تسببت حملة القصف الجوي التي تشنّها روسيا منذ أربعة أيام على مدينة حلب وريفها الشمالي بموجة نزوح غير مسبوقة على الإطلاق باتجاه الحدود السورية التركية شمال المدينة، نتيجة تهجيرهم من قراهم وبلداتهم التي سيطرت عليها قوات النظام السوري، أو لاتزال تحاول السيطرة عليها، بدعم من قصف جوي روسي عنيف، خلّف وراءه الكثير من المجازر.
وأعلنت هيئة الإغاثة التركية "أي ها ها" أمس، أن عدد السوريين الذين تجمعوا على الجانب السوري من معبر باب السلامة الحدودي قد بلغ 50 ألفاً، مشيرة إلى أنها قدمت مائتي خيمة لهؤلاء النازحين كي يبيتوا بها.
اقرأ أيضاً: تركيا تغلق حدودها مع سورية ونزوح الآلاف من حلب
وتواصل لليوم الثالث على التوالي في معبر باب السلامة الحدودي شمال حلب، الذي يصل الأراضي السورية التي تسيطر عليها المعارضة بالأراضي التركية، تدفق المزيد من الهاربين من قرى وبلدات ريف حلب الشمالي.
وتجمّع، بحسب مصادر إغاثية، في المعبر عشرات آلاف النازحين مساء الخميس، بات معظمهم في العراء، في أجواء باردة وقاسية، بعدما منعت السلطات التركية دخولهم إلى أراضيها.
وأكد الناشط الإعلامي حسن الحلبي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تدفق النازحين إلى الحدود السورية التركية شمال حلب مستمر، في ظل استمرار القصف الروسي على مناطق سيطرة المعارضة شمال حلب. وأشار إلى أن معظم النازحين من سكان بلدات تل جبين ومعرستا الخان وماير التي سيطرت عليها قوات النظام السوري مدعومة بالمليشيات الأجنبية، ومن بلدات مسقان وبيانون ورتيان، التي تحاول قوات النظام السيطرة عليها، وتتعرض حتى الآن لمزيد من الغارات الروسية.
وبحسب الحلبي، فإن النازحين يعانون من ظروف كارثية بعد منعهم من دخول الأراضي التركية نتيجة عجز المنظمات والهيئات الإغاثية العاملة شمال حلب عن الاستجابة لهم إثر تدفق الآلاف منهم خلال اليومين الماضيين إلى الجانب السوري من الحدود مع تركيا.
ووجه عشرات النشطاء نداءات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى حكومة أنقرة لفتح أبواب معبر باب السلامة لدخول النازحين الذين ينتظرون على الجانب السوري من المعبر.
وبث النشطاء السوريون المعارضون للنظام السوري صوراً لطفلة من بلدة صوران بريف مدينة الباب بريف حلب تدعى غالية الزكور، قُتلت برصاصة أصابتها في رأسها أطلقها حرس الحدود الأتراك، أثناء محاولتها العبور نحو الأراضي التركية من منطقة إكدة قرب مدينة إعزاز مساء الخميس.
وكان الآلاف قد نزحوا كذلك من مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال حلب التي تتعرض لهجوم غير مسبوق من قوات النظام السوري إلى منطقة عفرين، التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" الكردية. كما نزح آخرون إلى مدينتي تل رفعت وإعزاز اللتين تخضعان لسيطرة المعارضة السورية بريف حلب الشمالي أيضاً.
وفي سياق متصل، تمكّنت قوات المعارضة السورية من استعادة السيطرة على بلدة رتيان الواقعة جنوب خط الإمداد الذي فتحته قوات النظام السوري قبل يومين لبلدتي نبّل والزهراء شمال حلب. وشنّت فصائل المعارضة السورية هجوماً معاكساً على قوات النظام والمليشيات العراقية والإيرانية، التي تسللت إلى القرية، وتمكّنت من استعادة السيطرة على البلدة بعدما قامت بعملية التفاف حاصرت من خلالها القوات الموالية للنظام. واستثمرت قوات المعارضة في هجومها هذا وضع الاشتباك من مسافة قريبة في شوارع البلدة، الأمر الذي أعطاها الأفضلية على قوات النظام والمليشيات الموالية لها.
وكانت قوات النظام السوري قد قصفت بلدة رتيان بمئات القذائف والصواريخ، الأمر الذي خلف دماراً كبيراً في البلدة، وأربك قوات المعارضة التي تتحصن بها.
وترافقت هذه المعارك مع قصف روسي على أحياء مدينة حلب، حيث أعلن الدفاع المدني في حلب عن مقتل ستة مدنيين نتيجة قصف بصاروخ من طائرة روسية على أحد شوارع حي الصاخور بعد ظهر يوم الجمعة.
وشنت طائرات يعتقد أنها روسية غارات جوية على بلدات حريتان وحيان وأحرص ومسقان وتل مصيبين بريف حلب الشمالي، وتقع هذه جميعها قرب المناطق التي تقدّمت إليها قوات النظام السوري بدعم روسي خلال الأيام الأخيرة.
اقرأ أيضاً: خوجة لـ"العربي الجديد":الدعم الخارجي للمعارضة المسلحة متوقف منذ فيينا