10 أكتوبر 2024
الحوار الاستراتيجي الأميركي – القطري.. رسائله وأبعاده
عُقد في واشنطن، في 30 كانون الثاني/ يناير 2018، الحوار الإستراتيجي الأميركي - القطري الأول، بمشاركة وزراء الخارجية والدفاع من البلدين، كما شارك في بعض جلسات الحوار وزراء الطاقة والتجارة والمالية عن الولايات المتحدة الأميركية وقطر. ويعد هذا المنتدى الأول من نوعه بين الدولتين، على أن يتحول إلى منتدى حوار إستراتيجي سنوي، بحسب مذكرة تفاهم بينهما. وفي حين اعتبر البلدان تدشين الحوار السنوي الإستراتيجي بينهما دليلا على قوة العلاقات الثنائية و"يؤسس لرؤية مشتركة مستقبلية لشراكتهما الإستراتيجية"، اعتبر مراقبون أن قطر تمكّنت بنجاح من الالتفاف على جهود دول الحصار التي حاولت ضرب علاقتها بالولايات المتحدة.
رسالة إلى دول الحصار
اتبعت قطر منذ بداية أزمة الحصار، إستراتيجية مدروسة؛ تلخصت بالفصل بين مساري العلاقة بالولايات المتحدة وتسوية الصراع في الخليج أو تصعيده في حالة عدم رغبة دول الحصار في التسوية. وقامت هذه الإستراتيجية التي بدأت بمخاطبة القضايا والمشكلات العالقة بين قطر والولايات المتحدة على تشخيصٍ مفاده بأن دول الحصار أقنعت البيت الأبيض بموقفها، وأن لتوقيت الحصار علاقة بوصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة.
ولعل أهم الرسائل التي حملها الحوار الإستراتيجي الأميركي - القطري كانت موجهةً، بالدرجة الأولى، إلى الدول التي تفرض حصارًا وعزلة على قطر منذ صيف 2017، بناء على ذرائع واتهاماتٍ ثبت بطلانها. وتتهم دول الحصار قطر بدعم الإرهاب، والتدخل في شؤونها، والتقارب مع إيران، إضافة إلى اتهامات أخرى. وحاولت الدول الأربع تسويق هذه الاتهامات لدى الإدارة الأميركية، عبر لوبيات مشتركة إمارتية – إسرائيلية، مدعمة بقوة سعودية اقتصادية، وبالتفاهم مع شخصياتٍ، مثل صهر الرئيس الأميركي. ومع أن هذه المزاعم وجدت، في البداية، اهتمامًا في الولايات المتحدة من جهة الرئيس ترامب، فإن وزارتَي الخارجية والدفاع رفضتا التهم والحصار، وضغطتا على ترامب، من أجل اتخاذ موقفٍ أكثر توازنًا؛ حتى لا يؤثر ذلك في المصالح الأميركية في المنطقة، وفي جهود الولايات المتحدة بشأن مكافحة الإرهاب واحتواء سياسات إيران الإقليمية، خصوصا أن قطر تستضيف قاعدة العديد الجوية الأميركية.
ومنذ أيلول/ سبتمبر 2017، قامت قطر بعمل مكثف في واشنطن، وبدأ موقف ترامب يميل
أكثر إلى الاتزان؛ وذلك بعد لقاءين جمعاه بأمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي تقود بلاده جهود الوساطة في الأزمة الخليجية، ثمّ بأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ووصف ترامب العلاقة بالشيخ تميم في اللقاء الذي جمعهما حينئذ في نيويورك بـ "الصداقة الطويلة"، متعهدًا بحل الأزمة الخليجية "سريعًا جدًا". ثمّ إنه ذهب إلى أبعد من ذلك، حينما أكد أن العلاقات الأميركية - القطرية ليست محصورة في الأزمة الخليجية، بل إنها تشمل "قضايا أخرى كثيرة". كما شهد منتصف الشهر الماضي اتصالًا بين ترامب وأمير قطر. وبحسب بيان للبيت الأبيض، ناقش الزعيمان سبل تعزيز العلاقات بين الدولتين في مجالَي الأمن والاقتصاد، وأن ترامب أكد ضرورة أن يكون مجلس التعاون لدول الخليج العربية قويًا، وأن يكون تركيزه منصبًا على التصدي للتهديدات الإقليمية. كما نوّه البيان بأنّ ترامب شكر قطر على جهودها في محاربة الإرهاب والتطرّف بصورهما كافة، وهو ما يمثل تراجعًا عن اتهاماته السابقة لقطر بدعم الإرهاب وتمويله.
إلا أن السبب الرئيس للتغيير يكمن في صمود قيادة قطر، وعدم خضوعها للابتزاز والتهديد من جهة، واستعدادها للتعاون مع وزارة الخارجية الأميركية، لإيجاد حلول للقضايا العالقة من جهة أخرى. فلو خضعت القيادة القطرية، منذ البداية، للتهديدات، لانتصر أسلوب الحصار، وبقي الموقف الأميركي على حاله.
أدى التغيير في موقف ترامب من الأزمة الخليجية، واتساقه أكثر مع موقف المؤسسات الأميركية الخارجية والدفاعية والاستخباراتية، إلى عقد الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر. وكان لافتًا تركيز وزيرَي الخارجية والدفاع الأميركيين خلال جلسات الحوار على ضرورة إنهاء الأزمة الخليجية، والتوصل إلى حل. وبحسب وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، "من الضروري أن تعمل كل الأطراف على الحد من الحرب الكلامية، وأن تتحلى بضبط النفس لتجنب مزيد من التصعيد والعمل من أجل التوصل لحل [للخلاف]". في حين قال وزير الدفاع، جيمس ماتيس: "تعزّز وحدة مجلس التعاون فاعليتنا على جبهات كثيرة، خصوصا في مكافحة الإرهاب وهزيمة داعش ومواجهة تمدد النفوذ الإيراني".
ويتمثل أهم مخرجات الحوار الإستراتيجي الأميركي - القطري في إعلان الولايات المتحدة
رسميًا "استعدادها للعمل مع قطر لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لسلامة أرض دولة قطر، ووحدتها الترابية على نحوٍ يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة". ويبدو أن هذه إشارة غير مباشرة إلى ما كان قد كشفه أمير الكويت في زيارته واشنطن في أيلول/ سبتمبر الماضي، حينما قال إن جهود بلاده في الوساطة منعت تدخلًا عسكريًا في قطر من دول الحصار. وقد أكد وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد العطية، أن دول الحصار فكرت فعلًا بعمل عسكري ضد بلاده.
واستنادًا إلى خبراء أميركيين، يعتبر الحوار الإستراتيجي الأميركي - القطري رسالة واضحة، خصوصًا إلى السعودية والإمارات، بأن استمرار التصعيد مع قطر، ومحاولة عزلها، لم يعد مقبولًا في واشنطن، لما له من تأثير سلبي في المصالح الأميركية في منطقة الخليج، والشرق الأوسط عمومًا، وبأن ثمانية أشهر من محاولة اللعب على التناقضات الأميركية لم تحقق ما كانت تلك الدول تصبو إليه.
أهم التفاهمات
حدد البيان المشترك أهم التفاهمات التي توصل إليها الطرفان في الحوار الإستراتيجي في أربعة: التعاون السياسي، والدفاع، ومحاربة الإرهاب، والتجارة والاستثمار.
1. التعاون السياسي
بحسب البيان الأميركي – القطري المشترك، أعربت الدولتان عن ارتياحهما لتعزيز مستوى العلاقات الثنائية، وتوسيع نطاقها. كما أكدتا أنهما بحثتا الأزمة الخليجية، وضرورة إيجاد حل فوري يحترم سيادة قطر، وبما يحفظ وحدة مجلس التعاون لمواجهة التهديدات الإقليمية، وضمان مستقبل سلمي ومزدهر لجميع شعوبه. كما أشار البيان إلى أن الطرفين ناقشا الأمن والاستقرار الإقليميين، بما في ذلك الصراعات الجارية في عدد من دول المنطقة، والجهود المشتركة لهزيمة داعش، وغير ذلك من الأمور.
2. الدفاع
أكدت الدولتان أهمية المساهمة الحيوية التي توفرها شراكتهما الدفاعية لأمن المنطقة واستقرارها. كما أشادت الولايات المتحدة بمساهمات قطر في دعم الوجود العسكري الأميركي الكبير في قاعدة العديد. وقد وقع الطرفان إعلانًا مشتركًا لمكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المنطقة، فضلًا عن تعهد الولايات المتحدة بضمان أمن قطر وسلامتها الإقليمية أمام أي تهديد خارجي. واستنادًا إلى البيان المشترك، ناقش الطرفان برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية بينهما، البالغة قيمته 24.7 مليار دولار، والذي استخدمته قطر لشراء أحدث النظم العسكرية الأميركية، كما ناقشا خطط قطر تعزيز قدراتها العسكرية في مختلف المجالات بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وبحسب وزير الدفاع القطري خالد العطية، فإن "رؤية قطر 2040" للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة تتضمن مخططًا لتوسيع قاعدة العديد الجوية وبناء مساكن ومرافق جديدة فيها وزيادة قدرتها الاستيعابية. واستنادًا إلى الناطق باسم القوات الجوية الأميركية، فإن التحسينات المقترحة قطريًا "تمثل تحولًا من بيئة استكشافية بمرافق مؤقتة إلى قاعدة ببنية تحتية دائمة قادرة على الحفاظ على عمليات طويلة الأمد". كما أعلن العطية أن قطر تقوم ببناء موانئ بحرية جديدة، ستكون قادرة على استيعاب السفن الحربية الأميركية، وهو الأمر الذي سينافس البحرين باعتبارها مقرا للأسطول الخامس الأميركي في المنطقة، وكذلك للموانئ في الإمارات التي تستخدمها البوارج الأميركية. وبحسب العطية، فإن الأسلحة التي اشترتها قطر من الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة شملت طائرات مقاتلة من طراز F-15، C-17 وC-130 وطائرات شحن، وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي، وأنظمة باتريوت الصاروخية الاعتراضية. وقد أشار وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى أن الأسابيع الماضية شهدت تقديم القوات الجوية القطرية دعمًا لوجستيًا لعميات حلف شمال الأطلسي بأفغانستان.
3. مكافحة الإرهاب
أفاد البيان المشترك أيضًا بأن الولايات المتحدة وقطر عازمتان على تعزيز الشراكة الأمنية
بينهما وجهود مكافحة الإرهاب والتطرّف العنيف. كما استعرضت الدولتان جهودهما المشتركة بموجب مذكرة التفاهم لمكافحة الإرهاب التي وقعتاها في تموز/ يوليو الماضي، وضرورة تعزيز تلك الجهود، خصوصًا في مجالات أمن الطيران وتمويل الإرهاب والقرصنة الإلكترونية.
4. التجارة والاستثمار
شددت الدولتان على التزامهما بتعزيز التجارة الثنائية. وبحسب وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، فإن قطر تستثمر أكثر من 100 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، منها 10 مليارات دولار في مشاريع البنية التحتية. وقال إن قطر تستثمر في الخدمات المصرفية الأميركية والرعاية الصحية والأسواق التكنولوجية، في حين تعمل الشركات الأميركية في قطر في مجالات البناء والطاقة والخدمات، فضلًا عن استضافة قطر ست جامعات أميركية في المدينة التعليمية.
خلاصة
خرجت قطر من الحوار الإستراتيجي مع الولايات المتحدة بمكاسب كبيرة؛ فلأول مرة تعلن الولايات المتحدة، على نحو واضح ورسمي، أنها لن تسمح بأي عدوان عسكري على قطر، كما أنها تعدّها شريكًا إقليميًا قويًا وموثوقًا، خصوصًا في سياق الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب. وقد قال الوزير خالد العطية إن أحد أهم "عوامل فشل خطة دول الحصار أنها لم تأخذ في اعتبارها أن الولايات المتحدة دولة مؤسسية، وأن البيت الأبيض ووزارتَي الخارجية والدفاع يتشاورون فيما بينهم [...] فيما يتعلق بالسياسة الأميركية". وبناءً عليه، يمكن القول إن المؤسسات السيادية الأميركية أعادت السياسة الأميركية تجاه أزمة الخليج إلى حالة التوازن، مع أنه ما زال من المبكر الحديث عن إستراتيجية أميركية متماسكة في هذا الصدد، بوجود رئيس مثل ترامب يصعب التنبؤ بمزاجه وتقلباته.
ومن نافلة القول أن نذكر أنّ الولايات المتحدة حققت أيضًا مكاسب جمة من الخلافات الخليجية – الخليجية، بناءً على المعادلة المعروفة حتى الآن؛ إذ تتنافس الدول العربية المتصارعة عادة في كسب دعم الدولة المهيمنة في المنطقة، بحسب المرحلة التاريخية، عبر إرضائها.
رسالة إلى دول الحصار
اتبعت قطر منذ بداية أزمة الحصار، إستراتيجية مدروسة؛ تلخصت بالفصل بين مساري العلاقة بالولايات المتحدة وتسوية الصراع في الخليج أو تصعيده في حالة عدم رغبة دول الحصار في التسوية. وقامت هذه الإستراتيجية التي بدأت بمخاطبة القضايا والمشكلات العالقة بين قطر والولايات المتحدة على تشخيصٍ مفاده بأن دول الحصار أقنعت البيت الأبيض بموقفها، وأن لتوقيت الحصار علاقة بوصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة.
ولعل أهم الرسائل التي حملها الحوار الإستراتيجي الأميركي - القطري كانت موجهةً، بالدرجة الأولى، إلى الدول التي تفرض حصارًا وعزلة على قطر منذ صيف 2017، بناء على ذرائع واتهاماتٍ ثبت بطلانها. وتتهم دول الحصار قطر بدعم الإرهاب، والتدخل في شؤونها، والتقارب مع إيران، إضافة إلى اتهامات أخرى. وحاولت الدول الأربع تسويق هذه الاتهامات لدى الإدارة الأميركية، عبر لوبيات مشتركة إمارتية – إسرائيلية، مدعمة بقوة سعودية اقتصادية، وبالتفاهم مع شخصياتٍ، مثل صهر الرئيس الأميركي. ومع أن هذه المزاعم وجدت، في البداية، اهتمامًا في الولايات المتحدة من جهة الرئيس ترامب، فإن وزارتَي الخارجية والدفاع رفضتا التهم والحصار، وضغطتا على ترامب، من أجل اتخاذ موقفٍ أكثر توازنًا؛ حتى لا يؤثر ذلك في المصالح الأميركية في المنطقة، وفي جهود الولايات المتحدة بشأن مكافحة الإرهاب واحتواء سياسات إيران الإقليمية، خصوصا أن قطر تستضيف قاعدة العديد الجوية الأميركية.
ومنذ أيلول/ سبتمبر 2017، قامت قطر بعمل مكثف في واشنطن، وبدأ موقف ترامب يميل
إلا أن السبب الرئيس للتغيير يكمن في صمود قيادة قطر، وعدم خضوعها للابتزاز والتهديد من جهة، واستعدادها للتعاون مع وزارة الخارجية الأميركية، لإيجاد حلول للقضايا العالقة من جهة أخرى. فلو خضعت القيادة القطرية، منذ البداية، للتهديدات، لانتصر أسلوب الحصار، وبقي الموقف الأميركي على حاله.
أدى التغيير في موقف ترامب من الأزمة الخليجية، واتساقه أكثر مع موقف المؤسسات الأميركية الخارجية والدفاعية والاستخباراتية، إلى عقد الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر. وكان لافتًا تركيز وزيرَي الخارجية والدفاع الأميركيين خلال جلسات الحوار على ضرورة إنهاء الأزمة الخليجية، والتوصل إلى حل. وبحسب وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، "من الضروري أن تعمل كل الأطراف على الحد من الحرب الكلامية، وأن تتحلى بضبط النفس لتجنب مزيد من التصعيد والعمل من أجل التوصل لحل [للخلاف]". في حين قال وزير الدفاع، جيمس ماتيس: "تعزّز وحدة مجلس التعاون فاعليتنا على جبهات كثيرة، خصوصا في مكافحة الإرهاب وهزيمة داعش ومواجهة تمدد النفوذ الإيراني".
ويتمثل أهم مخرجات الحوار الإستراتيجي الأميركي - القطري في إعلان الولايات المتحدة
واستنادًا إلى خبراء أميركيين، يعتبر الحوار الإستراتيجي الأميركي - القطري رسالة واضحة، خصوصًا إلى السعودية والإمارات، بأن استمرار التصعيد مع قطر، ومحاولة عزلها، لم يعد مقبولًا في واشنطن، لما له من تأثير سلبي في المصالح الأميركية في منطقة الخليج، والشرق الأوسط عمومًا، وبأن ثمانية أشهر من محاولة اللعب على التناقضات الأميركية لم تحقق ما كانت تلك الدول تصبو إليه.
أهم التفاهمات
حدد البيان المشترك أهم التفاهمات التي توصل إليها الطرفان في الحوار الإستراتيجي في أربعة: التعاون السياسي، والدفاع، ومحاربة الإرهاب، والتجارة والاستثمار.
1. التعاون السياسي
بحسب البيان الأميركي – القطري المشترك، أعربت الدولتان عن ارتياحهما لتعزيز مستوى العلاقات الثنائية، وتوسيع نطاقها. كما أكدتا أنهما بحثتا الأزمة الخليجية، وضرورة إيجاد حل فوري يحترم سيادة قطر، وبما يحفظ وحدة مجلس التعاون لمواجهة التهديدات الإقليمية، وضمان مستقبل سلمي ومزدهر لجميع شعوبه. كما أشار البيان إلى أن الطرفين ناقشا الأمن والاستقرار الإقليميين، بما في ذلك الصراعات الجارية في عدد من دول المنطقة، والجهود المشتركة لهزيمة داعش، وغير ذلك من الأمور.
2. الدفاع
أكدت الدولتان أهمية المساهمة الحيوية التي توفرها شراكتهما الدفاعية لأمن المنطقة واستقرارها. كما أشادت الولايات المتحدة بمساهمات قطر في دعم الوجود العسكري الأميركي الكبير في قاعدة العديد. وقد وقع الطرفان إعلانًا مشتركًا لمكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المنطقة، فضلًا عن تعهد الولايات المتحدة بضمان أمن قطر وسلامتها الإقليمية أمام أي تهديد خارجي. واستنادًا إلى البيان المشترك، ناقش الطرفان برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية بينهما، البالغة قيمته 24.7 مليار دولار، والذي استخدمته قطر لشراء أحدث النظم العسكرية الأميركية، كما ناقشا خطط قطر تعزيز قدراتها العسكرية في مختلف المجالات بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وبحسب وزير الدفاع القطري خالد العطية، فإن "رؤية قطر 2040" للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة تتضمن مخططًا لتوسيع قاعدة العديد الجوية وبناء مساكن ومرافق جديدة فيها وزيادة قدرتها الاستيعابية. واستنادًا إلى الناطق باسم القوات الجوية الأميركية، فإن التحسينات المقترحة قطريًا "تمثل تحولًا من بيئة استكشافية بمرافق مؤقتة إلى قاعدة ببنية تحتية دائمة قادرة على الحفاظ على عمليات طويلة الأمد". كما أعلن العطية أن قطر تقوم ببناء موانئ بحرية جديدة، ستكون قادرة على استيعاب السفن الحربية الأميركية، وهو الأمر الذي سينافس البحرين باعتبارها مقرا للأسطول الخامس الأميركي في المنطقة، وكذلك للموانئ في الإمارات التي تستخدمها البوارج الأميركية. وبحسب العطية، فإن الأسلحة التي اشترتها قطر من الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة شملت طائرات مقاتلة من طراز F-15، C-17 وC-130 وطائرات شحن، وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي، وأنظمة باتريوت الصاروخية الاعتراضية. وقد أشار وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى أن الأسابيع الماضية شهدت تقديم القوات الجوية القطرية دعمًا لوجستيًا لعميات حلف شمال الأطلسي بأفغانستان.
3. مكافحة الإرهاب
أفاد البيان المشترك أيضًا بأن الولايات المتحدة وقطر عازمتان على تعزيز الشراكة الأمنية
4. التجارة والاستثمار
شددت الدولتان على التزامهما بتعزيز التجارة الثنائية. وبحسب وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، فإن قطر تستثمر أكثر من 100 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، منها 10 مليارات دولار في مشاريع البنية التحتية. وقال إن قطر تستثمر في الخدمات المصرفية الأميركية والرعاية الصحية والأسواق التكنولوجية، في حين تعمل الشركات الأميركية في قطر في مجالات البناء والطاقة والخدمات، فضلًا عن استضافة قطر ست جامعات أميركية في المدينة التعليمية.
خلاصة
خرجت قطر من الحوار الإستراتيجي مع الولايات المتحدة بمكاسب كبيرة؛ فلأول مرة تعلن الولايات المتحدة، على نحو واضح ورسمي، أنها لن تسمح بأي عدوان عسكري على قطر، كما أنها تعدّها شريكًا إقليميًا قويًا وموثوقًا، خصوصًا في سياق الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب. وقد قال الوزير خالد العطية إن أحد أهم "عوامل فشل خطة دول الحصار أنها لم تأخذ في اعتبارها أن الولايات المتحدة دولة مؤسسية، وأن البيت الأبيض ووزارتَي الخارجية والدفاع يتشاورون فيما بينهم [...] فيما يتعلق بالسياسة الأميركية". وبناءً عليه، يمكن القول إن المؤسسات السيادية الأميركية أعادت السياسة الأميركية تجاه أزمة الخليج إلى حالة التوازن، مع أنه ما زال من المبكر الحديث عن إستراتيجية أميركية متماسكة في هذا الصدد، بوجود رئيس مثل ترامب يصعب التنبؤ بمزاجه وتقلباته.
ومن نافلة القول أن نذكر أنّ الولايات المتحدة حققت أيضًا مكاسب جمة من الخلافات الخليجية – الخليجية، بناءً على المعادلة المعروفة حتى الآن؛ إذ تتنافس الدول العربية المتصارعة عادة في كسب دعم الدولة المهيمنة في المنطقة، بحسب المرحلة التاريخية، عبر إرضائها.