الحاضنات لا تتسع لمواليد غزة

11 اغسطس 2017
أربعة مواليد جدد في حاضنة واحدة (محمد الحجار)
+ الخط -

لم يعد في الإمكان إحصاء الأزمات في غزة، لا سيّما الأزمات الطبية. إلى جانب النقص الذي يُسجَّل في بعض الأجهزة والمعدات والأدوية وكذلك الوضع المتأزّم لبنك الدم أخيراً، تُطرَح اليوم أزمة جديدة. عدد كبير من المواليد الخدّج أو الذين يعانون من حالات صحية دقيقة، في خطر. أمّا السبب فقلة الحاضنات المخصصة لهم، لذا صارت الطواقم الطبية في مستشفيات القطاع تضع مضطرّة أكثر من مولود واحد في الحاضنة الواحدة. لكنّ هذا الأمر يخلّف قلقاً عند أهالي هؤلاء الأطفال الصغار.

أشرف العمري صُدِم عندما شاهد ابنه المولود في أوائل أغسطس/ آب الحالي مع مولودَين اثنَين آخرَين في حاضنة واحدة في مجمّع الشفاء الطبي، فوقع شجار بينه وبين الطاقم الطبي. فحضر مدير القسم وأطلعه على المشكلة التي يعانون منها وأكّد له أنّهم يحاولون جاهدين تلبية حاجة ابنه من الأكسجين وتقديم الرعاية اللازمة له ومتابعته على مدار الساعة، كما لو كان في حاضنة منفصلة. ويخبر العمري "العربي الجديد"، أنّه لاحظ حاضنات كثيرة تضمّ طفلَين اثنَين وثلاثة أطفال كما هي حال حاضنة ابنه، "وهو الأمر الذي جعلني أقتنع بحجم الأزمة التي تعاني منها المستشفيات". ويشير إلى أنّ "المشكلة تكمن في أنّ مجمّع الشفاء الطبي يُعَدّ في قطاع غزة أكثر المؤسسات التي تؤمّن رعاية وعناية للمواليد الجدد، إذ هو المؤسسة الوحيدة المهيأة كلياً لتغطية حاجات هؤلاء الأطفال".

حرص على العناية بهم جميعاً (محمد الحجار)


في المستشفى نفسه، فوجئ أيمن عندما رأى ابنه المولود حديثاً في حاضنة واحدة مع ثلاثة أطفال آخرين. لكنّ الطاقم الطبي العامل هناك وعده بالمحافظة على علاج ابنه الذي يحتاج إلى أوكسجين وإلى جرعات من الكالسيوم لمدّة ثلاثة أيام. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّه ما زال يشعر بالقلق ولم يترك المستشفى خلال اليومَين الماضيَين، فيما يتوجّه إلى الحاضنة مرّة كل ساعتَين للتأكد من عدم وقوع أيّ خلل. يضيف أنّه "لا يتوفّر بديل عن حاضنات الشفاء، إذ إنّها الأفضل في قطاع غزة. لكنّ اطلاعي على أخبار الوفيات بين المواليد الجدد والأطفال الصغار في غزة خلال اشتداد الحصار يزيد من قلقي وعدم ثقتي في أيّ من الطواقم الطبية". ويشير إلى أنّ "المشكلة أكبر من توفير الطواقم الطبية العناية لطفلي. فثمّة أزمات لا يستطيعون حلها، مثل توفير السولار والمعدات الناقصة، فكيف لي الاطمئنان في هذه الحالة؟".

إلى ذلك، وقبل أسبوع، وُلد الطفل مجد وهو يعاني من مشكلة كبيرة في الأمعاء. ففقد والده الأمل في بقائه حياً، لكنّ الطبيب وعده بأنّ حالته الصحية قد تستقر إذا حصل على رعاية ومتابعة لمدّة خمسة أيام. يقول الوالد لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا ما حصل، على الرغم من أنّني في البداية ظننت بأنّ وجود طفل آخر معه في الحاضنة نفسها من شأنه أن يقلل من جودة علاجه". يضيف: "ارتحت كثيراً عندما نجحوا في إنقاذ طفلي. لكنّ مشهد الأطفال وهم إلى جانب بعضهم بعضاً في الحاضنة الواحدة أمر مخيف للآباء والأمهات".

حالته حرجة (محمد الحجار)


في السياق، كان رئيس قسم حاضنات مجمّع الشفاء الطبي، الدكتور علام أبو حامدة، قد حذّر من تفاقم الوضع الصحي في الحاضنة المركزية لمجمّع الشفاء الطبي في غزة من جرّاء الانقطاع المتكرر لـالتيار الكهربائي وتشغيل المولدات لأكثر من 18 ساعة يومياً، وهو ما تسبب في تعطيل عدد كبير من أجهزة الحاضنة. وتخوّف أبو حامدة من الوضع القائم والمتكرر في القسم، إذ إنّ الأزمة قد تتسبب في احتكاك كهربائي للأجهزة يؤدّي إلى تعطلها، وهي نفسها الأجهزة التي تحافظ على عشرات من أرواح الأطفال يومياً. وقال في تصريحات صحافية سابقة إنّهم يعمدون إلى تقييم وضع الأطفال بعد الولادة، للقيام بما يلزم في حال كان المولود يعاني من أيّ خلل.

وأشار أبو حامدة إلى أنّهم نجحوا في خفض معدّل وفيات المواليد في الحاضنات، إذ وضع الطاقم الطبي خطة محكمة بدعم من إدارة المستشفى وكذلك الوزارة. كذلك وُضِعت بروتوكولات للحالات التي تستلزم البقاء في الحاضنات لفترة زمنية محددة، ومتابعتها وفق الأنظمة وتطبيقها لتنخفض نسبة الوفيات من 25 في المائة إلى سبعة في المائة خلال العامَين الماضيَين. وشدّد على أنّهم لا يريدون إضاعة ما بنوه بفضل الجهد الدؤوب للطاقم الطبي.
وتفيد بيانات وزارة الصحة في غزة بأنّ حاضنة مجمّع الشفاء الطبي تغطي حالات الولادة الصعبة والطارئة في كل محافظات قطاع غزة، لكنّها تعاني من التكدّس، إذ إنّ عدد الأطفال الذين تستقبلهم كبير.

دلالات
المساهمون