الجوع والحصار أبرز الأسباب التي تجبر النازحين على مغادرة مخيم الركبان والعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري. فالأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشونها بظل حصار قوات نظام الأسد لهم منذ نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، والذي زادت حدته مع تدخل القوات الروسية ومنعها وصول المواد الغذائية المهربة من منطقة الضمير نحو المخيم، تدفع كثيرين للمغادرة.
وغادر 7300 شخص مخيم الركبان قرب الحدود السورية - الأردنية باتجاه مناطق سيطرة نظام الأسد، منذ شهر مارس/ آذار الماضي، بحسب تأكيدات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
عضو تنسيقية تدمر أيمن الحمصي، قال لـ"العربي الجديد": "سبب خروج الأهالي من المخيم ناتج عن سوء الأحوال المعيشة بسبب إغلاق النظام والروس كافة الطرق المؤدية للمخيم منذ شهر فبراير/ شباط الماضي ومنع وصول المواد الغذائية والأدوية إليه، وهذا سبّب نقصاً حاداً في تلك المواد الأساسية وارتفاع أسعارها، إذ يبلغ سعر كيس الطحين اليوم 25 ألف ليرة سورية (نحو 47.5 دولاراً)، وهذا مبلغ ضخم جداً بالنسبة للنازحين المعدمين الذين يعيشون تحت خط الفقر".
وعن معاملة الخارجين من المخيم، أوضح الحمصي: "يتوجّهون في البداية إلى حاجز النظام السوري في منطقة جليغم، ومن هناك يصار إلى نقلهم نحو مراكز مؤقتة في دير بعلبة للتحقيق معهم، ويعاملون معاملة سيئة. وبعد التحقيق يستوجب حضور كفيل لإخراجهم من تلك المراكز، ولا يوجد أي جهة دولية تتابع أوضاعهم، فالأمم المتحدة تكتفي بإحصاء عدد العوائل الخارجة من المخيم فقط".
وبين منازل المخيم الطينية التي تطوّقها رمال الصحراء، ليس لدى الأطفال سوى الحجارة أو كرة قديمة يلهون بها، وهم لا يدرون شيئاً عن معاناة أهاليهم الذين يحترقون لتأمين وجبة طعام لهم، بحسب النازح في المخيم حمزة العنتري.
وقال العنتري لـ"العربي الجديد": "خيار العودة إلى مناطق سيطرة النظام بالنسبة لي أمر مرفوض مطلقاً، لأن العودة بمثابة الذهاب للموت" على حد وصفه. وتابع "تحمّل الجوع والفقر والمرض هنا أهون من التعذيب والاعتقال ومواجهة الموت مئات المرات في معتقلات الأسد".
واعتبر أنه "لا ضمانات مطلقاً للخارجين من هنا وخاصة الشبان، وبحال وصلوا إلى مناطق النظام فهذا معناه أنهم سلموا رقابهم له. ومن ناحيتي رفضي للخروج هو لهذا السبب، وهو تسليم لمن قتل أهلنا وشردنا ودمر بيوتنا".
أما النازحة فاطمة المقيمة في الركبان، ولا تمتلك المال الكافي للوصول إلى مناطق النظام، أوضحت لـ"العربي الجديد" أن "الخروج هو أمر محسوم بالنسبة لي ولابنتي المريضة، فلا علاج لها في المخيم، وسئمت البقاء في الصحراء في منزل طيني يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة".
وأشارت إلى أن خيار الخروج هو الأنسب لها، لتفر من الجوع والحصار في المخيم، وتضمن العلاج لابنتها الصغيرة.
وأنشئ مخيم الركبان في المنطقة الحدوديّة من الجهة السوريّة قبل سنوات، وهو مخيّم عشوائيّ للاجئين السوريين، يمتد بطول سبعة كيلومترات في المنطقة المنزوعة السلاح بين سورية والأردن بعمق ثلاثة كيلومترات، ومعظم اللاجئين فيه فرّوا من ريف حمص الشرقيّ والبادية السوريّة التي سيطر عليها تنظيم "داعش" عام 2015.