الحريري في واشنطن... أكثر من رئيس وزراء سابق

28 ابريل 2015
يُراد إضفاء صورة الحريري الأب على الابن (رتيب الصفدي/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من عدم اهتمام الولايات المتحدة لكل من يحمل لقب "السابق" من السياسيين الزائرين لها، مقارنةً مع الممسكين بالسلطة في بلدانهم، إلا أن رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري، حظي بمعاملة مختلفة، خلال زيارته التي دامت حوالي الأسبوع إلى واشنطن، معيدة إلى الأذهان صورة والده رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، الذي كان يتمتّع بعلاقاتٍ واسعة في دوائر القرار. وتدلّ حفاوة الاستقبال الأميركي للحريري، إلى تطوّر دور الأخير أبعد من رئاسة الحكومة اللبنانية، خصوصاً أن الرجل فعّل جولاته العربية والاقليمية في الأشهر الأخيرة، وسط اهتمام دولي بارز به، وهو ما يندرج في خانة ما سبق لـ"العربي الجديد" أن أشارت إليه عن نية لتحويل الحريري إلى ما يشبه "الناطق باسم الاعتدال السني في بلاد الشام".

وفي البيت الأبيض التقى الحريري نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ومستشارة أوباما لشؤون الأمن القومي سوزان رايس، ووزير الخارجية جون كيري، كما أجرى مباحثات عدة في وزارة الدفاع (البنتاغون) والكونغرس.

وذكر البيت الأبيض أن "بايدن أعرب عن تأييده لسياسة لبنان الرسمية في النأي بالنفس عن بعض الصراعات الإقليمية، بما في ذلك داخل الأراضي السورية". وأوضح في بيانٍ، أن "بايدن اتفق مع الحريري على عدم ملائمة بقاء لبنان من دون رئيس ووجوب ملء هذا الفراغ".

اقرأ أيضاً لبنان: حرب داخل حزب الحريري بسبب الموقوفين الإسلاميين

وخلال الاجتماع مع رايس، كانت فرصة الحريري أكبر، لمناقشة حزمة أوسع من القضايا الاقليمية التي قيل إنها أزاحت الهموم اللبنانية إلى حدٍّ كبير، عن اهتمامات الضيف والمضيفين على حد سواء أثناء نقاشاتهم. وأفاد البيت الابيض أن "رايس من جانبها ركّزت أيضاً على ضرورة تحرك النواب اللبنانيين لانتخاب رئيس للجمهورية، تطبيقاً لمواد الدستور. وأظهر الجانبان تطابقاً في الرأي بضرورة التوصل إلى حلّ سياسي حقيقي للأزمة السورية، وزيادة الدعم الدولي للاجئين السوريين في لبنان".

وفي وزارة الدفاع، ناقش الحريري مع نائبة وزير الدفاع الأميركي كريستين وارموس ومساعديها قضايا تهم لبنان والمنطقة. وعلمت "العربي الجديد"، أن "الوفد اللبناني استمع في البنتاغون إلى مخاوف عسكريين وأمنيين أميركيين، من أن "يكون الجيش اللبناني قد أصبح في حكم المخترق من جانب حزب الله والاستخبارات الإيرانية، إلا أن الوفد اللبناني قلّل من شأن هذه المخاوف، مشددا على أن الجيش اللبناني لا يمكن اختراقه من أي جهة، حتى لو تعددت الولاءات داخله، لكون تعدديته تعكس مكونات الشعب اللبناني".

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر أميركية مطلعة، أن "أجندة المباحثات الرسمية في الخارجية الأميركية والكونغرس، غلب عليها القضايا ذات الطابع الاقليمي أكثر من الهموم اللبنانية، باعتبار أن معظم قضايا لبنان الملحة والمخاطر التي تهدد استقراره هي في الأساس ذات بعد اقليمي أو امتدت إلى لبنان من خارجه".

ولفتت المصادر الأميركية إلى أن "الحريري وبعض أعضاء الوفد المرافق له، أعربوا بشكل مباشر أحياناً، وبصورة غير مباشرة أحياناً أخرى، عن المخاوف التي تعتريهم من تعاظم النفوذ الإيراني، لا لدى أوساط الشيعة العرب فحسب، بل حتى بين السنة والمسيحيين في لبنان بالذات، من خلال توظيف بعض الطامحين سياسياً".

وأثناء لقاء الحريري مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري في قاعة استقبال كبار الضيوف بالمقرّ الرئيسي للوزارة، تسرّبت للصحفيين معلومات مفادها أن "سورية واليمن والسعودية والعراق تتصدّر جدول اللقاء قبل لبنان، غير أن ادراج موضوعي اللاجئين السوريين في لبنان، والتهديدات التي يتعرض لها لبنان من تمدد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى أراضيه، أعاد الصدارة إلى لبنان في جدول أعمال الزيارة". وعلى الرغم من تلقّي كيري وبايدن نصائح من مساعديهما بعدم بحث موضوع "رئاسة الجمهورية اللبنانية" سوى مع الحريري وعلى انفراد، غير أنهما لم يلتزما بالنصائح.

وأشار مسؤول في الكونغرس لـ"العربي الجديد" إلى أن "الحريري تطرّق في أحاديثه مع أعضاء من أصول لبنانية في الكونغرس عن تفاصيل دقيقة، تتعلق بالمشهد السياسي في لبنان والعراق والخليج والمنطقة بشكل عام". وأضاف أن "بعض ما طرحه الحريري جعلهم أكثر فهماً لما يجري مما كانوا عليه من قبل". ولفت إلى أن "الحريري تطرق لعاصفة الحزم، من منطلق معرفته لكيفية صنع القرار في السعودية".

وطبقاً للمصدر ذاته، فقد "ألمح الحريري وأعضاء الوفد المرافق له، قبيل الإعلان الرسمي عن إيقاف غارات عاصفة الحزم، بأن العمليات العسكرية قد اقتربت من الوصول إلى نهايتها". وتابع المسؤول "جاء كلام الحريري في وقتٍ توقّع كل من التقى بهم الوفد اللبناني توسّع الحرب إلى مواجهات برية، ولم يكونوا يريدون لحليفتهم السعودية الانغماس فيها، بالقدر الذي قد يهدد أمنها واستقرارها"، وفق تعبير بعض أعضاء الكونغرس.

وبعد صدور البيان الرسمي السعودي عن إيقاف الغارات الجوية ضد المتمردين على النظام الشرعي في اليمن، علّق أحد أعضاء وحدة الأبحاث في الكونغرس، قائلاً "لم يكن الحريري ومن جاء معه مخطئين في توقعاتهم، بل كانوا أكثر دراية منا بالمنطقة وشؤونها، وعلينا أن نستمع لما يقولونه بعناية واهتمام أكبر أثناء وجودهم هنا، خصوصاً بما يتعلق بالسعودية والعراق".

اقرأ أيضاً الحريري يردّ على نصر الله: المشروع الإيراني سيسقط

المساهمون