الجيش السوداني ودعم الحوار: رسائل إلى كل الأطراف

20 يونيو 2014
وزير الدفاع أكد عدم سماحه بعرقلة الحوار(أرشيفية/أشرف الشاذلي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

دخلت القوات المسلحة السودانية بقوة في المشهد السياسي، عقب انسداد أفق الحوار الوطني الشامل الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير، في يناير/كانون الثاني الماضي.  وبعث الجيش، الأربعاء الماضي، برسالة قوية لكل من يقف ضد الحوار ويعمل على عرقلته داخل منظومة الدولة، مفادها أن الحوار سيكون "محروساً" من قبله، باعتباره "الحل الوحيد للأزمات"، وصولاً لنتائج تحقق السلام، مؤكداً بأنه "لن يسمح بعرقلته إطلاقاً".

موقف أعلنه وزير الدفاع، الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، خلال تخريج دفعة جديدة من الضباط، وقرأه من ورقة مكتوبة، لتعبر عن رأي رسمي للمنظومة العسكرية، موجهاً رسائل لجهات مختلفة، في مقدمتها جهاز الأمن. وترى بعض الأحزاب المعارضة أن جهاز الأمن هو المعرقل الرئيس لعملية الحوار، باعتبار أن نجاحه قد يضر بمصالحه، لاسيما أن القوى السياسية ظلت تنادي بتخفيض ميزانية الأمن، واقتصار دوره على جمع وتحليل المعلومات ورفعها للجهات المختصة.
وتحمّل المعارضة جهاز الأمن، مسؤولية الإجراءات الأخيرة من اعتقالات لزعماء الأحزاب وإغلاق ومصادرة بعض الصحف وتضعها في سياق "ضرب الحوار".

وكان الأمن قد اعتقل رئيس حزب "الأمة القومي" المعارض الصادق المهدي، وأطلق سراحه، أخيراً، بعفو رئاسي، على خلفية اتهامه إلى جانب رئيس حزب "المؤتمر" المعارض ابراهيم الشيخ، الذي لا يزال في السجن، بـ"تقويض النظام الدستوري والتحريض ضد الدولة" على خلفية انتقادات وجهها الرجلان لقوات الدعم السريع "الجنجويد" بارتكاب انتهاكات في إقليم دارفور وكردفان.

وحصل "العربي الجديد" على معلومات تؤكد أن هيئة الأركان في الجيش السوداني، عبرت عن استيائها من اعتقال المهدي، "قبل أن يفرج عنه، باعتبار أن ذلك يعرقل الحوار، ورأت فيه أمراً سلبياً". 

ومن مصلحة القوات المسلحة السودانية، أن ينطلق الحوار بالفعل، لتتمكن من تطوير نفسها، بعدما أنهكتها الحرب الأهلية التي أنفقت فيها الميزانيات الضخمة التي ظلت ترصدها الدولة لها عاماً بعد عاماً، في الحرب التي لم تدع لها مجالاً لتطوير آلياتها وجعل "البزة العسكرية" جاذبة للشباب، لا سيما أن وزير الدفاع ظل يشكو للبرلمان غياب الميزات التفضيلية والمخصصات لاستيعاب الشباب في المنظومة العسكرية.

ويحظى جهاز الأمن بمخصصات عالية، ويُعَد من الوظائف الجاذبة للبعض، إذ إنه قد يطرح في العام، أكثر من وظيفة يتقدم لها الآلاف طمعاً في مخصصات أفضل.

وقصد الجيش من إعلانه دعم الحوار، توجيه رسالة إلى القوى السياسية الرافضة له، لإقناعها بجدواه، ويعلن بذلك "مدّ يده" بالسلام إلى الحركات المسلحة. 

ويرى الخبير السياسي والأكاديمي الطيب زين العابدين، أن الجيش من ضمن القطاعات المؤيدة للحوار بقوة، بسبب إنهاكه من الحرب التي خاضها ضد المتمردين في مناطق عدة، لفترة طويلة من دون انقطاع. وأكد أن ذلك حدّ من قدراته على التطوير، باعتبار أن الأموال التي تخصصها الحكومة سنوياً تذهب لتمويل الحرب. وأضاف أن "السودان بلد مفتوح، الأمر الذي يتطلب تقنيات عالية في المراقبة والرادارات وغيرها".

ويقول زين العابدين لـ"العربي الجديد"، إن الجيش ينظر إلى الحوار كخيار وحيد، ستكون نتائجه تحقيق السلام الذي يمكنه حينها من تنفيذ مهامه الأساسية في حماية البلاد وسيادتها من التدخلات الخارجية. ويشدد على أن الميزات التي يحظى بها جهاز الأمن، تجد عدم رضى من الجيش باعتباره صاحب المهام الصعبة. ويضيف أنه "ربما يرى الجيش أن جهاز الأمن قد يقف ضد الحوار ويتعمد عرقلته، لا سيما أن نتائج الحوار ستحدّ من تمدده". واعتبر في إعلان دعم القوات المسلحة للحوار أمراً قد يعزز موقف الحوار، ويحرك ماءه الراكد بعد الضربات التي تعرض لها في الفترة الأخيرة.

المساهمون