وعلم "العربي الجديد"، من مصادر خاصة، محاولة السيسي إقناع دول الخليج بضرورة توسيع الحملة ضد قطر لتتضمّن تركيا خلال الفترة المقبلة، والضغط عليها لعدم استضافة قيادات الإخوان وتسليم مَن لديها لمصر. وقالت المصادر إن السيسي طرح هذا الأمر خلال استقباله ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، الخميس الماضي في القاهرة. وأضافت أن السيسي دفع بتصعيد الحملة العربية ضد تركيا باعتبارها حليفاً قوياً لقطر في المنطقة، فضلاً عن تمويل واحتضان جماعات مصنّفة "إرهابية"، سواء جماعة الإخوان المسلمين أو تنظيمات في سورية. وبحسب المصادر، فإن السيسي لم يلق استجابة خليجية تجاه هذه الخطوة، خصوصاً أن أنقرة حليفة للخليج ولا يمكن خسارة كل الأطراف، في ظل وجود دول أخرى لم تتخذ موقفاً مؤيداً لتحركات السعودية والإمارات والبحرين.
ولفتت المصادر إلى أن الرفض الخليجي جاء بسبب عدم وجود استجابة دولية كبيرة لخطوات محاصرة قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، كما أن تركيا دولة لها امتدادات كبيرة ومؤثرة وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، ولا توجد وسائل ضغط عليها قد تدفعها للتخلّي عن قطر.
وأشارت المصادر إلى أن دول الخليج أرادت على الأقل تحييد تركيا عن الأزمة مع قطر، لضمان الضغط الشديد على الدوحة، وعدم وجود سبل للخروج من هذا المأزق وبناء علاقات استراتيجية أكثر قوة مع أطراف أخرى.
وأوضحت أن ملك البحرين، عقب زيارته إلى السعودية ومصر، أوفد وزير خارجيته خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، إلى تركيا للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في محاولة للتخفيف من حدة الصدام مع أنقرة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع الموافقة على زيادة عدد القوات التركية المقرر إرسالها إلى الدوحة. وبالتوازي مع هذه الرغبة المصرية في تصعيد الأمر مع تركيا، خصوصاً أن أردوغان يوجّه انتقادات بشكل دائم إلى النظام المصري الحالي، بدأت الأذرع الإعلامية التابعة للنظام المصري في توجيه انتقادات لتركيا. وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، قد قال إن القاعدة العسكرية التركية في قطر هدفها حماية أمن منطقة الخليج لا أمن دولة بعينها. وأضاف جاووش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البحريني في تركيا، أن أردوغان دعا إلى ضرورة حل الخلاف مع قطر قبل نهاية رمضان. وقالت مصادر إعلامية إن تعليمات من مدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل، صدرت إلى عدد من القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية الموالية للنظام الحالي لشنِّ هجومٍ على تركيا.
وتابعت المصادر أن التعليمات الخاصة بشن هجوم إعلامي ضد تركيا توقّفت إلى حد ما، في ظل وجود رغبة في عدم تأثر الاقتصاد المصري حال وجود قطيعة كبيرة مع أنقرة بالشكل الذي تتأثر معه حركة التجارة والتعاملات مع المستثمرين الأتراك.
من جهته، قال خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن السيسي يُكنّ عداء لأردوغان شخصياً، خصوصاً أنه يرفض الاعتراف بالنظام المصري الحالي ويتمسّك بشرعية الرئيس المعزول محمد مرسي. وأضاف الخبير السياسي، أن السيسي دائم الإشارة إلى تركيا باعتبارها تدعم بعض المجموعات المسلحة التي تُقاتل القوات النظامية لبشار الأسد، والأخيرة يعتبرها الرئيس المصري جيشاً وطنياً لا بدّ من دعمه. ووفقاً للخبير نفسه، فإن محاولة دول الخليج معاملة تركيا مثل قطر أمر صعب للغاية، وأقصى شيء يمكن اتباعه في هذا الصدد التهدئة مع أنقرة لا التصعيد معها، خصوصاً أن أردوغان يعتبر أن الإمارات كان لها دورٌ ما في الانقلاب الأخير عليه.
وأشار الخبير السياسي إلى أن تركيا دولة محورية ولديها نفوذ إقليمي ليس بالقليل وتمتلك اقتصاداً قوياً وعلاقات دولية واسعة، لكن قطر تعتمد بشكل أساسي على الحدود البرية مع السعودية تحديداً في إمدادات المواد الغذائية، وبالتالي هناك ورقة ضغط قوية عليها، وإن بدت غير مؤثرة بشدة حتى الآن.