الحزب الاشتراكي الفرنسي على شفير الانفجار


07 سبتمبر 2014
استعرض فالس "عاطفيته" في لاروشيل (كزافييه ليوتي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

إذا كان الرئيس الفرنسي الراحل، فرانسوا ميتران، قد استطاع التوحيد بين كل تيارات الحزب الاشتراكي والجمع بين شخصيات سياسية ذات أمزجة حادة كميشال روكار وبيار شوفنمان وبيار موروا وليونيل جوسبان وغيرهم، فقد كان الهدف واضحاً: "الوصول إلى السلطة والبقاء فيها ما أمكن، ثم من بعدي الطوفان".

واتّضحت صحة نوايا ميتران بعد غياب الاشتراكيين من بعده عن السلطة لبعض الوقت مع وصول الرئيس السابق، جاك شيراك، إلى الحكم مع فترة أدار فيها جوسبان حكومة تناوب صعبة. فقد انفجر الحزب الاشتراكي بعد رحيل ميتران، لكن الأمر يبدو مغايراً مع الرئيس فرانسوا هولاند.

يعاني هولاند، ورئيس حكومته مانويل فالس، من انهيار كبير في شعبيتيهما، ما يؤدي إلى عدم استبعاد فرضية الانفجار الداخلي للحزب، وخصوصاً أن "روح" الحزب تبدو وكأنها قد أُصيبت في الصميم. وليس مفاجئاً أن يؤكد 76 في المئة من الفرنسيين، في استطلاع رأي جديد نشرته صحيفة "لو جورنال دي ديمانش" في 31 أغسطس/ آب، أن "الحزب الاشتراكي يمكن أن ينفجر"، الأمر الذي وافقهم فيه 64 في المئة من المتعاطفين مع الحزب.

ومن المؤكد أن انعطافة هولاند وفالس، وبنسبة 180 درجة، جعلت الاشتراكي يتحوّل إلى حزب "اجتماعي ديمقراطي" بل "اجتماعي ليبرالي" حتى، كما يصرّ المدافعون عن الخط اليساري على القول. وتلك الانعطافة مسؤولة عن الأجواء الكريهة التي تسود داخل الحزب وعن نتائجها.

وجاءت الجامعة الصيفية السنوية للحزب في مدينة لاروشيل (30 و31 أغسطس)، لتُظهر إلى العلن الصراعات بين قطبين من الصعب التوفيق بينهما. وقد كان هذا اللقاء فرصة للنواب "المتمردين" لإحصاء عددهم من جديد، وخصوصاً بعد انسحاب ثلاثة وزراء محسوبين على اليسار، أرنو مونتبورغ، بنوا آمون وأوريلي فيليبيتي، من الحكومة.
وكان شعار المنسحبين: "نحن يساريون"، وهو ما يعني أن فالس وحكومته لا يعبّرون عن روحية اليسار. وهو أيضاً ما جعل العجوز اليساري، هنري إيمانويللي، يصف الخط الاجتماعي الليبرالي الذي يدافع عنه فالس بـ"أبله اليمين".

ولم يكن سهلاً جلوس وزيرة العدل، كريستيان توبيرا، وهي قريبة من الحزب الراديكالي اليساري، إلى جانب المتمردَين، كريستيان بول وجيروم غيدج، إذ منحت في هذا الاتجاه دعماً سياسياً غير منتظر. وهو ما يؤكد على أن هذه الوزيرة التي اصطدمت بفالس حين كان وزيراً للداخلية، صعبة المراس ولن تصمت حين يتوجّب الكلام.

من جهتها، استبقت مارتين أوبري، التي لم تر أنه من المفيد القدوم إلى مدينة لاروشيل، هذا اللقاء برفضها الحاسم لتراجع رئيس الوزراء عن سياسة وضع كوابح للإيجار، وخصوصاً في المدن التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في بدلات الإيجار، التي كانت في صميم برنامج هولاند الانتخابي. وأكدت أنها "لن تُطبّق قرار فالس في مدينة ليل".

وقد كان اليسار المتعدّد حاضراً في لاروشيل من أجل التقاط صورة تذكارية عن وحدة غير موجودة منذ زمن، وأيضاً من أجل انتقاد نكث الحزب الاشتراكي باتفاقاته وعهوده لمكوّنات اليسار. وهذا ما ركزت عليه مداخلات رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي، بيار لوران، التي اتهم فيها هولاند بـ"تمزيق اتفاق 2012 أمام الفرنسيين"، ورأى في توجهات فالس "طريقاً من دون مخرج ستقودنا إلى الحائط". ولم يختلف الرأي لدى رئيسة حزب الخضر، إيمانويل كوس، ولا عند رئيس الحزب الراديكالي اليساري، جان ـ ميشال بايلي.

واستفاد فالس من كونه آخر المحاضرين في الجامعة الصيفية للحزب الاشتراكي، واستخدم كعادته سلاحه الخطابي "العاطفي" وتكرار الكلمات حتى يؤثر على جمهور "يساري" في وقت تدشّن فيه الحكومة "سياسة غير يسارية".
وأعلن فالس أن الخيارات التي يقوم بها هي من "أجل الحفاظ على نظامنا الاجتماعي" وأنه لا "يوجد تحوّل ولا انحراف في سياسة الاشتراكيين". وكرر: "نحن عائلة واحدة"، وطالب بـ"الاتحاد"، مكرراً أنه لا يمارس سياسة تضخّم و"أنه لا ينسى الشباب".

وذكّر بأن حكومته هي "حكومة يسار بأغلبية يسارية تحكم، ولا توجد أغلبية يسارية أخرى بديلة". ولكن النواب "المتمردين"، وأيضاً الوزيرين المُقالَيْن، مونتبورغ وآمون، اللذين غادرا لاروشيل قبل خطاب فالس، لهم، بالتأكيد، تعريفٌ آخر لليسار، لعلّ من ملامحه الأولى استعداد مونتبورغ من الآن للترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2017. وهو ما يعني أن هولاند ليس مرشحاً حاسماً للحزب الاشتراكي.

المساهمون