تنتهج السلطات المصرية حالياً وسيلة جديدة لقمع المعارضين المعتقلين في السجون. تضعهم في زنزانات انفرادية مساحتها ضيقة للغاية وتفتقد لأنظمة التهوية الصحية، وتحرمهم من حقهم في القيام بتمارين رياضية. والحبس الانفرادي في القانون المصري، هو عقوبة تأديبية فوق العقوبة التي يؤديها المسجون بالفعل. وتحدد المادة 44 من قانون مصلحة السجون الحبس الانفرادي بوصفه عقوبة إضافية، وهي من صلاحيات مدير السجن. وتنص المادة 44 من القانون نفسه على أن "لمدير السجن أو مأموريه توقيع العقوبات الآتية: 1- الإنذار، 2- الحرمان من بعض الامتيازات المقررة لفئة المسجون، 3- تأخير نقل المسجون إلى درجة أعلى لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر إن كان محكوماً عليه بالأشغال الشاقة أو لمدة لا تزيد على شهر إن كان محكوماً عليه بالسجن أو بالحبس مع الشغل، 4- الحبس الانفرادي لمدة لا تزيد على أسبوع. وتطبق هذه العقوبات بعد إقرار المسجون بالجرم أو الفعل المنسوب إليه، والاستماع لأقواله ولمداخلات محامي الدفاع عنه. ويكون قرار مدير السجن أو مأموره بتوقيع العقوبة نهائياً.
وتعتبر الأمم المتحدة أن الحبس الانفرادي لمدة طويلة هو بمثابة "تعذيب يجرمه القانون". وهناك العديد من الشخصيات التي تعرضت لهذا النوع من القمع أخيراً. أشهرها المحامي الحقوقي، مالك عدلي، والصحافيان عمرو بدر ومحمود السقا. وعدلي، الذي أفرجت عنه السلطات المصرية أمس الأحد، هو من أبرز محامي المركز المصري للحقوق الاقتصادية والعمالية، وأحد المشاركين الرئيسيين في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. كما شارك في معظم الأحداث التي تلت الثورة، وهو عضو فريق محامي جبهة الدفاع عن متظاهري مصر. وألقت قوات الأمن المصرية القبض عليه في 6 مايو/أيار الماضي، في منطقة المعادي. وفي غضون ساعات قليلة، وصل عدلي إلى نيابة شبرا التي باشرت التحقيق معه. ثم أصدرت قراراً بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات، على خلفية اتهامه بـ"محاولة قلب النظام وتغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري وشكل الحكومة، والانضمام إلى إحدى الجمعيات والهيئات والمنظمات التي تبغي تعطيل أحكام دستور الدولة والقانون ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة عملها والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي (...)". تجدر الإشارة إلى أن لعدلي مواقف حاسمة وصريحة من النظام المصري الحالي. وكان من أبرز الرافضين لاتفاقية ترسيم الحدود التي وقعتها الحكومة المصرية مع السعودية في الثامن من إبريل/نيسان الماضي، وبموجبها تم نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
اقــرأ أيضاً
أما بدر، فهو صحافي "مشاكس". بدأ رحلته بجريدة الأهالي، وكان يعمل مراسلاً ميدانياً وتخصص في شؤون النقابات المهنية. ومنها انتقل للعمل بجريدة الدستور الأصلية، التي كان يرأس تحريرها آنذاك، إبراهيم عيسى. خاض بدر في "الدستور" تجربة صحافية جديدة. وكان مسؤولاً عن تدريب صغار الصحافيين والمتدربين، وهو ما أكسبه شعبية، ازدادت مع بدء الأزمة المالية لتلك الصحيفة عام 2010، عندما تم بيعها. وكان بدر أحد أعمدة اعتصام صحافيي "الدستور"، واجتهد بعد غلق الجريدة، في إعادة إحياء الموقع الإلكتروني لها مع عدد من صحافييها. أما سياسياً، فكان بدر أحد الداعمين لحملة تمرد لسحب الثقة من الرئيس المعزول، محمد مرسي، بالاشتراك مع ابن أخيه، العضو المؤسس بحركة تمرد، محمود بدر. لكن الأخير انحرف لأقصى اليمين في مواءمة مع النظام الحالي، أوصلته لعضوية مجلس النواب، تاركاً عمه يصارع في صفوف اليسار ضد النظام الذي تفاقمت جرائمه.
وألقت قوات الأمن المصرية القبض عليه هو ورفيقه محمود السقا، خلال اعتصامهما بنقابة الصحافيين المصرية منذ حوالي أربعة أشهر، عقب صدور قرارات ضبطهما وإحضارهما على خلفية مواقفهما الرافضة لتنازل مصر عن الجزيرتين، ونشرهما مواد صحافية داعمة لمواقفهما السياسية.
"التعذيب النفسي أقسى من التعذيب البدني". هكذا يصف المحامي الحقوقي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، مختار منير، عقوبة الحبس الاحتياطي. ويضيف أن "زنزانة مالك عدلي (كان) يتم تفتيشها يومياً، ولا يسمح له بالتريّض"، أي الحق بالحصول على الساعات التي تحددها لوائح السجن لخروج المساجين خارج الزنازين وممارسة الرياضة (بعض المسجونين يحصلون على ساعة واحدة صباحاً، والبعض الآخر على ساعتين في الصباح والمساء). ويتابع أن "النيابات العامة، وتحديداً نيابة شبرا الخيمة (كانت) ترفض إصدار تصاريح زيارة للمحامين لموكليهم، كما أنها لم تنفذ أيا من الطلبات التي تقدم بها المحامون، ولم تحقق في أي من البلاغات والشكاوى المقدمة إليها في حالات مالك عدلي وعمرو بدر ومحمود السقا".
ويرى منير أن "النيابة مكتوفة الأيدي، تنفذ ما يملى عليها من السلطة التنفيذية، وتصدر أحكام تجديد الحبس الاحتياطي حسب المتهمين الماثلين أمامها"، مؤكداً أن "هذا التجديد (لمدة) 15 يوما (في) كل جلسة، دليل على الصراع السياسي بين الدولة والمتهمين". ويتابع أن "هناك دليلاً آخراً على الصراع السياسي بين الدولة وبعض المتهمين، هو رفض استئناف قرارات حبسهم في قضايا ليس لها أي دليل سوى تحريات صادرة من أحد أجهزة السلطة، للتنكيل بكل من يعارضها في التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير"، وفق قول المحامي.
اقــرأ أيضاً
أما بدر، فهو صحافي "مشاكس". بدأ رحلته بجريدة الأهالي، وكان يعمل مراسلاً ميدانياً وتخصص في شؤون النقابات المهنية. ومنها انتقل للعمل بجريدة الدستور الأصلية، التي كان يرأس تحريرها آنذاك، إبراهيم عيسى. خاض بدر في "الدستور" تجربة صحافية جديدة. وكان مسؤولاً عن تدريب صغار الصحافيين والمتدربين، وهو ما أكسبه شعبية، ازدادت مع بدء الأزمة المالية لتلك الصحيفة عام 2010، عندما تم بيعها. وكان بدر أحد أعمدة اعتصام صحافيي "الدستور"، واجتهد بعد غلق الجريدة، في إعادة إحياء الموقع الإلكتروني لها مع عدد من صحافييها. أما سياسياً، فكان بدر أحد الداعمين لحملة تمرد لسحب الثقة من الرئيس المعزول، محمد مرسي، بالاشتراك مع ابن أخيه، العضو المؤسس بحركة تمرد، محمود بدر. لكن الأخير انحرف لأقصى اليمين في مواءمة مع النظام الحالي، أوصلته لعضوية مجلس النواب، تاركاً عمه يصارع في صفوف اليسار ضد النظام الذي تفاقمت جرائمه.
وألقت قوات الأمن المصرية القبض عليه هو ورفيقه محمود السقا، خلال اعتصامهما بنقابة الصحافيين المصرية منذ حوالي أربعة أشهر، عقب صدور قرارات ضبطهما وإحضارهما على خلفية مواقفهما الرافضة لتنازل مصر عن الجزيرتين، ونشرهما مواد صحافية داعمة لمواقفهما السياسية.
"التعذيب النفسي أقسى من التعذيب البدني". هكذا يصف المحامي الحقوقي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، مختار منير، عقوبة الحبس الاحتياطي. ويضيف أن "زنزانة مالك عدلي (كان) يتم تفتيشها يومياً، ولا يسمح له بالتريّض"، أي الحق بالحصول على الساعات التي تحددها لوائح السجن لخروج المساجين خارج الزنازين وممارسة الرياضة (بعض المسجونين يحصلون على ساعة واحدة صباحاً، والبعض الآخر على ساعتين في الصباح والمساء). ويتابع أن "النيابات العامة، وتحديداً نيابة شبرا الخيمة (كانت) ترفض إصدار تصاريح زيارة للمحامين لموكليهم، كما أنها لم تنفذ أيا من الطلبات التي تقدم بها المحامون، ولم تحقق في أي من البلاغات والشكاوى المقدمة إليها في حالات مالك عدلي وعمرو بدر ومحمود السقا".
ويستنتج منير أن قرارات اعتقال معارضين "ملوثة ومصوغة بالانتقام السياسي"، نتيجة التضييق المفروض عليهم في السجن. واختتم حديثه قائلاً إنه "في قضية الجزيرتين، النظام والسلطة القضائية يتعاملان بطريقة بعيدة كل البعد عن الحكم الصادر من مجلس قضايا الدولة، بوقف اتفاقية ترسيم الحدود"، ما يعني أن "السلطة القضائية تعيش حالياً في حضن النظام"، على حد وصفه.