طلب رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، اليوم الثلاثاء، في كتاب رسمي أوردته وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، من وزير الصحة "استمرار تغطية نفقات معالجة مرضى السرطان الحاصلين على إعفاءات طبية أو المحولين من وزارة الصحة أو التأمين الصحي المدني (مؤمّنين وغير مؤمّنين) في مركز الحسين للسرطان أو الخدمات الطبية أو المستشفيات المدنية الأخرى".
وجاء قرار الملقي، رداً على اعتصام عشرات من مرضى السرطان، للتعبير عن معارضتهم قرار الحكومة بوقف الإعفاءات الطبية في مركز الحسين للسرطان، بعد أن قررت الحكومة، قبل نحو أسبوع، تحويل مرضى السرطان ممن تجاوزوا الستين للعلاج في المستشفيات الحكومية، لكن المعتصمين أكدوا أن التحويل طاول جميع الفئات العمرية.
"هذا حكم إعدام علينا"، قال محمد حسين، مريض سرطان الحنجرة، قبل نقله، اليوم الثلاثاء، بسيارة إسعاف من موقع الاعتصام أمام دار الرئاسة الأردنية في عمّان، إلى المستشفى، إثر تدهور حالته الصحية.
مريض يبلغ من العمر 67 عاماً، ينتظر تجديد الإعفاء الطبي لنقله من مركز الحسين إلى مستشفى البشير الحكومي كي يواصل علاجه، ويستبق القرار المتوقع بالقول: "يخلونا نموت في بيوتنا أحسن من نقلنا".
رغم الحديث الرسمي المتكرر عن تطور العلاج في المستشفيات الحكومية، إلا أنها لا تمتلك سمعة جيدة بين المواطنين في علاج السرطان. لذلك أثار القرار ذعر المرضى وذويهم، وحرّك الرأي العام الذي استهجن معالجة المشكلات الاقتصادية على حساب مصير المرضى.
رائدة أبو خديجة، شاركت في الاعتصام، لتعلن رفضها تحويل ابنتها المصابة بالسرطان من مركز الحسين إلى مستشفى البشير. وتقول الأربعينية "ابنتي تعالج منذ 9 سنوات في مركز الحسين، نحن خائفون من أن تنقل إلى مستشفى البشير (...) في المستشفيات الحكومية ينتظر المريض من 4 إلى 5 أشهر ليأخذ موعدا، ويضطر إلى الانتظار في طوابير أمام المختبرات أو الصيدلية، هل يستطيع مريض السرطان ذلك؟"، وتتابع "أقول للحكومة: من حق مريض السرطان أن يعيش ويموت على سرير نظيف".
قبل يومين، انضم مركز الحسين نفسه إلى رافضي القرار الحكومي، داعياً، في بيان صادر عنه "الجهات المعنية، إلى التراجع عن القرار والتعاون فوراً، للوصول إلى حل جذري، وإيجاد آلية مستدامة لتغطية علاج مرضى السرطان".
الطفل إسلام حداد (14 عاماً)، الذي شارك في الاعتصام رغم الأوجاع التي يكابدها نتيجة إصابته قبل أكثر من سنة بسرطان في الدماغ تسبب في فقدانه حاسة البصر، يعبر عن خوفه من نقله إلى مستشفى آخر، ويقول "مركز الحسين صار بيتي، بخاف ينقلوني على مكان ثاني وهناك ما يعرفوا شو وضعي".
المخاوف ذاتها تسيطر على مريضة السرطان ابتسام منصور، وهي مهددة اليوم بعد 12 عاماً من علاجها في المركز، بنقلها إلى مستشفى البشير الحكومي.
تقول "من حقي كأردنية يدفع أهلي الضرائب، الحصول على أفضل خدمة طبية (...) يريدون نقلنا إلى مستشفى البشير حتى نرتمي في الممرات". تؤكد "نحن هنا لندافع عن حقنا في العلاج (...) الملك الراحل الحسين قال إن الإنسان أغلى ما نملك، لكن الحقيقة اليوم أن الإنسان أرخص ما نملك، لماذا؟".
الاعتصام أعقب إعلان الحكومة، على لسان الناطق باسمها، محمد المومني، مساء أمس الإثنين، عن تعليمات جديدة لتنظيم علاج مرضى السرطان، تستثني المرضى على أسرّة العلاج من قرار تحويلهم من مركز الحسين إلى مستشفيات أخرى، إضافة إلى تشكيل لجنة طبية تقرر الجهة الأكثر كفاءة لعلاج المرضى الجدد لديها، من بين القطاعات الطبية الحكومية والعسكرية والجامعية، إضافة إلى مركز الحسين.
ورغم التعليمات الرسمية، حوّلت قبيل الاعتصام بنحو ساعة مريضة السرطان، أماني الخالد، من العلاج في مركز الحسين للسرطان إلى مستشفى البشير الحكومي.
تقول العشرينية التي تعالج في المركز منذ 10 سنوات "شعرت بالصدمة من القرار (...) ذهبت اليوم لتجديد التأمين بعد الإعلان عن التعليمات، مساء أمس، لكن تبيّن أنهم يكذبون علينا".