الحديدة وصعدة: سباق تحسين الموقف الميداني قبل موعد المفاوضات

05 نوفمبر 2018
الملايين معرّضون للموت بسبب نقص الغذاء (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -

اعتاد اليمنيون على أن تترافق أي تحركات ودعوات للعودة إلى طاولة الحل السياسي، مع تصعيد عسكري في سياق تغيير شيء ما على أرض المعارك لتحسين الموقف التفاوضي. وهو ما حصل في الأيام الأخيرة، إذ عاود التصعيد بوتيرة عالية، على أكثر جبهتين تتصدران أحداث المواجهات، من الحديدة غرباً إلى صعدة على الحدود مع السعودية شمالاً. وتسعى القوات اليمنية المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي، من خلال تكثيف عملياتها، إلى تحقيق ما عجزت عنه في الأشهر الماضية، استباقاً لجولة مفاوضات، تحضّر الأمم المتحدة لإطلاقها نهاية الشهر الحالي.

وأكدت مصادر محلية في مدينة الحديدة لـ"العربي الجديد"، أمس الأحد، أن "المواجهات العنيفة تواصلت بين مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وما يُعرف بالقوات المشتركة، المدعومة من التحالف، التي قالت إنها سيطرت على كلية الهندسة بجامعة الحديدة، وتقدمت صوب مدينة الصالح، بعد معارك عنيفة، على مدى اليومين الأخيرين، في الأطراف الجنوبية والشرقية لمدينة الحديدة".

ووفقاً للمصادر، فإن "المعارك الدائرة في الحديدة هي الأعنف، وتتواصل على محوري كيلو 10 وكيلو 16، وفي المناطق القريبة من المطار، وسط أنباء عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، قُدرت بالعشرات، ووسط مشاركة مستمرة للمقاتلات الحربية المدعومة من التحالف، والتي تنفذ غارات ضد الأهداف المفترضة للحوثيين في مناطق المواجهات بالحديدة".

وذكرت مصادر طبية في المنطقة لوكالة "فرانس برس" أن "53 حوثياً قُتلوا وأُصيب العشرات في الساعات الماضية". وأكد مصدر في القوات الموالية للحكومة لوكالة "فرانس برس" أن "المعارك اشتدت في المدينة وفي محيط جامعتها السبت وصباح الأحد. وقُتل 13 عنصراً من القوات الموالية للحكومة"، بحسب مصادر طبية في مدينتي المخا وعدن، التي تم نقلهم إليها.

ونجحت قوات "ألوية العمالقة" في السيطرة على كلية الهندسة بجامعة الحديدة، والألوية هي القوة الرئيسية المشاركة بالهجوم باتجاه الحديدة، لانتزاع السيطرة فيها من الحوثيين، واقترابها من منشآت حيوية في المدينة، بما فيها مستشفى الثورة العام (الأكبر في اليمن). كذلك أفادت مصادر متطابقة عن "مشاركة قوات من الموالية للعميد طارق صالح (نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح)، في الجبهات الأمامية للمواجهات بأطراف مدينة الحديدة، إلى جانب قوات ما يُعرف بالمقاومة التهامية". وتسعى مختلف التشكيلات المدعومة إماراتياً إلى تحقيق تقدمٍ نوعي ينقل المعركة إلى وسط مدينة الحديدة، وسط مخاوف من كلفة باهظة قد يدفعها المدنيون.



وكانت القوات الحكومية المدعومة من التحالف قد وصلت في الأشهر الأخيرة إلى الأطراف الجنوبية والشرقية لمدينة الحديدة، لكن عملياتها توقفت عن التقدم بعد التعزيزات الكبيرة التي استقدمها الحوثيون إلى المدينة، ووسط التحذيرات الدولية من تبعات كارثية لا يقتصر تهديدها على سكان المدينة؛ بل يتجاوز ذلك إلى مختلف مناطق شمال البلاد ووسطها، التي تصل إليها أغلب الواردات والمساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة الشريان الرئيسي في اليمن.

وعلى الرغم من أن مدينة الحديدة وأغلب مدنها الريفية (المديريات)، لا تزال خاضعة لسيطرة الحوثيين، إلا أن القوات الحكومية تكثف من محاولات دخول المدينة (مركز المحافظة)، نظراً للأهمية الاستراتيجية المترتبة على أي تقدم من شأنه أن ينتزع السيطرة على الميناء من الحوثيين، وهو ما ستكون له تبعاته، سواء بموازين السيطرة العسكرية أو بالموقف الدولي، الذي وقف بوجه التصعيد العسكري باتجاه المدينة.

في موازاة ذلك، عادت المواجهات في المناطق الحدودية إلى صدارة التصعيد، مع إعلان قوات الجيش اليمني المدعومة من التحالف والتي تتقدم من جهة الحدود، أنها سيطرت على العديد من القرى في منطقة الملاحيظ، بمديرية الظاهر، بالتزامن مع تقدم من محور مديرية كتِاف، وكلاهما على الحدود السعودية، تسعى من خلالها الأخيرة إلى نقل المعركة إلى الجانب اليمني، منذ أشهر.

من جهة أخرى، وصفت الأمم المتحدة، أمس، اليمن بـ"جحيم حي"، مطالبة أطراف النزاع بـ"وقف الحرب في هذا البلد الذي يشهد موت طفل كل عشر دقائق و30 ألف طفل سنوياً". وقال المدير الإقليمي ليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال مؤتمر صحافي في عمان، خيرت كابالاري إن "اليمن اليوم جحيم حي". وأضاف أنه "ليس جحيماً فقط لـ50 أو 60 في المائة من الأطفال في اليمن بل جحيم حي لكل ولد أو بنت في هذا البلد". وأضاف أن "هناك 400 ألف طفل تحت سن الخامسة يعانون اليوم سوء التغذية الحاد الوخيم، و30 ألف طفل تحت سن الخامسة يموتون كل عام نتيجة أمراض كان يمكن منعها". وتابع كابالاري: "في اليمن اليوم يموت طفل كل عشر دقائق من أمراض كان يمكن منعها وبسهولة".

ورحب بإعادة إطلاق محادثات السلام في غضون شهر، داعياً أطراف النزاع إلى "الاجتماع بقيادة المبعوث الخاص للأمم المتحدة للاتفاق على وقف إطلاق النار ووضع خطة طريق للسلام في اليمن". وبحسب الأمم المتحدة فإن هناك أكثر من 6 آلاف طفل قتلوا أو أصيبوا بجروح خطرة منذ بدء الحرب عام 2015. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دعا يوم الجمعة إلى وقف "أعمال العنف" في اليمن والدفع باتّجاه محادثات سلام تضع حداً للحرب الدائرة في البلد الفقير. وجاءت تصريحاته تلك بعد إعلان التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات أن طائراته أغارت على قاعدة جوية في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك قد حذّر الأسبوع الماضي من أنّ 14 مليون شخص قد يصبحون "على شفا المجاعة" خلال الأشهر المقبلة في اليمن في حال استمرت الأوضاع على حالها في هذا البلد. ويوم الخميس الماضي، اعتبرت منظمة "كير" الإنسانية في بيان أن احتمال إعلان المجاعة في اليمن "يعني أن المجتمع الدولي فشل في مهمته تجاه الشعب اليمني".