الحكومة الأردنية تنهي احتكارها لسوق النفط

27 أكتوبر 2015
القطاع الخاص يستعد للمشاركة في استيراد الوقود وتسويقه(فرانس برس)
+ الخط -
بدأت الحكومة الأردنية بإنهاء احتكارها التاريخي لسوق النفط المحلي بشكل تدريجي، عبر السماح لعدد من الشركات باستيراد المشتقات النفطية من الخارج وبيعها محلياً، فيما ستبقى الدولة على تحكمها بالأسعار، التي يتوجب على الشركات الموردة الالتزام بها وعدم تجاوزها.
وقال رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني جمال قموه، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة سمحت مؤخراً لثلاث شركات مختصة في قطاع النفط، باستيراد المشتقات من الخارج وبيعها في السوق المحلية.
وأضاف قموه، أن هذه الشركات بدأت التحضير لتوريد المشتقات النفطية الجاهزة من الخارج، واصفا ذلك بالخطوة المهمة باتجاه استكمال تحرير هذه السوق عبر استيرادها وتسويقها داخل البلاد.
وتابع أن هذه الخطوة من شأنها إيجاد منافسة حقيقية في سوق المحروقات المحلية، بعد أن كانت حكرا في السابق على الحكومة فقط من خلال الحصرية الممنوحة لشركة مصفاة البترول الأردنية المنشأة الوحيدة في البلاد العاملة في هذا المجال.
ورأى رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب، أن السماح بإنهاء احتكار سوق النفط، سيدعم انخفاض أسعار المشتقات النفطية محليا من خلال المنافسة بين الشركات الموردة، مشيرا إلى أن الحكومة ستحدد سقفاً أعلى لأسعار المحروقات لا يسمح لها بتجاوزه، لكنها تستطيع البيع بأقل منه ما يخدم المستهلك في نهاية المطاف.
وتعمل في السوق الأردنية حاليا ثلاث شركات هي "توتال" و"المناصير" و"الشركة التسويقية" التابعة لمصفاة البترول، حيث تم تقسيم محطات المحروقات البالغ عددها 460 محطة في ما بينها لغايات تزويدها بالمشتقات النفطية.
وقال قموه، إن هذه الشركات ستحتكر السوق حتى منتصف العام المقبل بموجب اتفاق سابق مع الحكومة، وبعد ذلك بإمكان أي من الشركات توريد المشتقات النفطية للأردن بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات المختصة.

وكان وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، إبراهيم سيف، قال في تصريح صحافي مؤخرا، إن الحكومة تسعى إلى تمكين الشركات المرخص لها، بمزاولة حقها بالاستيراد، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق بشكل مبدئي مع هذه الشركات على آلية التسعير الخاصة بهم والبنية التحتية اللازمة، فيما يتم حاليا الاتفاق معها على بعض الأمور اللوجستية مثل التخزين.
وبحسب الوزير فإن وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، حريصة على أمن التزود بالطاقة والحفاظ عليها، والعمل على تنويع مصادر الطاقة المختلفة ومنها الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن الطاقة تمثل تحديا كبيرا في الأردن وتشكل نحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يتطلب تعزيز الكفاءة الإنتاجية لهذا القطاع.
وكان الأردن قد رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2012، فيما يجري شهريا تحديد الأسعار بناء على المتغيرات التي تطرأ على الأسعار العالمية من حيث الانخفاض والارتفاع.
وذكر المصرف المركزي الأردني في أحدث تقرير له، إن واردات الأردن من المشتقات النفطية خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي انخفضت بنسبة 52.2%، لتبلغ 1.02 مليار دولار، مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، فيما انخفضت الواردات من النفط الخام بنسبة 36.1%، وبلغت 888 مليون دولار، نتيجة انخفاض الأسعار العالمية بنسبة 48.1%.
ويلبي الأردن احتياطاته من النفط الخام من المملكة العربية السعودية، ويتم إعادة تكريره من خلال مصفاة البترول الأردنية التي تعاني من قدم معداتها وارتفاع نسبة الفاقد، ما يسهم في رفع كلف إنتاج المشتقات النفطية وتحميلها للمستهلكين.

اقرأ أيضا: الأردن يحقق أدنى نمو اقتصادي منذ 2010

وقال رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات فهد الفايز لـ"العربي الجديد"، إن السماح لشركات تسويق المشتقات النفطية بالاستيراد المباشر من السوق الخارجية بدون وساطة مصفاة البترول الأردنية ينتظر التفعيل من قبل الحكومة، بعد إنجاز الشركات المطلوب منها لغايات الاستيراد.

من جانبه، قال مدير عام محطات المناصير للمحروقات، ياسر المناصير، إن التأخر في البدء بعمليات استيراد المشتقات النفطية يعود إلى بعض الإجراءات اللازمة خاصة ما يتعلق بأماكن وسعات التخزين.
وأضاف المناصير في تصريح خاص، أن الشركات لديها الجاهزية حاليا للاستيراد بعد توقيع مذكرات تفاهم مع الحكومة، والتي تتضمن آلية التسعير والكميات المسموح باستيرادها.
وأشار إلى أنه سيتم في المرحلة الأولى استيراد مادة السولار بواقع 45 طناً، موزعة بالتساوي بين الشركات الثلاث، فيما سيتم استيراد المشتقات الأخرى كالبنزين لاحقا العام المقبل.
ولفت إلى أن الشركات ووزارة الطاقة تعمل حاليا على استكمال ما تبقى من مذكرات التفاهم، تمهيدا لتوقيعها ومن ثم المباشرة بالاستيراد.
ويرى خبراء في قطاع الطاقة أن السماح للشركات باستيراد المشتقات النفطية سيعمل على تنويع مصادر الطاقة والمنافسة في السوق، وإتاحة المجال للقطاع الخاص في بناء مخزون من هذه المشتقات.
ويعاني الأردن من ارتفاع فاتورة الطاقة، التي تبلغ سنوياً حوالي 6.5 مليارات دولار، بينما يتوقع انخفاضها العام الحالي نتيجة لهبوط أسعار النفط العالمية إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل.
ويرى خبراء أن السماح للشركات بالاستيراد وتحرير أسعار الوقود، من شأنه تقليل العبء الذي تتحمله الدولة، خاصة فيما يتعلق بتقليص العجز في موازنتها.
وكان المصرف المركزي أشار مؤخرا إلى ارتفاع صافي الدين العام الداخلي والخارجي في نهاية يوليو/تموز الماضي بمقدار 1.54 مليار دولار عن مستواه في نهاية العام الماضي، ليصل إلى 30.53 مليار دولار، بما يعادل 79.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
ووفق بيانات المالية الأردنية، فإن عجز الموازنة المقدر لنهاية العام الحالي يبلغ 660.4 مليون دولار، مقارنة مع عجز مقداره 2.59 مليار دولار في نهاية 2012.
وبحسب مسؤول حكومي، فإن الأردن سيبدأ قبل نهاية العام الحالي مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاعتماد برنامج اتئماني جديد، بعد انتهاء البرنامج السابق في أغسطس/آب الماضي.

اقرأ أيضا: فساد الأراضي يلاحق حكومة الأردن
المساهمون