الحرب بوجوه مكشوفة

12 ابريل 2015

تظاهرة تضامن مع القضية الفلسطينية في القاهرة (15مايو/2011/Getty)

+ الخط -

أخيراً، حسمت السعودية ودول الخليج أمرها، بعد إدراكها أن حروب الوكالة تزيد من تعقيد الأزمات، فقادت بنفسها حرب الحزم لوقف التمدد الإيراني الذي لم يكتف بالعراق ولبنان وسورية، بل وصل إلى اليمن، وما أدراك ما اليمن، فهي البحر الأحمر وباب المندب، وهي قناة السويس، والأهم هي العمق الاستراتيجي للسعودية، أي وصل الحريق إلى الأطراف السعودية، وهو ما لم تسمح به عبر تاريخها. وهنا، يجب أن نفرق بين السعودية جارة اليمن والسعودية قائدة النظام العربي الجديد الآن. خاضت، في ستينيات القرن الماضي، بقيادة الملك فيصل، حرباً ضد مصر جمال عبد الناصر بشأن اليمن، والغريب أن الحوثيين، آنذاك، كانوا يقفون مع السعودية، للدفاع عن الملكية اليمنية.

ويبدو أن الملك سلمان بن عبد العزيز كان يحمل رؤية محددة، قبل أن يصير ملكاً، تتلخص في وقف التدهور الداخلي للدول العربية، حتى تتماسك. وثانياً، وقف تمدد إيران وتقليم أظافرها. لم ينتظر الملك سلمان كثيراً، خصوصا بعد أن نضجت الظروف لقيادة السعودية، وبعد أن لمس التماهي الإيراني الأميركي على حساب العرب، فجاءت "عاصفة الحزم" تدشيناً لقيادة السعودية ودول الخليج النظام العربي الجديد، لأنها الدول العربية المؤهلة الآن، لقيادة الأمة العربية، فهي متماسكة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

وبشأن إيران، فإنها الآن في وضع الخصم المرحلي للعرب، وليس الاستراتيجي، لأنها جزء من الأمة الإسلامية، لكنها تقوم بفعل خطير، هو العبث بالنسيج الاجتماعي للدول العربية، بتسييس الطائفة الشيعية، من أجل أطماعها، وورقة ضغط في الملف النووي، وهي تساوم، الآن، الدول الغربية في الملف النووي بشيعة العراق ونظام الأسد والحوثيين في اليمن كلهم في سلة واحدة. وبعد أن غرقت في أوحال سورية والعراق، فإنها، الآن، تصارع العرب في اليمن، فهل تشد الحبل الذي التف حول عنقها، أم تزيحه بهدوء، وتفلت من المصيدة؟

وعن السودان، فالمعروف أن مشاركته في "عاصفة الحزم" ليس بسبب قوته العسكرية، وإنما لعلاقة النظام المتينة السابقة مع إيران. لقد تم جر السودان إلى الحلف العربي لمحاربة إيران، حتى لا تجد إيران موطئ قدم في البحر الأحمر، أي الخاصرة المصرية والسعودية. أما نظام الإنقاذ لحاكم فما صدق، إنه يريد من التحالف العربي أن يسانده في الانتخابات التي يهيىء لها، ليطيل عمره في السلطة. هذه هي غاية نظام الإنقاذ الأولى والأخيرة، فهو مستعد لفعل أي شيء من أجل البقاء في السلطة. هناك شيء خطير، يروجه النظام والمطبلون الذين تعودوا المتاجرة بكل شيء، ويتاجرون، الآن، بمفردات مثل حماية الحرمين والشيعة والكفار، أي تلبيس الحرب بين العرب وإيران ثوب المذهبية الدينية، وهذا خطير جداً، لأنه يفتح بابا للفتنة، تفني المسلمين لصالح العدو الصهيوني. وإذا كانت السعودية وحلفها يتحدثون عن عودة الشرعية في اليمن، لماذا لا يقول نظام الإنقاذ هذا. لكنه الاعتباط والجهل. ويعتقد حزب المؤتمر الوطني الحاكم أن دخول السودان حلف "عاصفة الحزم" سوف يعفيه من حوار الداخل وترتيب البيت السوداني. ولكن مهما بلغ دعم الخارج، فإن هذا الخارج، عندما يقول الشعب كلمته، يكتفي بالفرجة فقط.

الشعب العربي الصابر لا يكفيه تحمل ضغط الأنظمة وأذاها، بل عانى من مرارة الهزيمة على أيدي إسرائيل وأميركا، وأصبح يتطلع للوحدة العربية والإسلامية. وعلى الرغم من فقره وتهميشه، فإنه يصفق لأي نوع من الوحدة، يتصيد الانتصارات، وإن كانت مرحلية، أو على أيدي جماعة متطرفة. هذا الشعب النبيل يستحق كريم العيش، ويستحق أن يشارك في إدارة بلاده. ونرجو من الحكام العرب، الذين يريدون إنشاء قوة عربية مشتركة، وهذا أقوى قرار منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول في 1973، إضافة عنصر مكمل، وهو دعم قيام دولة المواطنة في المنطقة، لأن تهميش أي فصيل من الشعب يجعله حصان طروادة الذي يدخل منه الأعداء.

4749C577-0308-4FE3-AC19-C56F54DD1078
رجاء بابكر

باحثة سودانية، وكاتبة صحفية، وناشطة في منظمات المجتمع المدني.