عندما تدفع تقارير إعلامية وأحاديث في الكواليس، قيادة الجيش الجزائري إلى نشر بيان لتوضيح موقفها من المشهد السياسي والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة والطموحات المستقبلية لقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، فثمة ما يدفع إلى التساؤل عن خلفيات هذا التوضيح وعلاقته ببعض التطورات المتسارعة داخل هرم السلطة في الجزائر.
في تفاصيل البيان الجديد الذي نُشر في افتتاحية في مجلة "الجيش" المتحدثة باسم الجيش في الجزائر، بدا الانزعاج واضحاً من قِبل قيادة الجيش من تقارير إعلامية وحديث سياسي زج بالمؤسسة العسكرية مجدداً في عمق استشراف الأفق السياسي للبلاد، وطرح سيناريوهات مستقبلية لمرحلة ما بعد بوتفليقة، يكون فيها قائد أركان الجيش لاعباً رئيساً في هذه المرحلة. وبقدر ما أزعجت هذه التقارير قيادة الجيش، والتي وصفتها بـ"محاولات يائسة لزرع الفوضى وإثارة الفتنة والانقسام في صفوفه عبر نشر قصص من نسج الخيال"، بقدر ما دفعتها إلى تجديد إعلان موقفها بوضوح، حيال الالتزام السياسي مع بوتفليقة، من خلال التأكيد على الوفاء بالمهام الدستورية ووجود "انسجام بين الجيش والشعب الجزائري والوفاء للوطن والمهام الدستورية هم أقوى وأعمق من أن تنال منهم المحاولات اليائسة لزرع الفوضى والانقسام"، والتي تستهدف بحسب بيان الجيش "المساس بالمصداقية والوحدة والانضباط وتجند الجيش الجزائري للقيام بمهامه الدستورية".
وأكد بيان الجيش أنه "بعد فشل محاولات يائسة سابقاً، لا تتوانى أطراف اعتادت الصيد في المياه العكرة، عن المبالغة في الأوهام، وذلك بخلق قصص من نسج الخيال". وشدد البيان على أن الجيش بمختلف مكوناته وهياكله لن يتأثر بهذه التقارير، موضحاً أنه "في الوقت الذي تتعالى فيه هذه الأصوات من وقت إلى آخر لمحاولة زرع النميمة والفتنة، يواصل الجيش الوطني القيام بمهامه الدستورية بكل إصرار ومثابرة من أجل المحافظة على السيادة الوطنية وسلامة التراب الوطني".
وتعليقاً على البيان التوضيحي لقيادة الجيش، يقول رئيس القسم السياسي في صحيفة "الخبر" الجزائرية محمد شراق، إن "التناول السياسي للمؤسسة العسكرية ليس جديداً في الجزائر، لكن هذه ثالث مرة يعتمد فيها الجيش على مجلته الشهرية لتوضيح موقفه من دعوات التدخّل التي يطلقها سياسيون، وعلى رأسهم جزء من المعارضة"، ملاحظاً هذه المرة أن "حرص الجيش على تذكير الصحافة والسياسيين، ليس له ما يبرره، في شق مطالبات التدخّل، إلا ما تعلق بمقالات إعلامية تتحدث عن خلاف بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الجيش، على الرغم من أن المؤسسة العسكرية في الجزائر ظلت متحفظة إزاء الجدل السياسي، لإعطاء الانطباع أن عهد تدخّل الجيش قد ولى".
اقــرأ أيضاً
ومنذ الوعكة الصحية التي ألمّت ببوتفليقة في إبريل/نيسان 2013، والتي نُقل على إثرها إلى مستشفى فال دوغلاس العسكري في باريس، وظل فيه مدة 81 يوماً حتى يوليو/تموز من العام نفسه، كان النقاش السياسي في الجزائر محتدماً، وسط مطالبات من قوى سياسية بإقرار حالة الشغور الدستورية لمنصب الرئاسة، ومطالبة الجيش بالقيام بدور في ضمان انتقال سلس للسلطة. لكن الجيش رفض حينها هذه المطالبات، وجدد موقفه بعدم التدخّل في الشأن السياسي. وتجدد الجدل بهذا الشأن عام 2014، عندما بدأ النقاش في البلاد حول الاحتمالات بشأن البديل الممكن لبوتفليقة، وطرح اسم قايد صالح في السياق، استناداً إلى ما يُزعم أنه تصريح له في اجتماع خاص، قال فيه: "لمَ لا أكون رئيساً، هل السيسي أفضل مني". وهو التصريح الذي استندت إليه وسائل إعلام في الربط بين الحضور الإعلامي والكثافة غير مسبوقة في الزيارات الميدانية لقائد أركان الجيش، وبين ما تعتبره طموحاً شخصياً وتطلعاً من قايد صالح لخلافة بوتفليقة. وتحدثت هذه التقارير عن معسكرين داخل السلطة، يستقوي أحدهما بسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري، والثاني بقائد أركان الجيش المدعوم بالأمين العام السابق لحزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم عمار سعداني، وفق هذه التقارير.
ويعتقد المحلل السياسي محمد شراق، أن قايد صالح ربما وجد نفسه في عين الإعصار، بسبب كثرة الحديث، خصوصاً من وسائل إعلام أغلبها أجنبية، عن مسألة نيته خلافة بوتفليقة منذ عام 2014، لكن الجيش وقتها لم يوضح الأمور ولم يكذّب القصة، ما دفع للاعتقاد أن قايد صالح كان يسعى فعلاً للترشح، لكن قيام الرئيس بالتغييرات الجوهرية في الاستخبارات والجيش منذ عام 2014، وعلى رأسها تنحية قائد جهاز الاستخبارات الجنرال توفيق، جعل قايد صالح يتراجع. ويضيف شراق أن الظهور الأخير لبوتفليقة في زياراته الميدانية، جعل قائد أركان الجيش وعدداً من الأطراف يعيدون حساباتهم، بحكم أن الرئيس الجزائري ما زال يتحكم في الأمور ولا مجال للمناورة أمامه، وهو ما دفع صالح إلى توضيح موقفه وإعلان التزامه مع بوتفليقة.
وما يؤكد سعي قائد أركان الجيش إلى توضيح موقفه بشأن الجدل المثار في سياقات سياسية معينة وتجديد التزامه مع بوتفليقة، عبر بيان غير موقّع في المجلة الرسمية للمؤسسة العسكرية، تزامنه مع عودة الجدل بشأن الوضع الصحي للرئيس الجزائري خلال الأيام الأخيرة بعد نقله مجدداً إلى مستشفى في غرونوبل الفرنسية، وبروز تقارير عن قرب إعلان بوتفليقة إجراء تغييرات في هرم قيادة الجيش وإحالة الفريق قايد صالح إلى التقاعد وتعيين قائد القوات البرية مكانه. ويأتي ذلك أيضاً تزامناً مع إطاحة بوتفليقة بالأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" الذي يحوز على الأغلبية في الحكومة والبرلمان، ويُعدّ بوتفليقة رئيساً له، إذ كان سعداني من بين الشخصيات المحسوبة على جناح قائد أركان الجيش، واعتُبر أبرز ممهدي السجاد الأحمر لقائد الجيش في حال حدثت تطورات تتعلق بشغور منصب الرئاسة لسبب أو لآخر. وربما استشعر محيط بوتفليقة هذه المحاولات منذ إرسال قائد أركان الجيش في منتصف عام 2014، رسالة تهنئة إلى سعداني بعد فوزه بالأمانة العامة للحزب، وكانت أول مرة تُرسل فيها قيادة الجيش رسالة تهنئة إلى زعيم حزب سياسي.
في تفاصيل البيان الجديد الذي نُشر في افتتاحية في مجلة "الجيش" المتحدثة باسم الجيش في الجزائر، بدا الانزعاج واضحاً من قِبل قيادة الجيش من تقارير إعلامية وحديث سياسي زج بالمؤسسة العسكرية مجدداً في عمق استشراف الأفق السياسي للبلاد، وطرح سيناريوهات مستقبلية لمرحلة ما بعد بوتفليقة، يكون فيها قائد أركان الجيش لاعباً رئيساً في هذه المرحلة. وبقدر ما أزعجت هذه التقارير قيادة الجيش، والتي وصفتها بـ"محاولات يائسة لزرع الفوضى وإثارة الفتنة والانقسام في صفوفه عبر نشر قصص من نسج الخيال"، بقدر ما دفعتها إلى تجديد إعلان موقفها بوضوح، حيال الالتزام السياسي مع بوتفليقة، من خلال التأكيد على الوفاء بالمهام الدستورية ووجود "انسجام بين الجيش والشعب الجزائري والوفاء للوطن والمهام الدستورية هم أقوى وأعمق من أن تنال منهم المحاولات اليائسة لزرع الفوضى والانقسام"، والتي تستهدف بحسب بيان الجيش "المساس بالمصداقية والوحدة والانضباط وتجند الجيش الجزائري للقيام بمهامه الدستورية".
وتعليقاً على البيان التوضيحي لقيادة الجيش، يقول رئيس القسم السياسي في صحيفة "الخبر" الجزائرية محمد شراق، إن "التناول السياسي للمؤسسة العسكرية ليس جديداً في الجزائر، لكن هذه ثالث مرة يعتمد فيها الجيش على مجلته الشهرية لتوضيح موقفه من دعوات التدخّل التي يطلقها سياسيون، وعلى رأسهم جزء من المعارضة"، ملاحظاً هذه المرة أن "حرص الجيش على تذكير الصحافة والسياسيين، ليس له ما يبرره، في شق مطالبات التدخّل، إلا ما تعلق بمقالات إعلامية تتحدث عن خلاف بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الجيش، على الرغم من أن المؤسسة العسكرية في الجزائر ظلت متحفظة إزاء الجدل السياسي، لإعطاء الانطباع أن عهد تدخّل الجيش قد ولى".
ومنذ الوعكة الصحية التي ألمّت ببوتفليقة في إبريل/نيسان 2013، والتي نُقل على إثرها إلى مستشفى فال دوغلاس العسكري في باريس، وظل فيه مدة 81 يوماً حتى يوليو/تموز من العام نفسه، كان النقاش السياسي في الجزائر محتدماً، وسط مطالبات من قوى سياسية بإقرار حالة الشغور الدستورية لمنصب الرئاسة، ومطالبة الجيش بالقيام بدور في ضمان انتقال سلس للسلطة. لكن الجيش رفض حينها هذه المطالبات، وجدد موقفه بعدم التدخّل في الشأن السياسي. وتجدد الجدل بهذا الشأن عام 2014، عندما بدأ النقاش في البلاد حول الاحتمالات بشأن البديل الممكن لبوتفليقة، وطرح اسم قايد صالح في السياق، استناداً إلى ما يُزعم أنه تصريح له في اجتماع خاص، قال فيه: "لمَ لا أكون رئيساً، هل السيسي أفضل مني". وهو التصريح الذي استندت إليه وسائل إعلام في الربط بين الحضور الإعلامي والكثافة غير مسبوقة في الزيارات الميدانية لقائد أركان الجيش، وبين ما تعتبره طموحاً شخصياً وتطلعاً من قايد صالح لخلافة بوتفليقة. وتحدثت هذه التقارير عن معسكرين داخل السلطة، يستقوي أحدهما بسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري، والثاني بقائد أركان الجيش المدعوم بالأمين العام السابق لحزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم عمار سعداني، وفق هذه التقارير.
وما يؤكد سعي قائد أركان الجيش إلى توضيح موقفه بشأن الجدل المثار في سياقات سياسية معينة وتجديد التزامه مع بوتفليقة، عبر بيان غير موقّع في المجلة الرسمية للمؤسسة العسكرية، تزامنه مع عودة الجدل بشأن الوضع الصحي للرئيس الجزائري خلال الأيام الأخيرة بعد نقله مجدداً إلى مستشفى في غرونوبل الفرنسية، وبروز تقارير عن قرب إعلان بوتفليقة إجراء تغييرات في هرم قيادة الجيش وإحالة الفريق قايد صالح إلى التقاعد وتعيين قائد القوات البرية مكانه. ويأتي ذلك أيضاً تزامناً مع إطاحة بوتفليقة بالأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" الذي يحوز على الأغلبية في الحكومة والبرلمان، ويُعدّ بوتفليقة رئيساً له، إذ كان سعداني من بين الشخصيات المحسوبة على جناح قائد أركان الجيش، واعتُبر أبرز ممهدي السجاد الأحمر لقائد الجيش في حال حدثت تطورات تتعلق بشغور منصب الرئاسة لسبب أو لآخر. وربما استشعر محيط بوتفليقة هذه المحاولات منذ إرسال قائد أركان الجيش في منتصف عام 2014، رسالة تهنئة إلى سعداني بعد فوزه بالأمانة العامة للحزب، وكانت أول مرة تُرسل فيها قيادة الجيش رسالة تهنئة إلى زعيم حزب سياسي.