الحروب البيئية في الحاضر والمستقبل

06 يناير 2018
حماية البيئة واجب عالمي (آدم بيري/Getty)
+ الخط -
من يطّلع على حقائق الحروب البيئية يعتقد أنّه أمام سيناريو محكم لأحد أفلام الخيال العلمي. وهل الخيال العلمي إلاّ جزءاً من الحقيقة؟ في كثير من الأحيان تمثل هذه الأفلام بالونة اختبار لقياس مدى قوة ردود الفعل على مثل هذه التدخلات السافرة في البيئة.

بحسب وثيقة سلاح الجو الأميركي "التقرير النهائي 2025" جرى تعريف الحروب البيئية بأنّها سلسلة واسعة من التكنولوجيات المتطورة التي تصل إلى إطلاق الفيضانات والأعاصير والزلازل وموجات الجفاف، وذلك من أجل هزيمة العدو.

"مشروع هارب" مثالٌ صارخ للحروب البيئية، فقد قُدّم للعالم على أنّه مجرد درع لإصلاح ثقب طبقة الأوزون، لكنّه في الحقيقة جزء من ترسانة أسلحة "حرب النجوم" الأميركية.

تأتي الحروب البيئية استجابة لمصالح بعض الدول الكبرى واستراتيجياتها العدوانية للسيطرة على الموارد العالمية، واستخدام التكنولوجيات المتطورة لتعديل المناخ في مختلف أنحاء العالم، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنظومات الزراعية والبيئية، وتغيير المجالات الكهرومغناطيسية الطبيعية. كذلك، يمكن لهذه الحروب أن تحدث الزلازل والفيضانات والانهيارات الأرضية، والأمطار الحمضية، والعواصف والأعاصير والتسونامي. في معنى آخر، فإنّ كلّ هذه الظواهر تكون اصطناعية متعمدة، وليست مجرد ظواهر طبيعية.

الباحث في مجال المياه والبيئة، توفيق جميعان، يؤكد أنّ من مظاهر الحروب البيئية ما يمارسه المغتصبون أثناء الحروب مثل حرب المياه، والتي يجري من خلالها استنزاف الموارد الجوفية والسطحية للمياه، وتدمير الكثير من آبار المياه. امتدت السطوة لممارسة الغطرسة على الشواطئ لمنع المشاريع التطويرية على الساحل، للتخلص من المياه العادمة وملاحقة الصيادين في عرض البحر وقتلهم وتحطيم قواربهم وفرض حصار على تحركاتهم في عرض البحر. شمل العدوان على الأراضي تدمير التربة من خلال عمليات التجريف المتكررة للأراضي الزراعية، وقلع الأشجار وملاحقة المزارعين في مزارعهم وفرض مناطق عازلة على الحدود، إلى جانب منع استيراد كثيرٍ من الأغراض اللازمة للأعمال الزراعية. ذلك مثلما يجري تدمير المساكن والأبنية العامة، والتي تشكل مرافق حيوية لمعيشة الإنسان. وصل الحد بممارسي الحرب إلى إلقاء القنابل المحرمة دولياً، والتي تفتك بالبشر والبيئة معاً.

في العام 1977 صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على ميثاق دولي يحظر الاستخدام العسكري أو العدواني لتكنولوجيات التعديل البيئي، والتي تكون لها آثار ضارة واسعة الانتشار، وطويلة الأجل. ويعني الميثاق بالتعديل البيئي "أيّ تقنية تهدف عبر التدخل المباشر في البيئة لتغيير تكوين بنية الأرض، أو المناخ، بما في ذلك كائناتها الحية، وسطحها الخارجي، ومحيطها المائي، وغلافها الجوي عن طريق "الكيمتريل" وهو الرذاذ القاتل الذي يحدث تغيرات غير مألوفة في الطقس. فهل من التزام بذلك؟

*متخصص في شؤون البيئة

المساهمون