يكشف الشاب عماد خليل، الذي يعمل على عربة صغيرة لنقل البضائع في منطقة الشورجة، وسط بغداد، عن أنه اضطر إلى ترك الدراسة في المرحلة الثانوية قبل ثلاث سنوات، عقب مقتل والده وإصابة والدته في تفجير سيارة مفخخة في منطقة الباب الشرقي بالعاصمة العراقية، ويقول لـ"العربي الجديد": "أعمل الآن لإعالة إخوتي ووالدتي التي فقدت إحدى ذراعيها في الانفجار".
ويضيف "رغم الوعود الكثيرة التي يطلقها الحكوميون والبرلمانيون، إلا أننا لم نستلم أي نوع من التعويضات عن وفاة الوالد وإصابة الوالدة بإعاقة دائمة. تلك الأوضاع فرضت علينا قسرا رغم أنه لا يمكننا احتمالها".
ويقول الحاج أبو محمد، الذي يسكن مدينة الفلوجة، لـ"العربي الجديد": "نعيش من دون أي أمل في الحياة، وكأننا في مرحلة موت بطيء، كل واحد فينا ينتظر دوره. الوضع في البلاد أصبح كما في الغابة يأكل القوي فيها الضعيف. الحياة أصبحت سوداء منذ اختفى ابني وابن أخي أثناء نزوحهما من الأنبار إلى كربلاء عام 2015".
ويتابع "حين اشتد الحصار على الفلوجة، قررت تهريب ابني محمد وابن أخي فراس إلى خارج المدينة عن طريق نهر الفرات. نجحت عملية تهريبهما من سطوة (داعش)، الذي لم يكن يسمح بذلك، وتوجها إلى مناطق غرب الأنبار، لكن سوء الأوضاع هناك دفعهما إلى التفكير بالنزوح إلى محافظة كربلاء. بعدها قامت مليشيات مسلحة باختطاف ابني وابن أخي مع آلاف آخرين، واقتادتهما إلى مكان مجهول، وفشلت جميع محاولاتنا لمعرفة مصيرهما".
ويرصد المحامي حسين المهنا، معاناة من نوع آخر متعلقة بعائلات قتلى الحرب على تنظيم "داعش"، مبينا أن الامتيازات الحكومية المفترض أن تمنح لذوي القتلى من ضباط وعناصر الأمن لا يمكن تسليمها دون المرور بحلقات صعبة من الرشاوى والروتين.
ويلفت إلى وجود تعقيدات كبيرة في مؤسسات الدولة بهذا الشأن، مؤكدا وجود عدد غير قليل من حالات التلاعب التي يتحول فيها قتلى الحوادث والصدامات العشائرية إلى "شهداء للحصول على التعويضات".
وفي حين تواجه الحكومة اتهامات بالفشل في تقديم مساعدات لأسر قتلى الحرب الأخيرة وما قبلها من أحداث وعمليات إرهابية وانتقامية تنفذها المليشيات بدوافع طائفية، ترفع كتل سياسية شعار رعاية أسر الضحايا. يقول القيادي في التيار المدني العراقي، حسام العيسى: "في الانتخابات الحالية تكاد تكون شعارات رعاية ذوي الضحايا صفة مشتركة بين المتنافسين".
ويضيف "لدينا نحو 5 ملايين يتيم، وأكثر من مليوني أرملة وأم ثكلى، لذلك وجدت الكتل المتنافسة في هذا الرقم مخزنا انتخابيا لرفع شعارات رعاية الأيتام وإنصاف عائلات الضحايا، وكلها محاولات خداع واضحة، وخاصة أن الكتل السياسية التي ترفع تلك الشعارات تتولى السلطة منذ سنوات، ولم تفعل شيئا يذكر".