الحكومة الجزائرية تتراجع عن تحرير قطاع الاتصالات

20 ديسمبر 2017
الحكومة تخشى تقلص سيطرتها على القطاع(فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

قررت الحكومة الجزائرية سحب مشروع القانون المنظم لقطاع البريد والاتصالات الإلكترونية قبل 48 ساعة من عرضه على البرلمان الجزائري للتصويت عليه، في خطوة مفاجئة تحمل تخوف الحكومة الجزائرية من تحرير قطاع الاتصالات من الاحتكار الحكومي.

وكشف النائب في لجنة الاتصالات السلكية واللاسلكية بالبرلمان الجزائري، بشوشة جمال، أن اللجنة فوجئت قبل يومين بخبر سحب مشروع قانون البريد والاتصالات الإلكترونية من جانب الحكومة، وهو الخبر الذي نقله إلى اللجنة وزير العلاقات مع البرلمان، طاهر خاوة.

وقال النائب الجزائري في حديث مع "العربي الجديد" إن: "الوزير لم يقدم تفاصيل كثيرة واكتفى بالقول بأنه لأهمية القانون رأينا وجوب إثرائه بآراء واقتراحات الخبراء، دون أن يقدم توضيحات أكثر".

ولفت بشوشة جمال إلى أن "هذه التطورات حدثت أمام وزير البريد وتكنولوجيات الاتصال، إيمان هدى فرعون، ما يكشف أن القرار اتخذ دون علم الوزيرة التي اضطرت إلى مغادرة الاجتماع لتعود وتؤكد الخبر".

وكانت وزير البريد الجزائري، إيمان هدى فرعون، قد عرضت مشروع قانون البريد والاتصالات الإلكترونية على النواب يوم الإثنين 11 ديسمبر/ كانون الأول، وحسب مشروع القانون الذي صادق عليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2016، والذي تحوز "العربي الجديد" على نسخة منه، فإنه يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في مجال الهاتف الثابت والإنترنت وخدمة واي فاي، وأيضاً الإنترنت عبر الألياف الضوئية، ما ينهي احتكار شركة "اتصالات الجزائر" الحكومية لخدمة الهاتف الثابت والإنترنت الذي امتد لخمسة عشر عاماً.

كما أعطى مشروع القانون الذي كان منتظراً أن يعرض للتصويت عليه على البرلمان أول من أمس الإثنين، لوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال صلاحية طرح مناقصات أمام المستثمرين في المجال الذي تراه مناسباً.

إلا أن مشروع القانون أبقى المشهد غامضاً حول إمكانية فتح رأس مال شركة "اتصالات الجزائر" أمام القطاع الخاص، بعدما أشارت المادة 92 إلى ضرورة "تفرع الشركة هيكلياً" بالتعاون مع المستثمرين تماشياً مع السوق.

وتعد هذه المرة الثانية التي تسعى فيها الجزائر إلى تحرير قطاع اتصالات الثابت والإنترنت ثم تعود خطوة إلى الوراء، إذ سبق للحكومة أن فتحت هذا القطاع أمام المستثمرين عام 2000، وسمح ذلك بميلاد "لكم" أول شركة اتصالات للهاتف الثابت من القطاع الخاص في الجزائر، وهي نتيجة شراكة بين الشركتين المصريتين "اتصالات مصر" و"أوراسكوم للاتصالات"، أنشئت عام 2005، ولم يدم نشاطها إلا سنتين، ليرجع القطاع إلى الحالة الأصلية أي بين يدي القطاع العمومي.




وقد ظل فتح قطاع الاتصالات عبر تكنولوجيات الإعلام والاتصال أمام القطاع الخاص مطلباً نادى به الخبراء، إلا أن العديد من الأسئلة طرحت منذ كشف الحكومة عن نية فتح القطاع أمام المستثمرين، أولها من أين ستكون البداية، وآخرها ما الذي سيتغير بالنسبة للمواطن في النهاية؟ 

وحسب الخبير في مجال تكنولوجيات الاتصال مولاي مالك، فإن مشروع القانون كان سيضخ دماء جديدة في القطاع الذي أنهكه الركود بعد احتكار الحكومة له لأسباب أمنية وسياسية، إلا أن الأوضاع الاقتصادية وتطور المجتمع الجزائري دفعت الحكومة للتفكير في رفع يدها عن الاتصالات عبر الهاتف الثابت والإنترنت بالأقمار الصناعية أو الألياف البصرية.

وأضاف الخبير الجزائري، أن هذا الإجراء كان سيدخل قطاع الاتصالات الحديثة في سياق المنافسة، ما يجعل المواطن يستفيد من خدمات أحسن، فضلاً عن أنه يسمح للجزائر برؤية تقنيات جديدة كالدفع الإلكتروني والإدارة الإلكترونية وغيرها من الخدمات التي ظلت حلماً بالنسبة للجزائريين.

وقال مولاي مالك، في حديث مع "العربي الجديد" أن "السلطات في الجزائر لا تزال تترد في تحرير قطاع مهم كالاتصالات فهي تريد أن تتحكم في القطاع لأغراض أمنية وسياسية وأتوقع أن تدفع وزير القطاع، هدى فرعون، ضريبة هذا التردد بإقالتها قريباً لإيجاد غطاء لهذا التراجع".

ولفت إلى أن القانون الجديد يحمل بعضاً من الغموض، الذي يجعل الحكم على نية الحكومة في تحرير المجال أمام القطاع الخاص، إذ ركز على الهيكل التنظيمي دون الحديث عن "إنتاج المضمون" الذي يعد نقطة ضعف القطاع في الجزائر، بالإضافة إلى عدم تحديد الطريقة التي تتحدث عنها المادة 92 في ما يتعلق "بتفرع شركة اتصالات الجزائر هيكلياً".

وتعد هذه النقطة من بين البنود التي حركت عمال "اتصالات الجزائر" الذين يرفضون الفكرة جملة وتفصيلاً، حسب محمد تشولاق الأمين العام لفدرالية عمال قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.

المساهمون