ووسط هذا الضغط السياسي، أكّد مسؤولون محليون في البصرة أنّ الوضع في المدينة هش وقابل للتحرّك، ما قد يتسبب بأزمة سياسية تكلّف حكومة عبد المهدي الكثير. لكن الرئيس العراقي برهم صالح قال أمس من الكويت تعليقاً على الموضوع نفسه "نحن في طور المناقشات بشأن قانون يمنح البصرة صلاحيات قانونية لتكون منطقة اقتصادية تنموية".
من جهته، قال القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، النائب خلف عبد الصمد، في بيان صحافي السبت، إنّ "موقفنا ثابت بشأن دستورية تبني مطلب إقليم البصرة، ولا سلطة لأحد سوى الشعب في تعطيل هذا المطلب الدستوري"، موضحاً أنّ "التجربة السياسية الجديدة أثبتت أنّ الإقليم يحصل على امتيازات وحقوق أكثر من المحافظات، وإقليم كردستان مثال شاخص". وشدد عبد الصمد على أنّ "المطالبة بإقليم البصرة هي مطالبة مشروعة للحصول على حقوق قانونية مسلوبة، كما أنّ التجربة أثبتت أيضاً أنّ الحصول على الحقوق يحتاج صوتاً عالياً مدوياً للمطالبة بتلك الحقوق"، مؤكداً "نحن ندعم أي حراك للمطالبة بالحقوق ما دام ذلك تحت سقف الدستور والقانون".
وأشار عبد الصمد إلى أنّ "استمرار مخالفة قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم، وحصة البصرة من عائدات البترودولار المحددة بخمسة دولارات عن كل برميل منتج، وأخرى عن التكرير والغاز، يشكّل إجحافاً كبيراً للبصرة"، مؤكداً "لو تحوّلت البصرة إلى إقليم، فإنّ هذا الإجحاف يمكن أن يزال عنها".
من جهته، ربط النائب عن "تيار الحكمة" علي البديري، بين المكاسب الخاصة وبين طرح موضوع الإقليم. وقال في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "للأسف الشديد ظاهرة التلويح بالأقاليم برزت عن طريق كتل سياسية عدة بهدف الابتزاز أو الضغط، فالتركيز على البند الدستوري الذي يجيز للمحافظة أو عدة محافظات التحوّل لإقليم، الغرض منه الآن الضغط على الحكومة، وفي حالة البصرة هو لزيادة نسبتها من الموازنة، أو للحصول على مقعد وزاري لها"، مضيفاً "نعم البصرة ظلمت في الكابينة الوزارية، ولا يوجد هناك وزير يمثّل هذه المحافظة، لكن الضغط بهذه الطريقة على الحكومة غير صحيح".
وأوضح البديري أنّ "إعلان الإقليم لا يمكن أن يمرّ إلا بطرق قانونية، وضّحها الدستور العراقي. فلو كانت هذه الأطراف فعلاً جادة وإذا مضت بالأطر القانونية والدستورية، فهذا حقّ، أمّا إذا كانت مجرّد شعارات وضغط، فذلك غير مقبول". وتابع قائلاً "نلاحظ أنه كلما اقتربت الموازنة، تبرز هذه الشعارات للحصول على منصب وزير، أو للحصول على مكاسب أخرى".
أمّا النائب عن تحالف "النصر"، مزاحم التميمي، فأكّد في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لا يمكن القبول بتشكيل الأقاليم، إلا إذا وجدنا الصيغة المناسبة لتحقيق المكاسب للناس"، مضيفاً "لكن هناك مطالبات حقيقية وملزمة من أجل تشكيل إقليم البصرة، فالشارع البصري يرغب برؤية مشاريع جدية في المحافظة من أجل تطوير البنى التحتية وتأمين فرص للعمل وتطوير البصرة بما يليق بها". وأشار إلى أنّه "في السنوات السابقة، كان هناك عجز من الحكومة أو فشل في تحقيق ما يصبوا له أهالي البصرة، الذين تمنّوا أن يشكّل إقليماً في المحافظة، ربما يتيح للإدارة المحلية فرصة أكبر في إنجاز ما يمكن إنجازه من أجل تطوير هذه المحافظة".
من جهتها، رأت النائبة عن تحالف "الفتح"، زهرة البجاري، أنّ "الوقت الحالي مناسب جداً لإعلان إقليم البصرة"، موضحةً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "تأسيس الإقليم حقّ كفله الدستور العراقي لكل مكونات الشعب، كما ينطبق هذا على إقليم كردستان"، مبينةً أنّ "80 بالمائة من الموازنة المالية للعراق مصدرها محافظة البصرة، التي يئن سكانها تحت وطأة الفقر والبطالة وجميع أنواع الملوثات". وأضافت "الحكومة العراقية لم تستجب لجميع المناشدات الإنسانية والجماهيرية منذ عدة شهور، وحان الوقت للذهاب باتجاه الحق الدستوري لإنشاء إقليم البصرة، ومجلس محافظة البصرة سيقوم باتخاذ جميع الخطوات القانونية الرامية لتأسيس الإقليم".
ويؤكد مراقبون أنّ الشارع البصري مهيّأ للاستغلال من قبل أي جهة سياسية، وأنّه ناقم على كل الحكومات. وفي هذا الإطار، قال الخبير السياسي، فالح العلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ائتلاف المالكي استغلّ غليان الشارع البصري ونقمته، ووجد أنّ هناك مجالاً واسعاً لاستغلال ذلك عبر طرح فكرة الإقليم".
وأشار البصري إلى أنّ "حراك المالكي يجري حالياً باتجاه الشعب، وباتجاه نواب البصرة من الكتل الأخرى، حتى أنّه يتم جمع تواقيع للمطالبة بإعلان الإقليم"، مؤكداً أنّ "الحراك خلال هذه الفترة خطر جداً على حكومة عبد المهدي، خصوصاً أنّها لم تثبّت دعائمها بعد". وأضاف أنّ "أهالي البصرة لم يقتنعوا بعد بأي من الوعود، وعلى عبد المهدي أن يتخذ خطوات سريعة لمعالجة الموقف". يشار إلى أنّ عبد المهدي، يتخوّف من التظاهرات، ويحاول تهدئة الشارع، وخصوصاً في البصرة، واعداً إياها بتحسين مستوى الخدمات.