الحقيقة على دفعات

01 يونيو 2019
آفرو/ إيطاليا
+ الخط -

يصل الواحد منّا إلى أوروبا، وفي ذهنه قيمُ التنوير في قرنها الثامن عشر.

يظنّ أنه سيقابل تلك القيم، لحظة نزوله عن سلّم الطائرة.

فالقارّة العجوز بقيمها الذهبية العظيمة تلك، هي أمر حيوي بالنسبة إلى مثقّف هارب من قيم القرون المعتمة في بلاده.

بعد ذلك، يتلقّى الواحد منّا الحقيقةَ على دفعات.

ليس الحقيقة فقط، بل يتلقّى تالياً ولا بد: الإحباط على دفعات، أيضاً.

مع ذلك، تبقى هذه القارّة أوسع وأرحم من الزنزانة التي تركها خلفه.

أفكّر في ما سبق ولا أعرف: أأبتسم أم أتجهّم!

أيُّ قِيَم وأي تنوير يا سيّد؟

القرن الثامن عشر، وما تلاه، لهم لا لنا.

لنا كان يعني الاستعمار، والقتل والنهب.

تاريخ أسود للقارّة العجوز، في معظم أنحاء الكوكب.

القارّة التي دشّنت الإرهاب في العالم، بداية من الغزو الإسباني للأميركيتين، حتى اللحظة.
القارّة التي خلقت من ضلعها المائل أميركا الشماليةَ، لتواصل هذه إرهابها المعولم، بعد أن ضعفت القارّة الأم.

إرهابها المنتشر فوق مساحات هائلة من أرض البشر.

إرهابها/ داؤها الذي ترميه في صدورنا، نحن ضحاياها، بكل وقاحة، و... تنسلّ!


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون