ارتفعت حرارة حكومة الأسد وتأججت عواطف وزرائها وظهر دونما سابق إنذار حرصهم على العمالة السورية بلبنان، بعد اتخاذ لبنان إجراءات، من قبيل تحديد المهن التي يجوز للسوري العمل فيها ومنعه من العمل في المهن الإدارية، وفرض شروط لاستقدام العمالة السورية ورسوم مرتفعة للحصول على العمل والإقامة.
ورأى أركان حكومة الأسد، أن ثمة إجحافا في الأمر وعدم مراعاة لمسيرة الأخوة ولـ "سوا ربينا " التي ترعرعت عليها الأجيال المناضلة في كلا البلدين.
وطالب وزير العمل السوري الجانب اللبناني بالتوقيع على القانون 7 لعام 1995 القاضي بالتصديق على الاتفاقية الثنائية في مجال العمل، الموقعة في بيروت عام 1994 التي تراعي أنظمة العمل وتنص على تمتع عمال كل من الدولتين بالمعاملة، والمزايا والحقوق، نفسها، طبعاً، وانطلاقاً من "الممانعة السورية" ألحق المسؤول السوري توصيته بـ وإلا!!
قصارى القول: ربما ما تطلبه حكومة النظام السوري، هو من أبسط حقوق العمال وواجبات لبنان، لولا بعض الاستفهامات التي تجعل من الأصوات التي علت في دمشق، أقوال حق يراد بها باطل.
من تلك الاستفهامات، كيف تعامل حكومة الأسد العمالة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار داخل سورية، ألم يكن الاعتقال والفصل من العمل والحرمان من كامل الحقوق والتأمينات والضمانات، هي أبسط الإجراءات، والتي وصلت ببعض الأحايين للاعتقال والموت تحت التعذيب في سجون الأسد؟!
وأيضاً، هل كل السوريون الذين يعملون بلبنان، خرجوا للعمل وتنسحب عليهم الاتفاقات، أم ترى زهاء مليون سوري هرب من القتل والاعتقال ولجؤوا إلى لبنان، كما الأردن وتركيا؟!
ومن الاستفهامات أيضاً، ماذا تبقى من العمالة اللبنانية في سورية التي هدمتها حرب الأسد على الثورة، ليلوح مسؤولو الأسد بأن يعاملوهم بالمثل، اللهم عدا قلة قليلة يديرون بعض الفروع المصرفية أو يؤازرون الأسد عبر مواقع حساسة، في حربه الكونية.
نهاية القول: ربما من منظور إنساني وقانوني وأخلاقي، لا يحق للبنان استصدار قوانين تحصر العمالة السورية بالأعمال العضلية الشاقة والخطرة، أو في أعمال التنظيف والحراسة التي لا يستطيع، أو لا يقبل اللبناني العمل فيها نظراً لخطورتها وتدني أجرها، وربما لصداها الاجتماعي أيضاً.
وقد يحاسب التاريخ، وربما سورية المستقبل على الإساءات التي يتعرض لها السوريون عموماً والعمال على وجه التحديد، في بلد جار وشقيق سبق أن هجرته الحروب ففتح له السوريون بيوتهم ومنشآتهم وقلوبهم.