أطلقت وزارة الدفاع العراقية، اليوم الثلاثاء، حملة عسكرية واسعة بدعم من الطيران الأميركي في صحراء الأنبار، غربي البلاد، والتي تحدها دول السعودية والأردن وسورية، بمشاركة آلاف الجنود ووحدات مدرعة تهدف لتتبع خلايا وجيوب تنظيم "داعش" الإرهابي، في المنطقة الصحراوية التي تحولت إلى قاعدة تجمع لفلوله المنسحبة من المدن التي يتم تحريرها من قبل العراقيين.
يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه مدن أعالي الفرات الثلاث المجاورة للصحراء (القائم وعنّة وراوة) تحت سيطرة التنظيم، رغم محاصرتها من قبل القوات العراقية منذ شهر وفرض حصار خانق عليها.
وقال قائد عمليات الجيش العراقي في الأنبار، اللواء الركن محمود الفلاحي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن "قطعات الجيش العراقي بدأت، اليوم، عمليات تفتيش في الصحراء الغربية لتطهيرها".
وأوضح أن "العمليات تشمل القاطع الممتد من منطقة الكيلو 160 كيلومتر غربي الرمادي وصولاً إلى 100 كيلومتر، امتداداً إلى داخل مدينة الرطبة الحدودية، بما في ذلك وادي حوران". ولفت إلى تحقيق تقدم في عمليات التمشيط، والعثور على موقع لـ"داعش" ومخزن سلاح كبير.
واعتبر خبراء عسكريون أن هذه العمليات تأتي تمهيداً لعمليات عسكرية مرتقبة لاستعادة السيطرة على مدن عنّة وراوة والقائم، غرب المحافظة، والتي لا يزال تنظيم "داعش" يسيطر عليها منذ منتصف عام 2014.
وفي هذا السياق، قال الخبير العسكري باسل الحديثي، لـ"العربي الجديد": "إن هذه العمليات تستهدف مسح الصحراء الغربية وتدمير بعض الأوكار لإرهابيي تنظيم داعش، الذين يتخذون من بعض المناطق الصحراوية الشاسعة مقرات لهم، فضلاً عن وادي حوران، الذي يعد أحد أهم وأبرز الأماكن التي يلجأ إليها مسلحو التنظيم".
وأضاف أن "عمليات التفتيش هذه تستهدف حصر التنظيم في المدن الثلاث ومنع أي إمدادات أو مساعدات، كما تهدف لمنع تحول الصحراء إلى وكر تقليدي لداعش، عبر إفقاده عامل الاستقرار فيها، من خلال تلك الهجمات التي ينفذها الجيش".
وتتزامن عمليات تفتيش الصحراء الغربية من قبل قطعات الجيش العراقي، ضمن قيادة عمليات الأنبار، مع نهاية معارك تلعفر (شمالاً)، وسيطرة القوات العراقية عليها بشكل كامل.
وتمتلك محافظة الأنبار حدوداً صحراوية مع سورية والأردن والسعودية، تبدأ بالحدود السورية، شمال غرب البلاد، بمسافة تصل إلى 605 كيلومترات، ثم الحدود الأردنية بنحو 181 كيلومترا، فيما تمتد حدودها مع السعودية لأكثر من 400 كيلومتر.
ويتوقع مراقبون أن تركز وزارة الدفاع العراقية والتحالف الدولي في المرحلة المقبلة التي ستعقب استعادة السيطرة على مدينة تلعفر الاستراتيجية، شمال البلاد، على مناطق غرب الأنبار في عمق الصحراء لتطهيرها ومراقبتها منعاً لاستغلالها من قبل مسلحي التنظيم مرة أخرى كمنطلق للعبور إلى المدن المحاذية للصحراء الغربية.
لكن هذه العملية ليست الأولى لملاحقة عناصر تنظيم "داعش" في عمق الصحراء، بل سبقتها عمليات مشابهة خلال السنوات الماضية، لكنها لم تسفر عن الحد من تدفق المسلحين إلى المدن القريبة من الصحراء الغربية.
بحسب العقيد في الجيش العراقي محمود الدليمي، فإن "هذه العملية مشابهة لعمليات سابقة جرت في السنوات الماضية، وتشمل مسحا ميدانيا وتحديد أماكن تخفي المسلحين والقضاء عليهم، سواء في قلب الصحراء أو في وادي حوران الممتد من سورية إلى داخل الأنبار وصولاً إلى السعودية".
ورأى الدليمي أن "عمليات التطهير وتفتيش الصحراء لن تتوقف، حتى بعد استعادة السيطرة على مدن عنّة وراوة و القائم، لأن مهام الجيش حينها تستمر في التفتيش والتطهير، ثم وضع الخطط اللازمة لمنع عودة المسلحين إلى تلك النقاط والعقد الاستراتيجية المهمة".
وتشكل محافظة الأنبار (غرباً) مساحة تقدر بنحو 33 في المائة من مساحة العراق الكلية، ونسبة الأراضي الصحراوية منها حوالي 70 بالمائة، بحسب المختصين، وتتضمن أودية ومنخفضات ومرتفعات وهضاباً وسهولاً وأراضي وعرة جداً.