتها منذ أبريل/نيسان الماضي، لكنها لا تزال تمتلك مخزونا نفطيا، وتمد مدينة عدن والمدن المجاورة ببعض احتياجاتها من المشتقات النفطية، وتدمير خزانات النفط في المصفاة يعني دخول عدن ومحافظات جنوب اليمن بأكملها في أزمة وقود، ستكون لها انعكاساتها السلبية على مجمل الأوضاع المعيشية هناك.
وبينما يهدد إغلاق الموانئ وتوقف ضخ النفط بتوقف إمدادات البنزين لمحطات الوقود في اليمن، تسببت الاضطرابات التي تشهدها اليمن في انخفاض الإنتاج المحلي، وتراجع عائداته من النفط. وأوضح تقرير للمصرف المركزي اليمني، أن اليمن خسر قرابة مليار دولار من عائداته النفطية، خلال العام الماضي 2014.
وأدى قصف الحوثيين لميناء الزيت، السبت الماضي، إلى انفجار أحد خزانات النفط الخام التابعة لمصفاة عدن؛ والتي تقع في محيط الميناء.
ووفقاً لمصادر رسمية، فإن القصف تسبب في احتراق أجزاء من الميناء النفطي، وإن سحابة ضخمة تغطي مدينة عدن.
ويعد ميناء الزيت في البريقة من الموانئ التي تستقبل جميع النواقل النفطية، ومنذ بدء المعارك في عدن تم تخصيص الميناء لاستقبال المساعدات الإنسانية وسفن الغذاء والوقود ضمن الأعمال الإغاثية.
وقالت مصادر محلية، إن الميناء تعرض للقصف بهدف منع سفينة إغاثة من الرسو في الميناء.
وتوقفت المصفاة عن تسلم النفط عبر الميناء، إلا أن خزاناتها تحتوي على 1.2 مليون طن من النفط الخام، كما أنها تضم خزانات غاز.
وأوضح مسؤول في شركة مصافي عدن النفطية، أن المتمردين قصفوا المنطقة بالمدفعية وسقطت إحدى القذائف على خزان للنفط في المصفاة؛ ما أدى إلى اندلاع النار.
اقرأ أيضاً: الحوثيون يقصفون مصفاة نفطية جنوب اليمن للمرة الثانية
وقال ناصر شايف وهو مسؤول الإعلام بالمصفاة، في بيان صحافي مساء أمس الأحد، إن القصف الذي تعرض له الميناء أصاب "خزان 24" وأنابيب التوريد الرئيسية بين المصفاة والميناء.
وأكد شايف أن جهود الإطفاء تمكنت من إخماد الحريق بموقع أنابيب التوريد بشكل نهائي، موضحا أن ما تبقى هو الحريق الناشب بالخزان رقم 24.
وأشار شايف، إلى أن سعة الخزان 24 هي 50 ألف طن من النفط الخام، متوقعا استمرار الحريق حتى انتهاء النفط المحترق.
ويسيطر المقاتلون التابعون للمقاومة الشعبية على الميناء والمصفاة الواقعة في منطقة البريقة في عدن، وحاول الحوثيون أكثر من مرة السيطرة على الميناء، لكن تم التصدي لهم من قبل المقاومة.
وعقب سيطرة الحوثيين على مناطق كريتر وخور مكسر والمعلا، نزح عشرات الآلاف من سكان عدن إلى منطقة البريقة الواقعة تحت سيطرة المقاومة، لكن قصف ميناء الزيت أجبر عددا كبيرا من السكان على النزوح.
وقال عضو ائتلاف إغاثة عدن، معتز الميسوري لـ "العربي الجديد": "عقب قصف ميناء الزيت، غادرت مساء السبت مئات الأسر، مدينة البريقة صوب مناطق أخرى في عدن خوفا من تجدد أعمال القصف التي تقوم بها قوات موالية للحوثيين وصالح" في إشارة إلى الرئيس اليمني المخلوع على عبد الله صالح.
وأفاد الميسوري، بأن المعارك أدت إلى تعطيل حركة المواطنين للعمل وإغلاق المدارس والجامعات وكافة المرافق الحكومية والخاصة، مشيرا إلى تسريح عدد من عمال وموظفي الشركات التجارية والمرافق الحكومية لعدم توفر السيولة الكافية لدفع الرواتب.
وأكد الميسوري استهداف الحوثيين لكثير من المباني غير العسكرية، ولكن المدنية، حيث احترقت بعض الأسواق والبنايات السكنية، وتم استهداف بعض المدارس بالقصف المدفعي وقذائف الهاون وقذائف الدبابات.
وذكر مواطنون في عدن أن الحوثيين يستخدمون المباني والمنشآت المدنية كمواقع ومراكز قتالية، وبين تلك المواقع المدنية المدارس والجامعات ومراكز التسوق.
ويعاني أهالي مدينة عدن، أوضاعاً صعبة في كل مناحي الحياة، فعلى المستوى الغذائي تعاني المدينة أزمة حادة في السلع الرئيسية، فمادة الدقيق منعدمة تماماً، خاصة بعد تعرض مصنع صوامع الغلال للقصف وتلف المخزون الاستراتيجي من القمح، وكذلك الحال في بقية السلع التي انعدمت من الأسواق أو ارتفعت أسعارها بشكل حاد، بالإضافة إلى إغلاق المحال التجارية خوفاً من القصف العشوائي والاشتباكات المسلحة.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن محمد حلبوب: "المعارك فاقمت الأزمات المعيشية والوضع الإنساني أصبح كارثيا، خاصة في مدينة عدن حيث تستمر المواجهات العنيفة بين المليشيات ومقاتلي المقاومة الشعبية".
وأضاف حلبوب لـ "العربي الجديد"، "لم يحصل موظفو المدينة على رواتبهم منذ بداية الأزمة في مارس/آذار، واختفت المواد الغذائية وتضاعفت الأسعار ثلاث مرات، وأغلقت أغلب محلات الغذاء والمخابز".
وأوضح أن الحوثيين أقدموا على استهداف أبراج الكهرباء وقطع التيار عن عدن، وعمدوا إلى تخريب أنابيب المياه، وقطع إمدادات الوقود، فضلا عن قطع المساعدات الإنسانية عن المدنيين.
اقرأ أيضاً: الحوثيون يفجّرون خزاناً نفطياً جنوب اليمن