الحل في سوريا يساوي هزيمة روسيا

11 مارس 2014
+ الخط -

بعد موقف روسيا في مؤتمر جنيف 2، والذي تطابق تطابقاً تاماً، وكلياً، مع موقف النظام السوري، على الرغم من مخالفته التامة والكلية لوثيقة "جنيف 1"، ولآليات تنفيذه، المحددة في قرار مجلس الأمن رقم 2118، يكون من المنطقي والحتمي القول إن موقف النظام من الحل السياسي لن يتغير، وإن الحل لن يكون ممكن التحقيق، من دون كسر موقف روسيا، أو تغييره، بأية طريقة كانت.
هذا ما يجب قوله، اليوم، بكل وضوح، بعد أن تبين، بالأدلة الملموسة والوقائع والتصريحات، أَن روسيا لا تريد حلاً سياسياً في سوريا، إذا لم يفض إلى استسلام الشعب والثورة، وأَنها تعطل، وستعطل، أي جهد دولي، أو إقليمي، أو محلي، لتحقيق ما اقترحته وثيقة "جنيف 1"، ووافقت هي عليه، غير أنها تتنكر اليوم له، لاعتقادها أَن وقائع الميدان تغيرت، إلى درجة تمكنها من رفض ما كانت قد قبلته قبل عام ونصف، عندما كان النظام يتعرض لهزائم متلاحقة، وأَن في وسعها فرض الحل الذي تريده في سوريا، ويتلخص في هزيمة الثورة، والتحاق بعض المرتزقة الذين سينفكون عنها بالنظام. هذا على وجه التقريب ما قاله لنا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في موسكو، بينما كان يلومنا، لأننا لم نذهب إلى دمشق، لإقناع "رئيسنا"، بشار الأسد، بالتخلي عن السلطة، ويؤكد، في المقابل، أن تخليه عنها سيفجر المشرق العربي والخليج.
فاجأت روسيا العالم بموقفها في جنيف، وأثارت الخيبة والإحباط لدى كل من تعامل معها في الفترة السابقة، حين كانت تزعم أنها ضد المعارضة، لأنها ترفض الحل السياسي ومؤتمر جنيف، وأَن النظام قبل القدوم إلى المؤتمر، من أجل بلوغ حل متوازن بوسائل سياسية. وعندما قررت المعارضة الاشتراك في جنيف، أسقط في يدي موسكو وربيبها الدمشقي، وكشفت موقفها الحقيقي، وجوهره أَن الوضع الميداني لا يسمح بإعطاء المعارضة حلا يقوم على مرحلة انتقال إلى نظام ديمقراطي، تقول به وثيقة "جنيف 1"، ويؤكده قرار مجلس الأمن رقم 2118، وأن المهزوم - المعارضة - يجب أن ينصاع لإرادة المنتصر - النظام -، ويقبل استمراره، وبقاء رئيسه في السلطة، لأن من غير المقبول والمعقول أن يفوز المهزوم، ويهزم المنتصر، في حل يعبر عن حقائق الأرض، ولا ينصاع لأوهام الوثائق!
من الضروري أن يتأكد، من الآن فصاعدا، على الأرض وفي الممارسة السياسية، أَن المعارضة لم تهزم، والنظام لم ينتصر. يتطلب مثل هذا التأكيد كسر شوكة روسيا في سوريا، حيث تقف إلى جانب النظام، بكل ما لديها من قدرات وألاعيب وعناصر دعم، ما دام كسر شوكتها مقدمةً لا بد منها لأي حل، يطبق وثيقة جنيف والقرار الدولي، ويلبي مطالب الشعب السوري، على الضد من الحل الروسي الذي ينكر هذه الحقوق، ويريد إدامة قتل السوريات والسوريين، لا لسبب إلا مطالبتهم بحقوقهم.
لم يعد هناك ثمة خيار أمامنا، وأمام العالم، غير أحد أمرين: تطوير وسائل وامتلاك قدرات تستطيع إرغام روسيا، وتالياً النظام، على تغيير موقفهما، أو الانسحاب من الصراع، حفاظاً على ما تبقى من أرواح، وتفادياً لهزيمة مذلة أمام تحالف الأسد بوتين خامنئي، ستكون لها نتائج فائقة الخطورة، على الوضع العربي والإقليمي والدولي برمته.
قبل أن نطالب العالم بموقف يرد على التحدي الروسي والأسدي، يجب أن نجعل، نحن، دورنا بيضة القبان التي ترجح أية كفة، وتقرر نتائج الصراع، فهل نفعل أخيراً، قبل وقوع الكارثة؟

 

E4AA2ECF-ADA6-4461-AF81-5FD68ED274E9
ميشيل كيلو

كاتب سوري، مواليد 1940، ترأس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، تعرض للاعتقال مرات، ترجم كتباً في الفكر السياسي، عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض.