ويعتبر إقرار قايد صالح بشغور منصب الرئاسة وعدم أهلية الرئيس للاستمرار في منصبه حتى نهاية عهدته في 27 إبريل/ نيسان المقبل، بمثابة خطوة نحو عزل عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان تراجع عن ترشحه للانتخابات الرئاسية لعهدة خامسة، لكنه، أيضا، قرر إرجاء الانتخابات، الأمر الذي اعتبره الحراك الشعبي والمعارضة تمديدا للولاية الرابعة.
ويعاني بوتفليقة من وعكة صحية ألمت به منذ إبريل/ نيسان 2013.
وأكد قائد الأركان الجزائري، في كلمة أمام أطر الناحية العسكرية الرابعة بورقلة نقلتها قناة "النهار" المقربة من السلطة، أنه "يتعين، بل يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة، ويستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري، وهو الحل الذي يضمن احترام أحكام الدستور واستمرارية سيادة الدولة، حل من شأنه تحقيق توافق رؤى الجميع، ويكون مقبولا من كافة الأطراف، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102".
ويبدو من لغة قائد أركان الجيش أن ما يطرحه "نهائي وغير قابل للنقاش" من خلال تأكيده أنه "سيتعين، بل يجب تبني حل"، كما يحاول غلق الباب أمام محاولة المعارضة تشكيل هيئة رئاسية، ويفتح الباب أمام المجلس الدستوري لإقرار حالة الشغور في منصب الرئيس، ثم إحالة هذا القرار إلى غرفتي البرلمان، أي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، لإقراره، قبل إقرار الدستوري نقل صلاحيات رئيس الدولة إلى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.
ودعا جميع الأطراف إلى "تحمل مسؤولياته لحماية الجزائر من أي وضع قد لا تحمد عقباه، إذ يتعين على الجميع العمل بوطنية ونكران ذات، وتغليب المصالح العليا للوطن، من أجل إيجاد حل للخروج من الأزمة حالا، حل يندرج حصرا في الإطار الدستوري، الذي يعد الضمانة الوحيدة للحفاظ على وضع سياسي مستقر".
وتحدث الفريق قايد صالح عن إمكانية استغلال أطراف في الداخل والخارج للمسيرات الشعبية بقوله: "وجب التنبيه إلى أن هذه المسيرات قد تستغل من قبل أطراف معادية في الداخل والخارج، ذات النوايا السيئة، والتي تلجأ إلى القيام بمناورات مشبوهة بهدف زعزعة استقرار البلاد، لكن الشعب الواعي واليقظ والفطن سيعرف كيف يفشل كافة مخططاتها الدنيئة".
وجدد قائد أركان الجيش تعهداته الشخصية والتزام الجيش بـ"الدفاع عن السيادة الوطنية، وحماية الشعب من أية مخاطر". وقال "في هذا الإطار سبق لي في العديد من المرات أن تعهدت أمام الله والوطن والشعب، ولن أمل أبدا من التذكير بذلك والتأكيد على أن الجيش، بصفته جيشا عصريا ومتطورا، قادر على أداء مهامه في الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وحماية الشعب من كل مكروه ومن أي خطر محدق. والجيش سيظل وفيا لتعهداته والتزاماته، ولن يسمح أبدا لأي كان بأن يهدم ما بناه الشعب الجزائري".
وثمن قائد الجيش سلمية المسيرات في الجزائر، واعتبر أن "الوضع في بلادنا يظل حاليا يتميز بمسيرات شعبية سلمية، تنظم عبر كامل التراب الوطني، وتطالب بتغييرات سياسية. وقد تميزت هذه المسيرات، إلى غاية الآن، بطابعها السلمي والحضاري، مؤكدة بذلك المستوى الرفيع للشعب الجزائري ووعيه ونضجه، الذي حافظ على السمعة الطيبة التي تحظى بها الجزائر بين الأمم".
هل يستقيل بوتفليقة؟
إلى ذلك، يتوقع أن يعلن بوتفليقة، في وقت لاحق، استقالته إلى المجلس الدستوري بسبب العجز الصحي، تفاديا لدفع الدستوري إلى تطبيق حالة الشغور، بناء على "حالة العجز غير الإرادي" عبر ملف طبي يقدم للمجلس من أطباء محلفين (إضافة إلى حالة ثالثة يقرها الدستور، وهي حالة الوفاة).
ويتوقع أيضا أن يسبق ذلك الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة، حيث لا يسمح الدستور لرئيس الدولة المتولي مهام رئيس الجمهورية تشكيل أو إقالة الحكومة.
المادة 102 من الدستور الجزائري
"إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع".
يُعلن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي (2/3) أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمة الذي يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة 104 من الدستور.
وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء خمسة وأربعين (45) يوما، يُعلن الشغور بالاستقالة وجوبا حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السابقتين وطبقا لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادة.
في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويُثبِت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتُبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوبا.
يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها تسعون (90) يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية ولا يَحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية.
وإذا اقترنت استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، ويثبت بالإجماع الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وحصول المانع لرئيس مجلس الأمة.
وفي هذه الحالة، يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة.
يضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبينة أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقا للشروط المحددة في الفقرات السابقة وفي المادة 104 من الدستور، ولا يمكنه أن يترشح لرئاسة الجمهورية.