ليست الحرب وحدها برصاصها وقذائفها وغاراتها، هي التي تشغل أهالي محافظة الحديدة اليمنية الساحلية، فهناك هموم معيشية وصحية وبيئية مرافقة، منها أزمة مياه الشرب التي بدأت تهددهم بالأمراض
الحرب التي طاولت محافظة الحديدة الساحلية، إحدى أفقر محافظات اليمن، جعلت من توفير المياه إحدى أكبر أولويات السكّان، الذين يفوق عددهم الثلاثة ملايين نسمة، ومعظمهم شديدو الفقر. وتفاقمت أزمة شحّ المياه في الحديدة مع دخول العديد من مديريّاتها الحرب منذ نحو ثلاثة أسابيع، إضافة إلى انعدام الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والدخل والوقود، وارتفاع أسعار النقل والمياه، عدا عن مغادرة المنظمات الدولية والأممية. وتتّسم مناطق الحديدة بقرب المياه الجوفية من سطح الأرض، لا سيما في مناطق الساحل المنبسط، إلا أنّ الفقر واشتداد وتيرة الحرب يمنعان السكان من استخراجها.
اقــرأ أيضاً
ومع وصول الحرب إلى المدينة، ارتفعت أسعار شاحنات المياه سعة 25 برميلا، والتي قد تكفي الأسرة لأسبوع، إلى 9000 ريال يمني (نحو 18 دولاراً)، وهي كلفة مرتفعة جداً بالنسبة لغالبية سكان المحافظة، الذين توقفت مصادر دخلهم، بمن فيهم الصيادون وموظفو الحكومة.
وفي ظلّ شحّ المياه، يلجأ الأهالي إلى شرب مياه ملوثة، ويستخدمونها للاغتسال وتنظيف المنزل. ويؤدّي ضعف خدمات الصرف الصحي إلى انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والإسهال. وأعلنت منظّمات، منها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" و"أوكسفام" والمجلس النرويجي للاجئين، عن تخوفها من أن تؤدي الأزمة إلى انتشار الكوليرا مجدداً، علماً أنّه كان قد انحسر كثيراً منذ نهاية العام الماضي.
وحول استجابة المنظّمات لاحتياجات المحافظة من المياه، يؤكّد مصدر خاص يعمل في إحدى المنظمات الدولية في اليمن، أنّ المنظمات لا تستطيع الوصول إلى ثماني مديريات من إجمالي 26 مديرية، هي الخوخة و التحيتا والدريهمي وحيس والجراحي وكمران والصليف والميناء. ويصعب الوصول جزئياً إلى مديريتي الحوك وزبيد، في وقت يمكن الوصول جزئياً إلى ست مديريات، وهي جبل رأس والميناء والحالي والمراوعة وزبيد وبيت الفقية.
وكانت المحافظة تعدّ مركز طوارئ محتملاً قبل وصول الحرب إليها، ما دفع المنظمات الدولية إلى نقل موظفيها للعمل في مكاتب الطوارئ في مدينة باجل المجاورة وعدن وصنعاء وحجة، وكلها بعيدة عن المحافظة. وتوقفت بعض المنظمات عن دعم المحافظة بالمياه، التي باتت تعتمد على منظمات محلية وسيطة في ظل ظروف الحرب.
ويعد دعم المديريات بخدمات المياه إغاثة قابلة للاستهلاك سريعاً. وهناك اعتماد على إيصال المياه عبر شاحنات نقل المياه أو عبر دعم آبار مياه تملكها وتضخها وجاهات اجتماعية أو أثرياء إلى الأهالي والنازحين في مناطقهم، في مقابل تزويدهم بالوقود لمضخاتهم. لكن تغيّر الأمر مع توقّف دعم المنظمات لهم إثر إجلاء موظفي المنظمات من المحافظة. ولا ينفّذ مشاريع المياه التنموية مستدامة التشغيل في المحافظة غير الصندوق الاجتماعي للتنمية، وهو مؤسسة حكومية مستقلة ما زالت تعمل في المحافظة ضمن مشاريع تغطي احتياجات بسيطة بسبب ضخامة الحاجة، في مقابل شح التمويلات. وتتمثل تلك المشاريع بحفر أو إعادة تأهيل آبار سطحية يدوياً أو وضع خزانات برجية.
في هذا السياق، أفادت "يونيسف" بأنها وضعت بواسطة الشركاء الميدانيين خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي 49 نقطة مياه لخدمة 1061 أسرة نازحة في الحديدة، وتوزيع 131 ألف لتر من المياه طوال الشهر. وبحسب بيان للمنظمة على صفحتها على "فيسبوك"، فقد وزعت 3900 حقيبة تتضمن مستلزمات النظافة للنازحين، ودعمت مؤسسة المياه بـ 622 ألف لتر من الوقود لتواصل إمداد أكثر من 91 ألف أسرة بمياه نقية.
وتسبّبت المواجهات المسلّحة في تدمير العديد من خزانات مياه الشرب الموجودة في قرية الدنين في مديرية حيس، والتي تبعد عن المدينة 15 كيلومتراً تقريباً، إذ عمد الحوثيون إلى تفجير خزانات المياه التي تزود المدينة، ليعاني السكان بسبب عدم توفر المياه. وتبقى المساعدات حلّاً على الرغم من قلّتها.
ويتمركز القنّاصون الحوثيون عند خزانات المياه، التي عادة ما توضع في أماكن مرتفعة، فتقصف من قبل الطائرات على غرار ما حدث في خزانات المياه الخاصة بمدينة التحيتا، التي دمرت إثر قصف جوي بحسب شهادات الأهالي خلال الأيام الماضية. وأدى قصف خزانات المياه في مدينة التحيتا إلى حرمان سكان المدينة من المياه، وناشد الأهالي المعنيين لتوفير المياه، بعدما حوصروا في منازلهم من جرّاء المواجهات المسلحة في شوارع المدينة.
وفي ظلّ استمرار هذه المعاناة نتيجة عدم توفر مياه الشرب، تغيب وزارة المياه والصرف الصحي التابعة للحكومة الشرعية تماماً عن المشهد، ولم تبذل أي جهد للحدّ من معاناة السكان، خصوصاً في المناطق التابعة لمحافظة الحديدة، والتي حرّرت خلال الفترة الماضية بحسب شهادات الأهالي.
اقــرأ أيضاً
ومؤخراً، أكدّت منظمة "أوكسفام" تدهور الأوضاع المعيشية لأكثر من نصف مليون شخص في مدينة الحديدة اليمنية، في ظل نقص إمدادات الغذاء وتضرر شبكات المياه والصرف الصحي بشكل كبير، ما يسهم في زيادة خطر انتشار الكوليرا. وأفادت المنظمة بأنّ أجزاء من شبكة المياه والصرف الصحي قطعت في المدينة بسبب حفر مواقع دفاعية، ما يهدّد بانتشار الكوليرا، "إذ سيضطر الناس إلى البدء في استخدام الآبار الضحلة غير المحمية أو المياه السطحية".
الحرب التي طاولت محافظة الحديدة الساحلية، إحدى أفقر محافظات اليمن، جعلت من توفير المياه إحدى أكبر أولويات السكّان، الذين يفوق عددهم الثلاثة ملايين نسمة، ومعظمهم شديدو الفقر. وتفاقمت أزمة شحّ المياه في الحديدة مع دخول العديد من مديريّاتها الحرب منذ نحو ثلاثة أسابيع، إضافة إلى انعدام الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والدخل والوقود، وارتفاع أسعار النقل والمياه، عدا عن مغادرة المنظمات الدولية والأممية. وتتّسم مناطق الحديدة بقرب المياه الجوفية من سطح الأرض، لا سيما في مناطق الساحل المنبسط، إلا أنّ الفقر واشتداد وتيرة الحرب يمنعان السكان من استخراجها.
ومع وصول الحرب إلى المدينة، ارتفعت أسعار شاحنات المياه سعة 25 برميلا، والتي قد تكفي الأسرة لأسبوع، إلى 9000 ريال يمني (نحو 18 دولاراً)، وهي كلفة مرتفعة جداً بالنسبة لغالبية سكان المحافظة، الذين توقفت مصادر دخلهم، بمن فيهم الصيادون وموظفو الحكومة.
وفي ظلّ شحّ المياه، يلجأ الأهالي إلى شرب مياه ملوثة، ويستخدمونها للاغتسال وتنظيف المنزل. ويؤدّي ضعف خدمات الصرف الصحي إلى انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والإسهال. وأعلنت منظّمات، منها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" و"أوكسفام" والمجلس النرويجي للاجئين، عن تخوفها من أن تؤدي الأزمة إلى انتشار الكوليرا مجدداً، علماً أنّه كان قد انحسر كثيراً منذ نهاية العام الماضي.
وحول استجابة المنظّمات لاحتياجات المحافظة من المياه، يؤكّد مصدر خاص يعمل في إحدى المنظمات الدولية في اليمن، أنّ المنظمات لا تستطيع الوصول إلى ثماني مديريات من إجمالي 26 مديرية، هي الخوخة و التحيتا والدريهمي وحيس والجراحي وكمران والصليف والميناء. ويصعب الوصول جزئياً إلى مديريتي الحوك وزبيد، في وقت يمكن الوصول جزئياً إلى ست مديريات، وهي جبل رأس والميناء والحالي والمراوعة وزبيد وبيت الفقية.
وكانت المحافظة تعدّ مركز طوارئ محتملاً قبل وصول الحرب إليها، ما دفع المنظمات الدولية إلى نقل موظفيها للعمل في مكاتب الطوارئ في مدينة باجل المجاورة وعدن وصنعاء وحجة، وكلها بعيدة عن المحافظة. وتوقفت بعض المنظمات عن دعم المحافظة بالمياه، التي باتت تعتمد على منظمات محلية وسيطة في ظل ظروف الحرب.
ويعد دعم المديريات بخدمات المياه إغاثة قابلة للاستهلاك سريعاً. وهناك اعتماد على إيصال المياه عبر شاحنات نقل المياه أو عبر دعم آبار مياه تملكها وتضخها وجاهات اجتماعية أو أثرياء إلى الأهالي والنازحين في مناطقهم، في مقابل تزويدهم بالوقود لمضخاتهم. لكن تغيّر الأمر مع توقّف دعم المنظمات لهم إثر إجلاء موظفي المنظمات من المحافظة. ولا ينفّذ مشاريع المياه التنموية مستدامة التشغيل في المحافظة غير الصندوق الاجتماعي للتنمية، وهو مؤسسة حكومية مستقلة ما زالت تعمل في المحافظة ضمن مشاريع تغطي احتياجات بسيطة بسبب ضخامة الحاجة، في مقابل شح التمويلات. وتتمثل تلك المشاريع بحفر أو إعادة تأهيل آبار سطحية يدوياً أو وضع خزانات برجية.
في هذا السياق، أفادت "يونيسف" بأنها وضعت بواسطة الشركاء الميدانيين خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي 49 نقطة مياه لخدمة 1061 أسرة نازحة في الحديدة، وتوزيع 131 ألف لتر من المياه طوال الشهر. وبحسب بيان للمنظمة على صفحتها على "فيسبوك"، فقد وزعت 3900 حقيبة تتضمن مستلزمات النظافة للنازحين، ودعمت مؤسسة المياه بـ 622 ألف لتر من الوقود لتواصل إمداد أكثر من 91 ألف أسرة بمياه نقية.
وتسبّبت المواجهات المسلّحة في تدمير العديد من خزانات مياه الشرب الموجودة في قرية الدنين في مديرية حيس، والتي تبعد عن المدينة 15 كيلومتراً تقريباً، إذ عمد الحوثيون إلى تفجير خزانات المياه التي تزود المدينة، ليعاني السكان بسبب عدم توفر المياه. وتبقى المساعدات حلّاً على الرغم من قلّتها.
ويتمركز القنّاصون الحوثيون عند خزانات المياه، التي عادة ما توضع في أماكن مرتفعة، فتقصف من قبل الطائرات على غرار ما حدث في خزانات المياه الخاصة بمدينة التحيتا، التي دمرت إثر قصف جوي بحسب شهادات الأهالي خلال الأيام الماضية. وأدى قصف خزانات المياه في مدينة التحيتا إلى حرمان سكان المدينة من المياه، وناشد الأهالي المعنيين لتوفير المياه، بعدما حوصروا في منازلهم من جرّاء المواجهات المسلحة في شوارع المدينة.
وفي ظلّ استمرار هذه المعاناة نتيجة عدم توفر مياه الشرب، تغيب وزارة المياه والصرف الصحي التابعة للحكومة الشرعية تماماً عن المشهد، ولم تبذل أي جهد للحدّ من معاناة السكان، خصوصاً في المناطق التابعة لمحافظة الحديدة، والتي حرّرت خلال الفترة الماضية بحسب شهادات الأهالي.
ومؤخراً، أكدّت منظمة "أوكسفام" تدهور الأوضاع المعيشية لأكثر من نصف مليون شخص في مدينة الحديدة اليمنية، في ظل نقص إمدادات الغذاء وتضرر شبكات المياه والصرف الصحي بشكل كبير، ما يسهم في زيادة خطر انتشار الكوليرا. وأفادت المنظمة بأنّ أجزاء من شبكة المياه والصرف الصحي قطعت في المدينة بسبب حفر مواقع دفاعية، ما يهدّد بانتشار الكوليرا، "إذ سيضطر الناس إلى البدء في استخدام الآبار الضحلة غير المحمية أو المياه السطحية".