01 نوفمبر 2024
الحرب العالمية الروسية
لم يعد أحد يجادل في أن معادلات القوة في العالم تغيرت خلال السنوات الخمس الماضية. الحديث ليس فقط عن مسارات النفوذ العالمي، والذي كانت تحتكره الولايات المتحدة الأميركية عقدين بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بل أيضاً في مجال استعراض القوة العسكرية الذي لم يكن أحد يقارع فيه الولايات المتحدة. لكن، من الواضح أن الأمور متغيرة بشكل كبير في المرحلة الحالية، خصوصاً بعد اتخاذ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خيار الانكفاء عن الملفات العالمية، والانكفاء إلى الداخل الأميركي، ما أفسح المجال أمام القوة الروسية بالصعود.
استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا المجال أحسن استغلال، فمن التدخل المباشر في الحرب السورية، وما تلا ذلك من مجازر وتدمير، إلى مناكفة أوروبا على الساحة الأوكرانية، غير آبه بكم العقوبات التي فرضت على بلاده، والتي يبدو أنها جاءت بمفعول عكسي، إذ زادته غطرسةً، وهو ما يمارسه فعلياً على الأرض سياسياً وعسكرياً، وأمام أنظار الغرب بأسره الذي بات واضحاً توجهه إلى استرضاء الروس في كل صغيرة وكبيرة عالمياً، وليس فقط في الساحة السورية.
استرضاء جعل روسيا قطباً سياسياً أساسياً في العالم، وربما أصبحت متقدمةً على الولايات المتحدة في هذا المجال، بفعل أوراق القوة التي تمتلكها على أكثر من ساحة. لكن، يبدو أن هذا لم يشبع بوتين بعد، وربما يرى فيه تحولاً مؤقتاً لا بد من تكريسه عملياً وبشكل دائم.
تكريس بحاجة، بحسب ما يعتقد بوتين، إلى حدث ضخم وأساسي يقلب الموازين فعلياً في العالم، تماماً كما كان الأمر في أعقاب الحربين العالميتين، الأولى والثانية، واللتين ساهمتا عملياً في أفول إمبراطوريات وظهور أخرى على الساحة العالمية. ففي الحرب العالمية الأولى، كانت النهاية الفعلية للإمبراطورية العثمانية، والتي تقاسمت تركتها الدول الحليفة، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا. ثم جاءت الثانية لتعلن نهاية هاتين القوتين الأساسيتين في ذلك الحين، على الرغم من انتصارهما عملياً في الحرب، بعدما باتتا مدينتين للولايات المتحدة سياسياً واقتصادياً. وبالتالي، كانت الحرب الثانية بداية صعود القوة الأميركية التي استمرت قرابة سبعة عقود.
مثل هذه القراءة التاريخية هي التي تدور في ذهن بوتين اليوم، وإنهاء عصر الإمبراطورية الأميركية، وبروز الروسية على أنقاضها بحاجة إلى حدثٍ ضخم على غرار الحربين العالميتين السابقتين، وهو عملياً ما يحضر له سيد الكرملين الذي يقرأ ملامح الضعف الواضحة في المعسكر الآخر. من الواضح أن بوتين يحضر فعلياً لمثل هذه الحرب، سواءً عبر استفزاز الأطراف الأخرى، ولا سيما الولايات المتحدة، أو من خلال الحشد العسكري واستعراض العضلات الذي يقوم به على الساحة السورية، والتي يرى أن منها، أو على أرضها، ستكون المواجهة الأساسية. وعلى هذا الأساس، كان إرسال مزيد من البوارج الحربية والمقاتلات النفاثة، ونشر منظومة "أس 300" المضادة للصواريخ، والتي بالتأكيد لم تأت لمواجهة صواريخ غراد التي حصلت عليها المعارضة المسلحة أخيراً. أضف إلى ذلك التهديدات المباشرة التي بات يطلقها الجنرالات الروس للولايات المتحدة، والتي لم يسبق أن سمعها المسؤولون الأميركيون، إلا في إطار الحرب الدعائية التي تشنها كوريا الشمالية على سبيل المثال، والتي لم تكن تؤخذ على محمل الجد. أما اليوم، فها هم المسؤولون العسكريون الروس يهدّدون باستهداف أي تحرك عسكري أميركي على الأرض السورية، والذي من شأنه أن يزلزل المنطقة.
بناء عليه، كل معطيات الحرب العالمية التي تريدها روسيا باتت جاهزة، باستثناء عنصر واحد، وهو الطرف الآخر المحارب. فمن الواضح أن: لا الولايات المتحدة، ولا أي من حلفائها، في وارد الدخول في مثل هذه الحرب حالياً. وهذا ربما ما يثير جنون بوتين الذي يريد حربه العالمية الخاصة.
استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا المجال أحسن استغلال، فمن التدخل المباشر في الحرب السورية، وما تلا ذلك من مجازر وتدمير، إلى مناكفة أوروبا على الساحة الأوكرانية، غير آبه بكم العقوبات التي فرضت على بلاده، والتي يبدو أنها جاءت بمفعول عكسي، إذ زادته غطرسةً، وهو ما يمارسه فعلياً على الأرض سياسياً وعسكرياً، وأمام أنظار الغرب بأسره الذي بات واضحاً توجهه إلى استرضاء الروس في كل صغيرة وكبيرة عالمياً، وليس فقط في الساحة السورية.
استرضاء جعل روسيا قطباً سياسياً أساسياً في العالم، وربما أصبحت متقدمةً على الولايات المتحدة في هذا المجال، بفعل أوراق القوة التي تمتلكها على أكثر من ساحة. لكن، يبدو أن هذا لم يشبع بوتين بعد، وربما يرى فيه تحولاً مؤقتاً لا بد من تكريسه عملياً وبشكل دائم.
تكريس بحاجة، بحسب ما يعتقد بوتين، إلى حدث ضخم وأساسي يقلب الموازين فعلياً في العالم، تماماً كما كان الأمر في أعقاب الحربين العالميتين، الأولى والثانية، واللتين ساهمتا عملياً في أفول إمبراطوريات وظهور أخرى على الساحة العالمية. ففي الحرب العالمية الأولى، كانت النهاية الفعلية للإمبراطورية العثمانية، والتي تقاسمت تركتها الدول الحليفة، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا. ثم جاءت الثانية لتعلن نهاية هاتين القوتين الأساسيتين في ذلك الحين، على الرغم من انتصارهما عملياً في الحرب، بعدما باتتا مدينتين للولايات المتحدة سياسياً واقتصادياً. وبالتالي، كانت الحرب الثانية بداية صعود القوة الأميركية التي استمرت قرابة سبعة عقود.
مثل هذه القراءة التاريخية هي التي تدور في ذهن بوتين اليوم، وإنهاء عصر الإمبراطورية الأميركية، وبروز الروسية على أنقاضها بحاجة إلى حدثٍ ضخم على غرار الحربين العالميتين السابقتين، وهو عملياً ما يحضر له سيد الكرملين الذي يقرأ ملامح الضعف الواضحة في المعسكر الآخر. من الواضح أن بوتين يحضر فعلياً لمثل هذه الحرب، سواءً عبر استفزاز الأطراف الأخرى، ولا سيما الولايات المتحدة، أو من خلال الحشد العسكري واستعراض العضلات الذي يقوم به على الساحة السورية، والتي يرى أن منها، أو على أرضها، ستكون المواجهة الأساسية. وعلى هذا الأساس، كان إرسال مزيد من البوارج الحربية والمقاتلات النفاثة، ونشر منظومة "أس 300" المضادة للصواريخ، والتي بالتأكيد لم تأت لمواجهة صواريخ غراد التي حصلت عليها المعارضة المسلحة أخيراً. أضف إلى ذلك التهديدات المباشرة التي بات يطلقها الجنرالات الروس للولايات المتحدة، والتي لم يسبق أن سمعها المسؤولون الأميركيون، إلا في إطار الحرب الدعائية التي تشنها كوريا الشمالية على سبيل المثال، والتي لم تكن تؤخذ على محمل الجد. أما اليوم، فها هم المسؤولون العسكريون الروس يهدّدون باستهداف أي تحرك عسكري أميركي على الأرض السورية، والذي من شأنه أن يزلزل المنطقة.
بناء عليه، كل معطيات الحرب العالمية التي تريدها روسيا باتت جاهزة، باستثناء عنصر واحد، وهو الطرف الآخر المحارب. فمن الواضح أن: لا الولايات المتحدة، ولا أي من حلفائها، في وارد الدخول في مثل هذه الحرب حالياً. وهذا ربما ما يثير جنون بوتين الذي يريد حربه العالمية الخاصة.