في خطوة جديدة تصب في خانة انتهاك حرية الصحافة والإعلام في اليمن، أصدرت "حركة أنصار الله" (الحوثيون) قراراً يفرض المزيد من القيود على حرية الصحافة الإلكترونية في البلاد، ويُجرّم ممارساتها إلا بموجب ترخيص من الحركة، وذلك عبر وزارة الإعلام الواقعة تحت سيطرتهم.
"صحيفة الثَّورة الرسمية" الخاضعة لسيطرة "أنصار الله"، في العاصمة اليمنية صنعاء، نشرت نص القرار الوزاري الذي يمنع منعاً باتاً ممارسة أي نشاط في مجال الصحافة الإلكترونية، إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الإعلام الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
كما نص القرار على تعهد الصحافيين بالقوانين واللوائح والأنظمة والتعليمات، وخاصة قانون الصحافة والمطبوعات ولائحته التنفيذية وقرارات الوزارة، على وجه الخصوص في أوقات الأزمات والحروب، وفقاً لما تحدده السياسة الإعلامية للدولة عبر الوزارة.
وأكد القرار على ربط المواقع الإلكترونية الإخبارية بالاتصالات (كنوع من الرقابة على النشر يمكن توقفه عبرها إذا خالف سياسة الحوثيين)، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والجهات ذات العلاقة الأخرى. ويحمل القانون الذي أصدره وزير الإعلام التابع للحركة المسؤولية كاملة عن أي نشر يتم في الإعلام الإلكتروني.
هذا القرار الذي نشرته صحيفة "الثورة" أثار جدلاً واستياءً واسعاً لدى الصحافيين اليمنيين في صنعاء، وقالوا إن مليشيا الحوثيين تخترع قيوداً، بإصدار لائحة لتنظيم الصحافة الإلكترونية، رغم وجود قانون للصحافة الإلكترونية أصلاً إلى الآن، معتبرين ذلك نوعاً من إعلان حالة الطوارئ.
وفي سياق متصل، أعلنت نقابة الصحافيين اليمنيين، في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عن توثيقها 38 حالة انتهاك خلال الربع الثالث من عام 2017، وأكدت أن الحريات الصحافية في البلاد لا تزال في وضع حرج، مع استمرار حالة العنف والعدائية إزاء الصحافة والصحافيين، والتعامل مع الصحافيين كهدف سهل في الصراع السياسي والعسكري.
ووثق التقرير الانتهاكات من يوليو/تموز الماضي إلى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ورصد 11 حالة اختطاف واعتقال، بينما لا يزال 16 صحافياً مختطفاً بينهم 15 صحافيا لدى الحوثيين، يعيشون أوضاعاً قاسية في سجون الحوثيين في صنعاء ويحرمون من حقهم في التطبيب والرعاية الصحية، وصحافي مختطف لدى تنظيم "القاعدة" في حضرموت.
كما رصدت النقابة 10 حالات تهديد بالتصفية والأذى والتحريض، 8 حالات اعتداء، وحالتي منع من التغطية، وحالتي إيقاف راتب، وحالتي منع من الزيارة، وحالة تعذيب، وحالة مصادرة ممتلكات صحافيين، بالإضافة إلى حالة حجب موقع إلكتروني.
وارتكب الحوثيون 23 حالة انتهاك من إجمالي الانتهاكات، بنسبة 61 في المائة، بينما ارتكبت الحكومة 8 حالات، بنسبة 21 في المائة، وارتكب مجهولون 3 حالات، بنسبة 8 في المائة، وقوات التحالف العربي حالتين، بنسبة 5 في المائة، وشخصيات نافذة في مأرب حالتين، بنسبة 5 في المائة أيضاً.
يُشار إلى أن الأجهزة الأمنية الخاضعة لسيطرة مسلحي جماعة أنصار الله أفرجت، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن الصحافي، يحيى عبدالرقيب الجبيحي، بينما أبقت على نجله أسامة، في سجن تابع للاستخبارات في صنعاء.
وكان الجبيحي اعتُقل في سبتمبر/أيلول عام 2016، من منزله في صنعاء، وفي أبريل/نيسان العام الجاري، فوجئ الوسط الصحافي اليمني، بصدور حكم ضد الجبيحي بالإعدام، بعد اتهامه بـ "التخابر"، مع دولة أجنبية.
كما أفرج الحوثيون، خلال الشهر نفسه، عن الصحافيين كامل الخوداني، المنتمي لـ "حزب المؤتمر" الذي يترأسه الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، وكذلك الصحافي، عابد المهذري، رئيس تحرير صحيفة "الديار" المتوقفة عن الصدور.
وفي مايو/أيار الماضي، أوقف الحوثيون طباعة الصحيفة الرسمية التابعة لحزب حليفها، الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها منذ سيطرة الحليفين على العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2014. وأفاد بأن "الحوثيين الذين يسيطرون على مطابع التوجيه المعنوي، في صنعاء، أوقفوا طباعة صحيفة الميثاق الأسبوعية الناطقة باسم حزب المؤتمر الشعبي العام". تجدر الإشارة إلى أن معظم الصحف والقنوات التلفزيونية توقفت عن العمل في البلاد، بعد سيطرة مليشيا الحوثيين على صنعاء.
وكانت منظمة "صحافيات بلا قيود" اليمنية اعتبرت أن الحريات الصحافية تعيش أسوأ مراحلها على الإطلاق منذ انقلاب مليشيا الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وحذرت المنظمة من تهديدات موجهة ضد الصحافيات واتهامهن بالكفر والإلحاد، معتبرة هذه الاتهامات تمثل اتجاهاً خطيراً، "وقد بدأت تزداد بشكل كبير ضد الصحافيين والصحافيات على حد سواء، كما حصل للصحافية حنان ناصر التي اتهمت بالكفر والإلحاد".